الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبريل موقد الثورات وعيد ميلادي الثاني والثلاثون

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2020 / 4 / 6
سيرة ذاتية


يأتي شهر أبريل كل عام، ونتذكر تاريخ مضيئ من ثورات شعبنا الميمون، وفيه تتفتح زهور الحرية، وزهرة عيد ميلادي الثاني والثلاثون، وهو عيدي الثانِ من العام الأول الذي أعقب سقوط النظام الإنقاذي الإنقلابي العنصري الإقصائي الذي إستولى علي مقاليد الحكم في السودان بعد عامين فقط من تاريخ ميلادي الذي كان في السادس من أبريل عام 1988م في مدينة جوبا السودانية آنذاك، وعاصمة دولة جنوب السودان الآن، وللجنوب وشعبه الطيب حكايات ممتدة من الحب والحزن لا تحدها حدود ولا يدرك البصر مداها، فقد عشت أسوء لحظات حياتي بين المعتقلات والملاحقات السياسية والأمنية في عهد النظام الدكتاتوري الإسلاموعسكري الذي حول حياة هذا المجتمع لكابوس مشاهده المأساوية لا تطاق، واليوم فقط، سوف أحتفل بعيد ميلادي في "سودان الثورة" بعيداً عن الطقس الإنقاذي السيئ وضجيج سيارة البوليس او جهاز الأمن، وسأحتفي في جو جميل تحقق فيه حلمي في العودة لمدينة جوبا - عاصمة جمهورية جنوب السودان مفاوضاً ضمن وفد الحركة الشعبية من أجل تحقيق حلم السلام الشامل للسودان، وقد كنت في غاية المسرة حين إلتقيت برفيقات ورفاق درب الكفاح الحركي التحرري، وهناك، في أرض البطولات وقفت، وبين أشجار الباباي، نثرت "سلام الثورة المجيدة" علي الأرض التي ولدت فيها ويرقد عليها رفيقي القائد جون قرنق ورفاقه القادة وليام نون ووليام قوبيك وغيرهم من الفرسان الشجعان، حيث لوحت "بشارة النصر" وقلت لهم في صمتي "أرقدوا بسلام فقد إنتصرت ثورتكم"، لذلك أشعر أن هذا العام مميزاً وجميلاً للغاية سيما مع تباشيير إقتراب تحقق أحلام شعبنا وإيانا في السلام الشامل الذي سينهي كروب حروب الدكتاتورية ويبني سودان جديد ديمقراطي موحد يضمن الحقوق والحريات الإنسانية والسياسية والمدنية للجميع علي أساس المواطنة بلا تمييز.

أبريل، هو شهر الثورات الكبرى في تاريخ شعب السودان، فقد أنجز شعبنا العظيم في 6 أبريل 1985م ثورة أطاح من خلالها بنظام إنقلابي متسلط ومستبد، ولكن تلك الثورة لم تجد فرص تحقيق أهدافها النبيلة، وإستمر كفاح هذا الشعب الجسور مقاوماً بكل صبر وصمود حتى إنتصرت إرادته الحرة في موكب 6 أبريل 2019م الذي هتف عالياً "حرية سلام وعدالة" و قد قال الشباب قولتهم الشهيرة "تسقط بس"، وشق الشعب طريقه نحو تحقيق أهداف الثورة المجيدة متطلعاً للحرية والسلام والعدالة والمواطنة بلا تمييز ولا يبالي بذلك الرصاص الذي يتساقط علي رؤس وصدور الثوار مثل زخات المطر، فلم يتراجع الثوار خطوة إلي الوراء حتى سقط النظام الإنقاذي الدكتاتوري الذي جسم علي أرض بلادنا سنوات بقوة المدافع التي أباد بها الكائنات جميعها مطبقاً سياسة الأرض المحروقة، وكان هذا الإنتصار الباهر يعتبر جزء من كفاح طويل لجيل جديد عرف معنى الحياة والحرية وخاض معارك نضالاته الضارية مجرباً كافة آليات التغيير المتاحة ومنها المقاومة المسلحة والسلمية والحراك الدبلماسي الخارجي الذي كشف قبح النظام ومساوي سياسته الكارثية في أهم محافل المجتمع الإقليمي والدولي الذي تهيئ لمساندة الشعب السوداني، ومع إنبلاج بريق بيارق أحرار وحرائر بلاد السودان الصامديين في الساحات صار بالإمكان إصلاح ما خربته السلطة الإنقاذية في كل تفاصيل الحياة، ونحن إذ نتطلع لتشييد سودان جديد موحد طبقا لشعارات الثورة "الحرية والسلام والعدالة"، وتدفعنا الآمال لبناء مجتمع إنساني تعاوني متطور يتغذى بالسلام ويكتسب مناعته من الحرية ويبصر طريقه بعين العدالة، وقد باتت الفرصة متاحة لتحقيق هذا الحلم لنلحق بركب الدول المتقدمة في مجالات السياسة والإقتصاد والعلوم والمعارف والفنون الكونية الجديدة.

إن أناشيد أبريل الجميلة ستبقى خالدة في أذهان ملايين السودانيين، وذاكرة التاريخ متجددة وغير قابلة للمسح أبداً، وسنغني للزمان الآتي والوطن الجميل بفخر وإعتزاز ونردد دوماً في كفاح لا يتوقف "عائد عائد يا أبريل" لأننا حينما هتفنا ونادينا نبض أبريل الذي حسبوه قد توقف منذ سنوات خلت، إستمع للنداء، وعاد نابضاً فينا ومضياً كشمس الصباح في أبهى مظهر، وقد أتانا حباً أبريلياً أنيقاً تجلى من سماء حلم الحرية والسلام والعدالة علي جباه المهمشيين والكادحيين في الأرض، فالسلام علي من رفعوا رايات الكفاح وضخوا دمائهم في شريان السودان وقالوا هيا للفلاح وكانوا جنوداً أوفياء في معارك التحرر الوطني التي خاضوها بجسارة، والآن نحن نمضي بثبات في وثبتنا إلي العهد النوراني الجديد، والثورة عبرت بشبابها أخطر العثرات التي واجهتها وتخطينا معاً عقبات الإنقاذيين الإنقلابيين، وبتنا اليوم في منتصف الطريق، وعلينا أن نواصل الطريق نحو التغيير والتحرر الشامل، ونستطيع سوياً إيجاد الحلول الجزرية للمشكلات الثقافية والسياسية والإقتصادية التي خلفها النظام المباد عبر التفاوض الجاد الذي سينتج السلام العادل والمستدام وهو مدخل أساسي ومحوري لتأسيس أجهزة دولة السودان الجديد، لذلك يجب إنصباب الإهتمام في معالجة آثار الحرب خاصة مظاهر تعدد الجيوش كنتاج لتلك الحقبة التي شهدت تهميشاً ممنهجاً في هوامش السودان، فالإهتمام بالترتيبات الأمنية سيمكنا من هيكلة المؤسسة العسكرية وبناء جيش وطني ومهني واحد يعكس تنوع شعب السودان ويكون مهامه الدفاع عن كل السودانيات والسودانيين، وبينما نحن نمضي نحو السودان الجديد ونمر بهذا المعترك التاريخي نحتاج لفض العنصرة المسيطرة علي سماء السودان بصد خطاب الكراهية وإحكام سد الثقرات باتخاذ قرار حقيقي تجاه قفل مصادر صناعة وتصدير العنصرة والكراهية، وليكن أبريل شهراً يزدهر فيه السلام والعيش السلمي المشترك بين جميع السودانيين، ولنتحد ونعمل بصبر من أجل القضاء علي فيروس كورونا الذي قضى علي حياة الآلاف، ونحن نتمنى السلامة للجميع، فوحدة وقوة إرادتنا سوف يكون جداراً سميكاً من الصمود في مواجهة الكوارث التي تحدق بهذه البلاد، ونأمل أن تنجلي الأحزان قريباً ليعيش شعبنا حياة سعيدة ومستقرة.

"مرحباً بشهر أبريل في موسم الزهر والفراشات التي تعشق الحياة والحرية والسلام".

6 أبريل - 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة