الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن فهد الكورونا

شوقية عروق منصور

2020 / 4 / 6
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


منذ دخلنا في الحجر الصحي الكوروني والزمن لم يعد هو الزمن، تحولنا الى بوصلات تخرج من شرانقها تطير في كل الجهات، تغزو نشرات الاخبار وتحدق بوجوه الأطباء ، أما السياسيين الذين اكتشفنا أنهم لا يعرفون شيئاً وان عنترياتهم كانت في مجال الصراخ والسلاح، فقد كانت حياة الانسان بالنسبة لهم تتدلى من الميكرفونات في زمن المصالح الانتخابية .
أصبح كل واحد منا يحمل بوصلته لأنه أصبح كسيحاً في بيته يراقب أرقام الموتى الذين صرعتهم الكورونا، ويحتفظ على رف من خشب التفاؤل بعدد الذين أصيبوا وينتظرون الشفاء في المستشفيات.
من " الحب في زمن الكوليرا " حيث فرش الكاتب الكولومبي " ماركيز " عباءة الكوليرا على مساحات العشق في روايته الشهيرة ، التي يطاردها الآن العديد من المثقفين الذين وجدوا أن دهاليز " الكوليرا " التي فجرها ماركيز تشبه دهاليز الكورونا التي أصبحت تلعب معنا لعبة الغميضة ، حيث لا نعرف أين تختبىء؟ وخلف أي لمسة وعطسة وبسمة وغيرها من ابجديات الوجود الإنساني الذي يترجم العلاقات باختراع كافة تعابير الاحتضان .
بقدر ما الكورونا ذلك الفيروس الذي لا يرى بالعين ، أصبحنا نتخيله كجبال ومحيطات وأنهار من الصعب اجتيازها ، حتى لو قمنا بدق مسامير التحدي على جدران الانتظار لا نستطيع خلع الكمامات وتعليقها على تلك المسامير، فقد نسينا صور الخطوات وهي راكضة على الأرصفة والشوارع والطرقات، نسينا صور الموت وهو ينوح ويكذب الميت نفسه وهو يرى الجماهير الغفيرة خلف تابوته جاءت تودعه، الآن الميت يذهب لوحده الى قبره أو برفقة بعض الذين يشفقون على وحدته، نسينا صور قاعات الأفراح وهي تحلق بالموسيقى والوجوه التي تبارك البيوت الجديدة التي ستفتح .
حين شهرت الكورونا سيوفها وأمرت بقطع رؤوسنا كان الاختباء خلف اسلحتنا التي شهرناها أيضاً من الكمامة الى القفازات الى المطهرات، وكبرت مساحة الوقاية .
وفي ظل الوقاية الكورونيه نحاول عدم مغادرة الإنسانية من قلوبنا ومشاعرنا، وهرولت مئات الصور التي تسجل وتوثق التعاضد الإنساني ، من طوابير العطاء المشرف ، إنسانية الأطباء والممرضات والممرضين ، إلى أكياس المأكولات التي توزع على البيوت المحتاجة الى الأغاني وعزف الموسيقى من على الشرفات الى العمال الذين تبرعوا برواتبهم ..الخ .
مئات الصور التي جسدت المواقف الإنسانية، حملت بين طياتها الانسان الحقيقي الذي لم تلوثه مادية العصر، بعيداً عن وجوه الرؤساء والزعماء في العالم الذين أثبتوا أن أصغر طبيب في مستشفى منعزل له أهمية أكثر منهم.
لا نريد أن نعدد أنانية الدول وغباء الرؤساء، ولا نريد أن نصنع من وجه الرئيس الأمريكي ترامب تأشيرة غرور الى عالم الرجل المريض الذي هو الآن بحاجة إلى مصحة نفسية ، لأن هناك عشرات من الزعماء والرؤساء - مثل نتنياهو - يقفون بالدور للدخول الى تلك المصحة .
لكن أن يصمت الفنان العربي خاصة المطربين والمطربات ولا يحاولون مد يد العون لمجتمعاتهم في هذه الفترة بالذات، فهو العار الذي لن يمحى في المستقبل، لم نسمع عن مطرب تبرع بجزء من أمواله لضحايا الكورونا - هناك بعض رجال الاعمال تبرعوا لشعوبهم بمبالغ كبيرة - لكن لم نسمع عن فنان أو مطرب العربي ساهم ويساهم في حرب الكورونا بأمواله التي حصل عليها من جيوب الشعب ، قد نجد بعض الإعلانات في الفضائيات من قبل بعض الفنانين حول الوقاية من الكورونا ، لكن التبرع بمبالغ مالية لم نجد – خلال الحروب المصرية الإسرائيلية كان هناك مشاركة للعديد من المطربين في جمع التبرعات من خلال الحفلات الغنائية للتمويل الحربي نذكر ام كلثوم وعبد الحليم وغيرهم - .
واذا كان المثل يؤكد ان الكلام من ذهب والسكوت من فضة ، الفنانة الكويتية " حياة الفهد" أصرت أن يكون كلامها من بقايا الحديد المرمي على الطرقات، إذ طالبت عبر لقاء معها في احدى الفضائيات بطرد جميع الوافدين على الكويت ، أي جميع العمال من الوطن العربي ، لأن مستشفيات الكويت الآن يجب أن تعالج المواطن الكويتي فقط أما الوافد فعلى الحكومة الكويتية طرده ، منطق فنانة عليها أن تحمل الرسالة الإنسانية تتفوه بهذا الشكل العنصري ، مع العلم لقد سبقها بعض السياسيين الذين طالبوا بموت كبار السن للحفاظ على حياة الشباب لأن عدد الأجهزة التنفسية لا يتحمل الاعداد الكبيرة من المرضى.
لم أعرف سيرة الفنانة الكويتية حياة الفهد – يقال أنها من البدون - لكن الذي نعرفه أن الذي بنى الكويت والانسان الكويتي هم الوافدين، من فلسطينيين ومصريين ولبنانيين وسوريين وغيرهم .
ونعرف أكثر ان التاريخ سيقف ويكون حازماً عندما يشير الى زمن جديد زمن قبل الكورونا وزمن بعد الكورونا ، لأن الكثير من الأقنعة الدولية والشخصية سقطت والكثير من الدموع والأوجاع حفرت في النفوس ،و سنشعر بالارتباك عندما نسافر الى إيطاليا – التي تمتعت بطبيعتها وسحر تماثيلها وبناياتها القديمة – لأن صور التوابيت التي كان في داخلها ضحايا الكورونا ستثير في نفوسنا الأسى والحزن وكذلك الضحايا في اسبانيا وغيرها من الدول التي طاردتها لعنة الكورونا ، لن تمحى الصور بسهولة ممحاة عابرة ، ستكون مشاعرنا السياحية مصابة بانفصام الفرح ، لأن في عمق الفرح هناك يرقد جنين الحزن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات