الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار قديم مع المغنى الفلبينى فريدى اجيلار أيام ثورة إدسا 1986

سعيد العليمى

2020 / 4 / 7
الادب والفن


حوار قديم مع المغنى الفلبينى فريدى اجيلار أيام ثورة إدسا 1986
من قصر الرئاسة تجولت الاغانى !
إعتلى المغنى الفلبيني الشاب الذى لم يتجاوز الثانية والثلاثين عاما خشبة المسرح تمهيدا لتقديم عرضه اليومي في بيت الأقزام بشارع مابينى ... إزدحم المكان بأجانب من معظم البلدان الآسيوية المحيطة فضلا عن الأوروبية ، إما تصادف وجودهم بالبلاد فى ذلك الحين او انهم ا
أتوا خصيصا ليتابعوا عن كثب تطور الصراع الدائر حول الرئاسة بين ماركوس وكورى أكينو ...فى صباح ذلك اليوم بالذات بدأت الانتخابات فى جو متوتر لم يخلو من صدامات وتوترات مسلحة ، وتوقع جمهور مغنى المعارضة الفلبينيى ألا يتمكن فريدى من ان يؤدى عرضة اليومي .. كان تحديه للنظام قد بلغ ذروته وكان بالتالى يعرض حياته لمخاطر الإغتيال ... الأمر المألوف فى الحياة السياسية الفلبينية .. وكانت المفأجاة انه أتى بعد أن كثرت التخمينيات لتأخرة ...صعد فريدى الى خشبة المسرح وسط التصفيق الحاد لجمهوره الذى رسم بأصابعه علامه المعارضة ( واصل النضال) ...إنحنى له محييا وتوقف لوهلة قبل أن يبدا الغناء ..وفى صوت عميق مؤثر يخلو من الادعاء قال ( إستيقظيت اليوم فى الخامسة صباحا لممارسة حق الاقترع انا وأسرتى ...وصلنا الى المقر الانتخابى الذي إعتدنا أن ندلى فيه بأصواتنا ... قالوا لنا إن أسماءنا ليست هناك وأنها على الأغلب فى أحد المقرات الانتخابية البعيدة .. ذهبنا الى هناك بعد معاناة ، وبحثنا فى القوائم فلم نجد أسماءنا فأحالونا الى مكان أخر.. وهناك وكان ذلك قبل انتهاء موعد الانتخابات بساعة وجدت اسمى فقط ، ولم أجد اسم أحد من أفراد اسرتى ، وقيل لى لابد إذن ان أسماءهم مسجلة فى مقاطعاتهم الأصلية ! الأمر الذي يستغرق من افراد اسرتى يوما كاملا للوصول الى هناك !! وهكذا ترون كيف برماركوس بوعده فيما يتعلق بنزاهة الانتخابات .. أفاق !!
كان هذا هو لقاؤنا الأول مع فريدى اجيلار فى تلك الأيام التى كان فيها واحدا من المحرضين الاوائل على إسقاط ماركوس سواء بأغانيه التى لاقت انتشارا واسعا داخل الفلبين أو خارجها فى طبعاتها الدولية ، أو بإسهامة المباشر فى الدعاية السياسية للسيدة أكينو فى المظاهرات والمسيرات والمؤتمرات الانتخابية ..إنه يرى أن للفن دورا خطيرا في التهيئة للتغيرات الاجتماعية ..وأحيانا الى حد المبالغة حين يعتبره العامل الرئيس ..وهنا كان لقاؤنا الثانى معه فى منزله بمانيلا الجديدة حيث جرى هذا الحوار .
-إنهم يسمونك الآن بطل العهد الجديد فكيف وصلت الى المكانة الفنية التى بلغتها الآن؟
أنت تعرف بلا شك حب الشعب الفلبينى للموسيقى والغناء ، ومنذ أن كنت طفلا كان حلمى ان اكون عازف جيتار ومغنيا ، لذلك لم اكترث كثيرا بالمدرسة التى كنت اتركها لممارسة هوايتى ، وكان إصراري ودأبى من جانب وتعبيري وعدم إغترابى عن شعور الفلبينى العادى هو ما أوصلنى الى المكانة التى بلغتها فأنا لست طبعة محلية من الموسيقيين او المغنيين الغربيين ، فأنا أغنى باللغة القومية الفلبينية أصلا ، وإن كانت هناك طبعات دولية بالانجليزية او اليابانية لاغنياتى .
- يروج البعض ان ايميلدا ماركوس قد ساعدتك حتى اصبحت مشهورا وأنك كنت على صلة وثيقة بقصر الرئاسة فما تعليقك على ذلك؟
فى الواقع أننى وقبل أن أشتهر إشتركت فى مهرجان للأغنية بمانيلا تحت رعاية إيميلدا وقد قررت لجنة التحكيم ان تمنح جائزة المهرجان لمغنى واحد ..أعنى الجائزة الأولى ، وقد قررت منحى الجائزة الثانية عن أغنيتى (طفل ) ولكن كان لايميلدا رأى أخر فقد أعلنت فى اكثر من مناسبة أن أغنيتى كانت تستحق الجائزة الأولى ... وفيما بعد راجت هذه الاغنية رواجا كبيرا ..وبالطبع كنت أدعى أحيانا الى قصر الرئاسة وتوثقت صلتى بأسرة الرئيس ماركوس ، وكمغنى فى مقتبل حياتى كنت أشعر بالفخر والاعتزاز بتلك العلاقة ..كما أننى لم أكن أفكر بنوعية االنظام الذى نعيشه .. وكنت شابا عاديا كالأف الشباب.

- متى جرى التحول فى علاقتك بقصر الرئاسة؟
عقب اغتيال نينو أكينو مباشرة ، فهناك حدث قد يقع يكثف فى لحظة استثنائية مظالم نظام ما .. لقد كان بالنسبة للكثيرين وأنا منهم إغتيال أكينو هو هذا الحاد ث .. لقد صدمت ، وشعرت بأن العدل قد غاب عن بلادى وكان ذلك بمثابة نقطة تحول فى حياتى ، اذ بدأت مراجعة كل شئ ..فأنا لم اهتم فى حياتى كلها بالسياسة... كنت شابا عاديا امارس ما يمارسة الشباب العاديون ..وكما قلت فإن الميلاد الحقيقي لاهتمامى السياسي بدأ بإغتيال نينوى الذى كان له طابع درامي ومأساوي ... وهو الأمر الذى دفعنى دفعا الى مراجعة موقفى من ماركوس وقد أدى ذلك الى إنغماسي فى تدعيم المعارضة .
- ماذا كان موقف الرئاسة من التحول الذى جرى لك ؟
فى البداية كانت هناك محاولات لابعادى عن الارتباط بالمعارضة ، فعرضوا على ان اذهب فى رحلة حول العالم وأن أقيم حفلات للتعريف بالفن الفلبينى ، كل ذلك من خلال ميزانية مفتوحة ، كما عرضوا على المساهمة فى الاستديو الخاص الذى كنت أنوى إنشاءه ، ولكنى بالطبع لم أقبل هذا .. فقد كان الثمن معروفا ولم اتراجع رغم أننى حوصرت فى وسائل الاعلام الحكومية والخاصة ولم تجرؤ على اذاعة اغنياتى سوى اذاعة صوت الحقيقة (فريتاس) وخصوصا تلك الأغانى التى ارتبطت بالمعارضة مثل اغنية (وطنى) و( أربط شريطا أصفر حول شجرة بلوط ).

- علام تدور مواضيع أغنياتك؟
ينبغى أن أقول لك أننى أصف نفسي باعتبارى مغنى أغانى الاحتجاج وهى ليست بالضرورة أغنية مناهضة فى كل الأوقات ، وفى الواقع فان اغنياتى متنوعة ولكن معظمها له محتوى إجتماعي او سياسي وعاطفى ..لقد ذهبت خارج مانيلا لأقدم عروضا فى المقاطعات وقد إعتصرنى الألم حين رأيت الفقر الفادح خاصة فى مزارع السكر ، كما رأيت كيف يعانى الأطفال هناك من سوء التغذية ..ولذاأصدرت أغنيتى عنهم أسمها (اطفال النجروس) ، وهناك أيضا أغنية ((العدالة)) وهى عن رجل برئ تم اختطافة فى ظل قانون الطوارئ بلا تهمة حيث القى فى زنزانة مظلمة ، وهناك أغنية (مندوناو) التى تعتبر قتال الفلبينى المسلم مع الفلبينى المسيحي بمثابة نزيف دم الأخوة الذي ينبغي ان يتوقف .

- هل هناك تاريخ لأغانى الاحتجاج فى الفلبين ؟
يمكن ان أدعى بأن أغنية الاحتجاج بدأت معى . وإن كان هناك شبان ممتازون غيري ولكن لم تتح لهم الفرصة للانتشار بعد . ان الفكرة فى أغنية الاحتجاج أنها أغنية لا تلون الواقع بألوان زائفة .. إنها تقول الحقيقة حتى لهؤلاء الذين يحكمون .
- ماهى أخر اعمالك الفنية وأين تعرض الآن؟
ان آخر اصداراتى البوم بعنوان (أفضل أغانى ف.أ) والآخر (الفلبينى) وأنا على وشك الانتهاء من اصدار شريط فيديو للأغانى الخاصة بى . إننى متعاقد الآن على العمل مديرا لمسرح (بوديجا) حيث أقوم بالغناء أيضا وأنا أحب أن أغنى فى هذه الأماكن الشعبية حيث يوجد جمهوري اكثر مما أحب الغناء فى الفنادق الكبري .
- ماذا كان شعورك حين علمت بمغادرة ماركوس الفلبين؟
لا أستطيع أن أقول لك ماذا شعرت بالضبط ، ما حدث هو أن الدموع طفرت من عيني ..ربما تعرف كيف خاطرت بحياتى فى كل مرة اشتركت فيها بمظاهرة أو بمسيرة ..لقد أحسست بأنه كان لتضحياتنا معنى ... وتركت فريدى أجيلا الفنان البسيط المتواضع بلا ادعاء يستعد لرحلة أخرى الى المقاطعات ليغنى احلام شعبه فى العدالة والتحرر.

( نشر فى مجلة بانوراما البحرينية صيف عام 1986 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة ليليان بستاني: دور جيد قد ينقلني إلى أ


.. صانع المحتوى التقني أحمد النشيط يتحدث عن الجزء الجديد من فيل




.. بدعم من هيئة الترفية وموسم الرياض.. قريبا فيلم سعودي كبير


.. المخرج السعودي محمد الملا يتحدث لصباح العربية عن الفيلم الجد




.. الناقد الفني أسامة ألفا: من يعيش علاقة سعيدة بشكل حقيقي لن ي