الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى حياة الفهد

عمر إبراهيم

2020 / 4 / 7
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


راعني ما سمعته من مقالتك بشأن الوافدين، ليس بسبب فظاعته بل بسبب صدوره عنك أنت تحديدا.

قد لا تعرفينني ولكنني أعرفك جيدا. عشت في الكويت طفولتي وكانت أحلا سني حياتي. كنت أنت وسعاد عبدالله أفرادا من عائلتنا الصغيرة، فلا تحلو أمسية دون إطلالتكما على شاشتنا الصغيرة أيضا. علمتني والدتي أن بلاد العرب أوطاني، ولذا، ما إن اشتد عودي حتى تأكدت من أنني أحفظ وطني الكويت سلمت للمجد عن ظهر قلب كما أحفظ اسمي وسورا قصيرة من القرآن الكريم، كما أحفظ النشيد الوطني لكل بلد عربي. علمتني أننا في الكويت لسنا مغتربين بل هي وطننا كما هي فلسطين، وأن الدفاع عن الكويت واجب كما هو الدفاع عن والديّ. عظيمة هي أمي وعظيمة هي البلاد التي أتاحت لها أن تعلمنا ذلك. نشأت ألتهم مجلة العربي كلما صدرت وأتمنى يوما أن أكبر فأكتب فيها.

لم أكن أدرك حينها معنى ظلم ذوي القربى، كل ما عرفته أن فلسطين اغتصبت ويجب أن نرحل حتى نكبر ونعود نحررها. تربيت على أن الكرامة وعزة النفس هي ثروتي وكل ما دونهما دون، وعشت ولله الحمد مرفوع الرأس عالي الجبين، كما هو الفلسطيني حيثما حل وارتحل.

دارت الأيام وما زالت فلسطين مغتصبة، وبينما ينهش أشقاؤنا العرب في جسدها المكبل، تطل الكويت قمرا يفتقد في الليلة الظلماء وتعطيني الأمل بغد تقود البلاد العربية فيه العالم نحو رفعته.

أعاتبك والعتب على قدر المحبة. إن ضاقت الحال بوافد طرق بابك فليس لأنه منقوص. الأرض أرض الله وإن حصد الوافد من عرق جبينه لقمة تقيم أوده فذلك كده وتعبه لا منة وفضلا من أحد. أما إن تسول أو أساء الأدب أو استغل مقامه، فالمنة لله في أن يجعل الكويتيين هم من يعطي لا من يأخذ. يقول القائل، واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت، إليك لا لك عند الناس حاجات. علمي من اعوج مساره، خذي بيده، أدبيه ولكن لا تنبذيه، فلست أفضل منه، ولا فضل بقول إسلامنا إلا بالتقوى.

بقول إسلامنا كذلك، الله سبحانه هو الرزاق، ولن يعجزه أن يسوق للكويتيين المشافي إن احتاجوا لها، بل لعل الإحسان للغريب وعابر السبيل يكون سببا في ألا يحتاج الكويتي المشفى من الأساس. الله لا تعجزه كثرة العدد ولا يُطال رزقه بالتضييق على عباده الذين لولا ظلم بلادهم ما خرجوا منها. مصر تجعل العائدين يدفعون مقابل مقامهم في الحجر، فكيف بالله عليه سيؤدي العامل المصري ثمن مكوثه في الحجر إن لم يجد؟ وكيف يفعل إن أوصدت الكويت بابها دونه؟ لم تتسرعي بل زللت وليس ذلك مقبولا بحقك.

ذلك الإسلام الذي ننادي به يقول ربه "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"، ويقول "والذين لا يتبعون ما أنفقوا منّاً ولا أذى"، فأين نحن منه؟ إن كان ظلم هرة موجبا لجهنم فكيف بظلم ابن آدم؟ ولا حسد يا عزيزتي، فالحسد والله هو الرزاق ضرب من حماقة. لا حسد في نعمة تفضل الرزاق بها على خلقه فهو صاحب الشأن فيمن يعطي وعمن يمنع، إنما هناك غبطة، أغبط الكويت فيها وأرجو الله أن يرزقنا بمثلها، ذاك مرزوق الغانم، والله وتحسدون عليه.

تذكري، إن أعطيت فلست أفضل ممن أخذ، حاجته عندك وحاجتك عند الله، تخيلي لو أن الله سخط علينا بما يرزقنا فكيف سيكون حالنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم