الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي دولة المواطنة أم دولة الطائفية ؟! ح3

صبحي مبارك مال الله

2020 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تناولنا في الحلقة الثانية من المقال المواطنة والطائفية وتعريفهما كمفهومين، كما إستعرضنا الخطط الستراتيجية الخاصة بالأمن القومي الأمريكي والتي إعتمدت على كيفية تفتيت الأنظمة والدول والشعوب وتعميق التعدد المذهبي والطائفي والعرقي من خلال تمكين طائفة معينة ودعمها لقهر بقية المكونات، ثم تطرقنا إلى نظرية (الفوضى الخلاقة) وتناولنا نموذج (لبنان) لدولة المحاصصة الطائفية ومكوناتها، ثم إجرينا مقارنة بين دولة المواطنة والدولة الطائفية،وتابعنا تحرك رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي نحو تشكيل الكابينة الوزارية وعن التحديات التي تواجهه الذي خلصنا له بأن الزرفي لايستطيع الخروج عن التحدي الأكبر وهو منهج الكتل السياسية المتنفذة، منهج المحاصصة الطائفية ولا يمكن تمرير كابينته إلا بعد موافقتها.إن الأزمة العامة التي يعيشها العراق بدأت مع بدأ العملية السياسية التي أرسيت أسسها على الديمقراطية التوافقية وتثبيت نظام سياسي فاشل إعتمد المحاصصة الطائفية والقومية، والنتيجة لم تستطع أحزاب الإسلام السياسي إن تعطي النموذج الناجح في إدارة الدولة الحديثة المعاصرة مع الاحتلال الأمريكي المشرّع من قبل مجلس الأمن عام 2003 والذي لم يؤسس الديمقراطية الحقيقية في البلاد ولم ينفذ وعوده في جعل العراق نموذج الديمقراطية والإنتماء الوطني بل ساعد على تأسيس نظام المحاصصة الطائفية والإثنية وبالتالي إشتد الصراع السياسي بين الأطراف الطامعة في الحكم، ولهذا لم يأتِ هذا النظام كبديل ديمقراطي حقيقي عن النظام الدكتاتوري -الأوتوقراطي السابق وكما رأينا وشاهدنا كيف سيطرت الكتل السياسية الطائفية والقومية على إدارة الدولة فأصبحت هي ومليشاتها دولة داخل الدولة وبالتالي إصيبت مؤسسات الدولة بالشلل والفساد. هذا النظام إستبعد الوطن والمواطنة و إستبعد حكم الشعب وتمسك بالطائفية والمحاصصة ولمدة سبعة عشر عاماً لم يلمس الشعب العدالة ولاالحرص على أمواله ولم ير ويعيش غير المآسي والظلم. وبهذا فقدت الدولة العراقية أهليتها ورعايتها ولم يكن لها دور أو الإعتراف بوجودها من قبل الكتل السياسية الطائفية. عندنا الآن دولة ولكنها فاقدة كل مميزات الدولة وخصائصها وبالدرجة الأولى المواطنة والوطن والدستور والعدالة الإجتماعية والمؤسسات الدستورية وعدم طاعة القوانين، فالشكل العام وجود إطار للدولة ولكن هذه الدولة أصبحت تحت هيمنة الكتل الطائفية المحاصصية والتي إحتكرت كل المناصب الحساسة تحت مسميات أحزابها وبحماية مليشياتها مع تأسيس سجون خاصة بها، فلم يبق دور للدولة . إن الكتل السياسة الطائفية وعلى مختلف أسماءها تَدعَّي الأغلبية الشيعية من الشعب العراقي ولكن في الحقيقة لاتمثلها ولاتهتم بها والدليل على ذلك الحراك الشعبي الجماهيري الذي تحول إلى إنتفاضة كبيرة في الأول من تشرين الأول 2019 في المناطق والمحافظات الجنوبية ومن خلال إدارتها وتبعيتها لإيران وتنفيذ سياستها بحجة المذهب الواحد، نُهبت أموال الشعب وأفلست خزينة الدولة وسيطرة مافيات الفساد عليها وبالتالي جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وأمريكا التي تربطها مع العراق معاهدات وإتفاقية أمنية. إن الكتل السياسية الطائفية لم تستطع أن تتخلى عن عصبيتها الدينية أو تسلك سلوك وطني عراقي أو تضع برنامج من أجل خير العراق كذلك لم تبدِ حرصاً على الوطن وعلى الشعب من أجل تلبية مطاليبه، فهي تفضل تنفيذ أجندات خطيرة ليست في صالح العراق بل إنها لم تقف مع الشعب في أزماته كما يحصل الآن مع محنة كورونا، في الوقت الذي يزداد الوضع المعاشي سوءاً بسبب وباء كورونا، وبدلاً من تقديم المساعدات للعاطلين وتأمين معيشة العوائل العراقية ومساعدة أصحاب الأعمال الحرة والصغيرة، نجدها تلهث وراء حصصها في تشكيل الوزارة أو إفشال أي مسعى نحو تكليف رئيس وزراء مؤقت لمدة عام، وهذا يبرهن على أنانية هذه الكتل لغرض المحافظة على مكاسبها وأموالها، فالتغيير الجذري مطلوب ولابدّ من إعادة العراق على سكة التطور وإستعادة أمواله ومحاكمة الفاسدين وإجراء انتخابات مبكرة والتخلي عن السلاح لصالح الدولة كما هو مثبت في الدستور . أما بالنسبة لرئيس الوزراء المكلف فبعد رفضه من قبل قيادات الكتل السياسية الشيعية بإستثناء التيار الصدري أو سكوته، إستمر في سعيه بالرغم من الإحتجاج بأن التكليف غير دستوري ، في حين أكدت رئاسة الجمهورية على صحة التكليف دستورياً . قام الزرفي بتقديم برنامجه الحكومي إلى البرلمان وطلب تحديد جلسة للتصويت على كابينته الوزارية والبرنامج الحكومي الذي يشمل ثلاثة محاور وهي 1-الاقتصاد 2- الانتخابات والتظاهرات 3-العلاقات الخارجية .كما صرّح(العلاقات مع دول المنطقة والعالم سيعتمد على الاقتصاد ولن أسمح بأن تبنى العلاقات على الصراعات) ثم قال بأن (العراق يمر بكارثة وقد لاتتمكن الحكومة من تأمين كل الرواتب) وتتهم الكتل الشيعية المناهضة لتولي الزرفي الوزارة ، بأنه جاء بدعم أمريكي لتنفيذ مشاريع الولايات المتحدة في العراق . إن الإنقسامات الموجودة بين قيادات الكتل الشيعية بسبب التداعيات التي تفرضها العلاقات بين هذه الكتل والجانب الإيراني فإن العمل أصبح على المكشوف و بيّنَ مدى إرتباط المليشيات بالجهات العسكرية الإيرانية . ولهذا جاء (أسماعيل قاآني ) قائد فيلق القدس الجديد في الحرس الثوري الإيراني لزيارة العراق وإلتقى مع القيادات الشيعية محاولةً منه لتوحيد القيادات الشيعية .فالتدخلات الإيرانية مستمرة في الشؤون الداخلية للعراق في حين الزرفي ذكر بأنه إستلم رسالة من الجانب الإيراني تذكر بأنهم لايرغبون في التدخل في عملية تشكيل الحكومة. السؤال المطروح في حال لم يحصل الزرفي على الأصوات التي تمرركابينته وبرنامجه ، فما هي التوقعات ؟ أولآً : حسب ما يذكر عدنان الزرفي ، بأنه يعتمد على رصيده الجماهيري الذي حصل عليه من خلال عمله كمحافظ ناجح في النجف ، ثانياً : كان منتمياً إلى حزب الدعوة ثم إنسحب منه وأسس حزب الوفاء وإنظمّ إلى تحالف النصر وأصبح رئيس كتلة النصر البرلمانية ثم كُلف بتشكيل الوزارة وهو موضع جدل، فضلاً عن أنه لم يحصل على تأييد ساحات الإعتصام والإحتجاج بسبب عدم إنطباق الشروط عليه . الزرفي إعتمد على تأييد الخط الثاني من قيادات الكتل الشيعية وكذلك على تأييد تحالف القوى العراقية (السنة) بقيادة الحلبوسي والكورد. في حال عدم نجاح الزرفي في الحصول على ثقة مجلس النواب ، فأن ذلك يعني إستمرار الأزمة بعدم وجود وزارة أو حكومة مع فراغ دستوري وسوف يزداد الوضع تعقيداً ومن ثم الدخول في حالة الدوران في المتاهة وسوف نقترب من الهاوية المحتومة. وسيُطرح من جديد إقتراح التشبث ب(عادل عبد المهدي ) المستقيل . كما إن البرلمان سيفقد دوره وتأثيره بعد تصاعد المواقف الإنقسامية. إن الموافقة من قبل الكتل الشيعية ستأتي بإيعاز من إيران بأنها موافقة على الزرفي مع ضمان مصالح إيران ولكن أذا لم توافق إيران فعلى الكتل الشيعية ترشيح شخصية مؤتمنة بدلاً من الزرفي. النقطة المهمة هو الإستجابة لمطالب الإنتفاضة وهذا يشمل عمق النظام من خلال التغيير الجذري والتحول إلى دولة المواطنة والوطن والشروع بتبني الديمقراطية الحقيقية ونبذ نظام الدولة الدينية وآلياتها وإستبعاد تحكم الكتل السياسية الإسلامية، والتنصل عن نظرية ولاية الفقيه الإيرانية والتي لاتلائم الشعب العراقي كما ان الظروف التي تمر بها البلاد وإستفحال الأزمات ستؤدي إلى التدخل الخارجي وتحرك المتآمرين . ومن خلال جميع المعطيات التي مرَّت، فإن العملية السياسية في حالة موت سريري. إن مسؤولية إنقاذ البلاد تقع على الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص