الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلتكن عزلتك حصاداً مثمراً .

يوسف حمك

2020 / 4 / 7
الادب والفن


تشدد مدرسة التحليل النفسي على أن الإنسان في المقام الأول " كائنٌ اجتماعيٌ بالطبع "
أي من خلال روابط محكمة الصلة ، يتقاسمها الناس ، و يستعين بها للتمتع بنكهة الحياة ، كما لذة العيش ، و الشعور بالدعة و العذوبة . مع الحذر الشديد من الركل للاستقلالية و العودة إلى الذات بالقدمين ، أو محاصرتها و منعها من العزلة .

كثيراً ما يكون الاختلاء بالنفس فرصةً للبحث عن حكمةٍ مؤثرةٍ ، بالتحاور مع مكنوناتنا الداخلية و التواصل مع عالمنا الباطني ، ثم الاجتماع مع العقل و مغازلة الفكر ليتصرف بتوددٍ ، و يسدد ماعليه من التزاماتٍ عن طيب خاطرٍ ، فيمنحنا الأنسب و الأجمل و الأرقى . بعيداً عن الانصياع للإملاءات التي تُفرض علينا خارج حلبة ذواتنا .
الانسجام مع ما بداخل حنايا النفس بمثابة إجازةٍ للذات و نقاهةٍ للعقل . يستوجب عليهما انتهاز الوقت للتفاوض و التشاور مع الفكر ، لرسم دربٍ حافزٍ ينقل الذات إلى الأجدر و الأنفع و الأبدع .

يقول كارل يونغ مؤسس علم النفس التحليلي : " لطالما كانت الأعوام التي تبعت فيها صوري الداخلية هي الأهم في حياتي ، بما تقرر كل الأشياء الأساسية "
فالجلوس مع الذات كموسمٍ وفير الثمار ، وبيدرٍ غزير الإنتاج ، يفسح المجال للخيال بحضوره الطاغي ، كما هبوط الإلهام بغزارةٍ ، و الخوض في تفاصيل الإيحاءات بسخاءٍ و براعةٍ ، لإشعال فتيل الإبداع و الابتكار في فضاء النفس الرحب الكتوم .
كما تصبح سيد مزاجك ، و المتحكم بعواطفك و حسن توجيهها .

نعم في فسحة العزلة تستنبط النتائج من مقدمات الذهن ، بعد غزل الأفكار و نسجها ، كما أن التأمل المترف بمثابة ترياقٍ لاكتشاف الصور الباطنية بالموهبة و النبوغ . و للقراءة حصة الأسد في هذا المنحى و الكثير من المتعة و ثراء العقل و رخاء الفكر و رفاه النفس .

و لا أقصد العزلة السلبية التي ترمي الفرد إلى حضن الاكتئاب و الخمول و التبلد - حتى و هو بين حشود الناس - أو الوحدة التي تصعقه بالصدمات النفسية ، و يجعله عبداً مطيعاً للشرود المتسكع ، و خادماً أميناً للذهن المغفل التائه ، أو فقد مورد الانتباه لديه ، فقطع خيط التواصل مع الآخرين و الدمج معهم نتيجة الخلل في سلوكه الطبيعي و صعوبة الاندماج .

أما عزل الناس عن بعضهم بالجملة كما الآن في كل الأصقاع و في جميع بلدان العالم - كإجراءٍ احترازيٍّ لمنع انتشار الكورونا و درء خطره - فإن استمر لأشهرٍ قد يعقبه آثارٌ سلبيةٌ كتفشي البطالة و الاضطرابات الاجتماعية و الخلل النفسي ..... الخ
فمن أراد أن يأخذ العزل و الحجر الصحي و المنزلي محمل الجد ، عليه إعادة حسابه مع زمن الكورونا و جبروته ، و أن يملأ وقته بالنشاطات و المطالعة أو الكتابة ، و جعل عزلته حصاداً مثمراً بالفكر المنتج ، و التعامل مع الأصدقاء و الأقارب ، و التواصل بالآخرين تكنولوجياً ، بعيداً عن الوسوسة و الكآبة . علماً أنك على يقينٍ هي شدةٌ مؤقتةٌ إلى حينٍ و تزول .
ولاسيما أنك الآن محظوظٌ بعصرٍ محفوفٍ بالتقنيات ، وفيرٍ بالالكترونيات .
فالاستخدام السليم لها و في محلها الصحيح يرفع من منسوب الروح المعنوية ، و إن كنت ترزح تحت عنف حظر التجوال و قسوة العزلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف