الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
آفاق المقالة عند سعيد عدنان.
محمد حاذور
2020 / 4 / 8الادب والفن
تعرفت على د. سعيد عدنان قبل سنتين ونصف، وقتما نشر كتابه المقالي، "مقالات في الأدب والثقافة" في سلسلة الكوفة المعنية بالدراسات. في بادئ الأمر، لم أعر للكتاب، الأهمية الحقة، إلا بعد أن اسشترت صديقاً عن كتّاب المقالة في العراق، فكان سعيد أحد الأسماء التي نصحني بها، قائلاً عنه "شخصية مثله، من النادر أن توجّه له سؤالاً في مجمل العلوم الأدبية والإنسانية، ولا يستطيع الإجابة" فكان القول أشبه بمدخلٍ تحفيزي لآفاقه الواسعة. سعيد عدنان، من أهم من درسوا ونبشوا ودرّسوا الأدب والنقد العربيين بمختلف صنوفه وأجناسه وألوانه ومنعطفاته، فهو من القراء اللامعين لمتني الشعر والنثر العربيين، بل ومتابع لأغلب ما يتم ترجمته من أدب وفكر وفلسفة، فهو أستاذ في الأدب العربي، رسالته فی الماجستير، "الاتجاهات الفلسفية في النقد الأدبي" وأطروحته في الدكتوراه "الشعر والفكر عند العرب، من أواسط القرن الثاني حتى أوائل القرن السادس".
طالما أنه غرف من بطون الشعر والنثر واللغة وفصاحتها ونبوغها والفكر في مجمل الآداب الإنسانية، فقد نحت وصاغ لنفسه، أسلوباً فريداً في كتابة المقالة. توسعت مواضيع مقالته، لتبدأ في الشعر الرائج والخفي، متتبعاً ألغاز الحبك القصصي داخل البيت الشعري، فبذلك قد أجاد مهارة القول كما العرب، لكن في المقالة. ذلك أن قديماً، كانت القصيدة، يتضمنها الموقف والمشهد والأحداث والمعارك ومنعطفات الحياة والترحال.
في مقالته شيء واضح للمتلقي، وأعني الأسلوب واللغة والسياق، فمن النظرة الأولى، تجدها غاية في البساطة والوضوح لدرجة الزهد، وهذه أعلى الأساليب في التعبير، كما يدعوها كفافيس "البساطة الخادعة" بينما من ينحت عبارته ويلغّزها في كتابته فهذا ضعف في أدوات الكتابة. وعلى نقيضها من الزهد الجلي، فمادته تكتنز الوصف الأدق، والعبارة الأمثل في القول،
لغته يسيرة بين يديه وللقارئ لكنها مشبّعة بالمضامين.
لاحظت، كما سيلحظ غيري إن شاء، أن مادته المقالية، هي أشبه أو تكاد تقترب من سيرة مقتضبة ومكثفة، لمن كتب عنهم، وهم كثر ولم يكتفِ بمكان، وزمان، يستطرد مع المتنبي، ورهين المحبسين، ومن حماسة أبي تمام بالغة الجمال، يعود ليصنع نقدا وحكاية وموقفاً، ما بين الرصافي والجواهري، ومع الجواهري يستكشف ندمه، تناول تجربة توفيق يوسف عواد المتداخلة بين الشعر والقص، وإجادته لكليهما، عن استشراف توفيق في حرب بيروت الأهلية، بروايته "طواحين بيروت" قبل سنتين من الحرب. متقصياً بأدوات نقدية تستكشف المضمر من حكاياته. عن كتاب الأصدقاء للمقالح، وكيف أنه جعل من المتنبي صديقاً له، مخاطبه في بيانه الشعري. وقف مع محمد مهدي البصير ومواقفه الكبيرة، متتبعا كتابة "خطرات" البصير وما لأهمية هذا الكتاب في البعدين السياسي والاجتماعي. تقصى في أدواته تجربة التونسي، محمد المسعدي، مستكشفاً، الأدب الفلسفي، وربما المسعدي قد طوته يد النسيان واختفت آثاره من المكتبات كما يقول سعيد. ثم لا حرج في أن يكون الفقيه أديباً، وهذا اجتهاد سعيد مع نصوص الدمشقي، علي الطنطاوي. تجربة جعفر الخليلي النجفي القصصية في مجتمع شعري بالكامل.
فهو من رواد القصة في العراق، ثم تجربته الطويلة مع الجرائد والنشر. تناول تجربة النقد الواقعي في متن حسين مروّة البيروتي. وعن أستاذه وأستاذ الأدباء والنقاد، علي جواد الطاهر، بل تناوله في كتاب كامل موسوماً، "علي جواد الطاهر الناقد المقالي". وصف إحسان عباس بالناقد الأصيل، ولا يخفى للمتلقي تجربة إحسان الواسعة والتي شملت النقد والأدب والترجمة وأهمها التحقيق، فتحقيقاته، تلتمع في المكتبة العربية. تناول عبد الواحد لؤلؤة أحد أهم أساتذة العرب في الترجمة والنقد. وعن محنته وبحثه الطويل عن ديوان الشبيبي ولم يجد ضالته. كثيرة هي الأسماء والتجارب والمواقف التي ناقشها وتناولها سعيد عدنان بمهارة قل نظيرها. كتب عن طه حسين والمازني، عن مصطفى علي وشرحه لديوان الرصافي، زكي نجيب محمود في آفاق الترجمة. وطه باقر وفؤاد زكريا. تناول أحد أهم علوم العرب وهي تحقيق نصوص التراث، بل أنه تناول تجارب المجلات والدوريات أمثال مجلة الآداب والرسالة والهاتف وعالم المعرفة.
على غير عادة المقالة، فكل مقالة عند سعيد هي دراسة نقدية بالغة الدقة والوصف، بلغة وسياق، مُزِجا من القديم والمعاصر.
لذا نستطيع القول أن مقالته هي درس في كتابة المادة المقالية وهي محاضرة في النقد والفكر والتأليف واستنطاق التجارب ومضمرات النص، وهي شاهدة على عقود وعصور وتجارب كبرى وعابرة-لمّاحة، لذا أستطيع وصفها، رغم بساطة وقلة معرفتي، بالمقالة الموسوعية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس