الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشأن التشابك بين المصلحة العامة والخاصة في حقبة كورونا

سيبان عبدالله
كاتب وصحفي

(Sipan Abdulla)

2020 / 4 / 8
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


التطورات الجديدة في العالم لاشك بأنها مهددت الطريق الى نوع من التكافل الاجتماعي على أساس المصالح والحقوق المشتركة مما يفسح المجال أمام القوى الصاعدة أو المناهظة للاحتكار في مختلف دول العالم أن تضع موطء قدم لها أمام الأحداث الدرامية المتسارعة التي عصفت بالمجتمعات البشرية، مما ستؤدى حتما الى صراع أخر بين النفوذ بين تلك القوى والقوى المهيمنة.
دراما الأحداث ومعطياتها على الأرض ستفرز وسائل التعاطي وسبل التعامل، فما ستؤول اليه التفاصيل ستكون بمثابة المعيار المحدد لطبيعة المآلات التي ستنتج عنه، ومن هنا تتجسد أهمية التضامن الاجتماعي (social solidarity) لدرء المخاطر على الجماعات المتعايشة والمجتمعات البشرية في العالم قاطبة.
من هذا المنطلق، كما أن الجزئيات في نهاية المطاف تتوحد وتتضامن لترسم معالم الكليات، فالوحدة القائمة على ترابط مجموعة من الأفراد المتجانسين تؤدي الى خلق هوية جمعية أكثر تجانسا وتناسقا، فمصلحة الجماعة في خضم إنتشار الأوبئة تبدأ من خلال حفاظ كل فرد على مصلحته الخاصة المتمثلة بالوقاية وفي نهاية المطاف يمكن ترجمة نتاج العدد الكلي لتلك المصالح الخاصة لتشكل بنيان المصلحة العامة، فحالات مثل الأوبئة تزيل الإنقسامات بين ما هو المصلحة الخاصة أو العامة بشرط تطابق تلك المصلحة الخاصة مع القواعد والمعايير التي تؤسس للمصلحة العامة وإلا في الحالة العكسية والمتمثلة بالتعاطي السلبي مع التعليمات فالمصلحة الخاصة تجتاز الإضرار بالمصلحة العامة وتدمرها أيضا.
ليس من السهل إزالة الفوارق بين ما هو عام وما هو خاص ولا الخوض في التجاذبات التي تحصل في سياق الحديث أو المقارنة والتفضيل بين الاثنين، فالمسألة مرتبطة بالأساس على ما هو أكثر جوهرية وأهمية، وما هو العنصر المحدد للأولوية، فخلق التوازن بين الحفاظ على حقوق وأمن الجماعة والحقوق الفردية مثل عدم انتهاك الخصوصية، هي نواة لنشوء نظريات ومدارس مختلفة في كيفية التعاطي مع الاثنين وضمان المصلحة العمومية في نهاية المطاف مع عدم الإضرار بالحقوق الفردية وعدم التعسف في إستعمال غطاء المصلحة العامة ضد نظيرتها الخاصة وهذا ما تسعى اليه النيوليبرالية الحديثة.
ومن نافل القول أن ما يندرج اليوم تحت إطار الخصوصية ولاسيما في الدول التي تفتقد الى إرث ديمقراطي، ينصهر غالبا في بوتقة العمومية وتؤدي بعدها الى بروز علاقات أكثر تشابكا ومآلات أوسع تناقضا، فالحديث عن إشكالية مرتبطة بموضوع معين غالبا ما يؤدي إلى ظهور إشكالات أخرى أكثر عمقا، فما قد يبدء من خلال مقارنة إجتماعية بين المصلحتين المذكورتين، لاشك بأنها ستؤدي بظلالها على المجال السياسي والبرامج السياسية للقوى المتصارعة وتفتح مجالا أخر لسجال الخطابات والمناقشات والحجج المتبادلة، كما أن الموقف التشريعي للقوانين الوضعية أمامهم يفتح أفاقا أخرى وناهيك عن التداعيات الاقتصادية المنبثقة عن ذلك، فما قد يبدو صراعا واحدا من الناحية السطحية سرعان ما ينقسم الى عدة صراعات سواء متوازية في حدتها أو ما بين صراعات رئيسية وفرعية.
فحصد الثمار هي النتيجة الحتمية للتأمل المسبق، والوقاية والتدابير مرجحة على التعامل والرد، والسياسة الناجحة هي تلك التي بإمكانها وضع تصور مسبق عما سيحدث وما هو ممكن الحدوث ودراسة نسب الإحتمالات المختلفة وكيفية تأثيرها على شتى المجالات لبناء ما يتصل بالمصلحة العامة ومن ثم تبدأ مرحلة الفرز من خلال رسم خارطة واستراتيجية متكاملة ومتناسقة على ضوء أحدث المعطيات الواردة مع ضمان عدم تهميش أية عوامل مساهمة في نشوء الحدث، فالتخطيط أيضا ذو نزعة رجعية –القصد هو النزعة المستفيدة من الماضي وليس الرجعية المرادفة للجهل- بالرغم من صفتها الجوهرية المتمثلة بقراءة ما هو قادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: الرئيس يجري تعديلا وزاريا مفاجئا ويقيل وزيري الداخلية


.. ما إجمالي حجم خسائر إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة؟




.. بعد فشله بتحرير المحتجزين.. هل يصر نتيناهو على استمرار الحرب


.. وائل الدحدوح من منتدى الجزيرة: إسرائيل ليست واحة للديمقراطية




.. وول ستريت جورنال: أسبوع مليء بالضربات تلقتها مكانة إسرائيل ا