الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحرب - من يعيد لنا ماضينا؟

مصطفى علي نعمان

2003 / 4 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

اليوم السادس والعشرون، الاثنين، 14 نيسان، 2003

من يعيد لنا ماضينا؟

اعتدنا أن نقول: الماضي لا يعود، ما فات مات، انقضى، لا يمكن أن يعود، لكن ذلك لم يكن صحيحاً، الحقيقة عكس ذلك، كنا نرى ماضينا حياً أمامنا، ماضٍ يعود لأكثر من عشرة آلاف سنة! ماضٍ خلده أجدادنا العراقيون السومريون، في صور، وتماثيل، وآلات موسيقية، وألواح طينية، ونقود، وأختام، وأدوات طبخ، وووو..إلى ما لا يحصى في مقالة قصيرة كهذه.

ذلك التراث جدده العراقيون الأكديون الذين ورثوا الحضارة السومرية، وأضافوا إليه، ثم جاء بعدهم العراقيون الآثوريون، فالبابليون، فالحيثيون، فالآثوريون مرة أخرى، فالبابليون، فالعراقيون الفرس، ثم أخيراً العراقيون العرب، كلهم وضعوا لمساتهم على أرض العراق، وخلدوا أنفسهم، وعلومهم، وتطويراتهم، حتى حلت الكارثة الكبرى الأولى سنة 1258م، باجتياح المغول، وخيانة ابن العلقمي، فتوقف النمو، واندثرت الحضارة، ودخلنا في عصور الظلمات.

وإذ سطعت علينا حضارة القرن العشرين، بعلومها، وصناعتها، وآدابها استبشرنا خيراً، وبدأنا نخطو إلى الأمام لكننا ابتلينا أنفسنا بسماحنا لحزب البعث الظلامي، وبقائده "لعنة الله" أن يسيطر علينا، فاستحوذ على ثرواتنا، وأوقف عجلة التطور، وأخذ يمحق حاضرنا، ويهدم بجدية فريدة كل ما بنيناه، ويمحو كل حصلنا عليه، فلم يبق لنا سوى تراثنا، يذكرنا بماضينا الفريد، ويحفزنا للنهوض، واليوم رأينا بأم أعيننا الدمار يتعرض لذلك الماضي فيمحقه.

إنها أكبر نكسة مرة بنا!

هاجم اللصوص المتحف العراقي، وسرقوا كل كنوزه التي لا يمكن أن تقدر بثمن! ولم تكن تلك أول مرة، فقد تخصصت بطانة "لعنة الله" بسرقة الآثار! وحصلت على مبالغ فلكية، بينما كان الشعب العراقي مشغولا بالحصار، يقتله الجوع، ولا يدعه يفكر بأي شيء سوى لقمة الخبز، وعندما كان "لعنة الله" يفكر بإرضاء ضيف عزيز عليه يهديه قطعة أثرية! حدث ذلك غير مرة، كان أشهرها هدية جاينوفسكي، زعيم نازيي روسيا، كافأه "لعنة الله" بتمثال سومري باعه في تركيا بمبلغ خمسة وعشرين مليون دولار!

فمن المسؤول؟

بعد ألئك اللصوص المجرمين، جاءت هذه كارثة المتحف العراقي، فعلى من تقع مسؤولية ذلك؟ لا شك أنها تقع على قوات التحالف! فمن يغزو بلداً ما، عليه أن يحافظ عليه! يحفظ شعبه، يحفظ ممتلكاته!

أ كان صعباً، أم مستحيلاً أن تقف بضع دبابات قرب المتحف لتمنع اللصوص؟

أ كان صعباً، أم مستحيلاً أن تتفق قوات التحالف مع مجموعة عراقية لحماية المتحف؟

أ كان صعباً، أم مستحيلاً أن تهدد القوات العراقية "لعنة الله" إن هم تعرضوا للمتحف!

إن كانوا يحتجون بأنهم لا يعلمون فتلك الحجة مردودة، فأكبر معاهد العالم اختصاصاً بحضارتنا هي معاهد شيكاغو، في الولايات المتحدة، نعم، إنها أكثر اطلاعاً على كل ما حوته أرضنا من كنوز تاريخية من كلياتنا، ومعاهدنا نحن أهل القضية!

فلماذا أهملت قوات التحالف مسؤوليتها؟

يثور هنا سؤال مهم جداً: أ يمكن أن نسترجع ما سرق من آثار؟

نعم، بإمكاننا ذلك!

إن كانت سلطات التحالف جادة في استرجاعها! فالأمر سهل جداً، هناك غير أسلوب في ترغيب الآخرين، وترهيبهم، والأمريكيون خبراء أكثر منا بذلك!

لكن المسألة لا تعنيها، ما يعنيها القضاء على عدوها في المقام الأول، وسلامة جنودها في المقام الثاني، أما أثارنا فلا يهمها أن تسترجعها قط.

فمن يرحمنا ويعيد لنا ماضينا؟

رفاهية اللصوص:

ما عرضته شاشات التلفزيون من رفاهية الغلام المدلل عدي، ووالده "لعنة الله"، وأخيه المجرم العتيد قصي، وبقية أفراد عائلته المنحطين! يثير الدهشة، إلى حد مذهل! ولا أدري أ يمكن أن يستهتر شخص ما في حياته كما فعل ذلك المخلوق التافه؟

ما فائدة بندقية من الذهب؟

ما فائدة مئات السيارات الفارهة؟

أ يمكن أن يستعمل الإنسان أكثر من سيارة في وقت واحد؟

أ يمكن أن يسكن المرء في قصرين، في مدينة واحدة، وفي وقت واحد؟

أ يمكن أن يرتدي الإنسان أكثر من بذلة واحدة من نفس النوع في وقت واحد؟

إذن لماذا مئات السيارات؟ لماذا أكثر من قصر في مدينة واحدة، ولماذا بندقية من الذهب، ولماذا مئات الحلل من نوعية واحدة، ولون واحد!

يعرف الشعب العراقي، كله، فرداً فرداً، أن هؤلاء الحشرات لصوص، لصوص سرقوا كل شيء، لكنه لا يعرف أن ما سرق منه يُبدد عبثاً، ولعباً، ويرمى بطيش، هباءً منثوراً، وهو يتضور جوعاً! يبيع أعضاء جسده ليطعم أطفاله، لا بل ينتحر من الجوع!

ما أريد أن أعرفه فقط هو ما معنى ما حدث! وما المنطق فيه! وهل في ما حدث أي عقلانية؟ أم لم يعد للعقل أي قيمة، والزمن زمن جهل وظلام!

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز