الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون يناضلون من أجل الثورة الاشتراكية

عثمان محمد

2020 / 4 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في كثير من المراحل استطعنا أن نحرز تقدماً مهماً في ميادين تنظيم النساء والأطفال والمعلمين والشباب، مرات عديدة أصبحنا موضع تعجب الأحزاب القومية والإسلامية، وأصبحنا هنا وهناك موضع حديث والتفات خصوم الشيوعية، وكثيرا ما قالوا عنا: مع كلّ ضعف الإمكانات الذي يعانون منه، ومع كل العوائق السياسية والأمنية التي نضعها أمامهم، لكنهم يقومون بأعمال مهمة، في حين أن كوادرنا ننفق عليهم آلاف الدولارات وتسندهم سلطتنا لكنهم لا يقومون بعمل سياسي ملائم.
إن ما أريد أن أركز عليه وبات محط ملاحظتي هو أنه بالرغم من كل روح التضحية وقدرات وجهود كوادرنا في العمل والنشاط ونظرة خصومنا عنا التي تحدثت عنها آنفاً، ومع كل القدرة والمهارة التي كانت لدى الحزب وكل الطاقات لدى الكوادر التي أنفقناها على المنظمات الجماهيرية والمواقف السياسية وإصدار البيانات وتعليق اللافتات، فإن كل التضحيات التي قمنا بها في تلك الميادين لم تستطع أن تجعلنا ننجز المهمة التي على عاتقنا بوصفنا شيوعيين تجاه الطبقة العاملة والثورة الاشتراكية ولو بالقدر النزير.
من الواضح أن المسألة بالنسبة للشيوعيين والحزب والتنظيم الشيوعي هي تنظيم وقيادة وتوعية الطبقة العاملة للثورة الاشتراكية، وللأسف نحن لم نقم بهذا العمل. لذلك نظرنا إلى تاريخ الحزب نرى أننا وخلال 27 سنة ندور في هذا الحيز، وبالنتيجة لم نحقق شيئاً للطبقة العاملة، وكان الحزب ينكمش شيئاً فشيئاً. لأن لكل حزب ومنظمة سياسية جدول أعمال ومهام وأولويات، وهو كذلك بالنسبة للشيوعيين، إذ إن عملنا المهم وأولويتنا هي تنظيم الطبقة العاملة وقادتها حول شعار وبرنامج عمل الحزب للوصول للثورة العمالية. هذا هو عملنا الأساس. وإن نضال المنظمات الجماهيرية هو أيضاً جزء من أعمالنا لكنه عمل ثانوي. يجب على الحزب الشيوعي والفعالين الشيوعيين أن يكونوا أقوياء في الجامعات وبين الفلاحين وكافة الحركات المطالبة بالحقوق وأن تكون لهم مشاركة فعالة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية وفي أية احتجاجات مطالبة بالحرية والمساواة في المجتمع، لكن يجب الالتفات إلى أن تلك المنظمات إذا لم تستند إلى تنظيم الطبقة العاملة، فإنها ليست منظمات عمالية ولا شيوعية.
إن هذا الوضع الذي يعاني منه الحزب يرتبط في جانب منه بالأوضاع السياسية والنظام العالمي الجديد وتراجع الحركة العمالية والشيوعية، لكنه في الجانب الآخر يرتبط مباشرة بأسلوب عمل الحزب. خلال تلك المدة الطويلة لم تنسجم نظرية برنامجنا مع نظرية التنظيم في أي وقت، فعملنا الدائم والمستمر لم يكن الطبقة العاملة، وتمت كتابة نقطة مهمة من البرنامج حول هذه المسألة الأساسية، لكننا لم نعمل عليها على نحو جدي. فإن كان النظام والسلطة في كردستان والعراق رأسماليين فيجب في المقابل أن تكون هناك طبقة عاملة تبيع قوة عملها يومياً، وهي في صراع مستمر مع الرأسمال حول الأجور وخفض ساعات العمل وتحسين ظروف العمل ... إلخ.
على الشيوعيين ومنظماتهم السياسية أن يتابعوا هذا الصراع وأن يسعوا للتعرف على مستوى نضال هذه الطبقة من النواحي السياسية والتنظيمية وأن يحللوها ويعرّفوها، نحن لم نقم بأية واحدة من هذه المهام. إن ما قمنا به وأنفقنا جل قدراتنا عليه هو المنظمات الديمقراطية، لا شك أن على الشيوعيين قيادة احتجاجات هذه المنظمات لكنها ليست أساس العمل الشيوعي العمالي.
إن مسألة العمل الشيوعي تختص بتنظيم الطبقة العاملة وقيادتها وتوعيتها في محل العمل والمعيشة لتهيئتها للثورة الاشتراكية، وإن تجاهل أية واحدة من هذه القضايا يضع استراتيجية الثورة الاشتراكية تحت طائلة التساؤل ويصل إلى شيوعية غير عمالية.
يورد كورش مدرسي مثالاً رائعاً حول هذه المسألة في كراسة (أسس النشاط الشيوعي)، يدعو فيه إلى النظر للنشاط الشيوعي بوصفه أساساً وهيكلاً للبناء وللحقوق الديمقراطية والمنظمات الجماهيرية بوصفها الأبواب والنوافذ. من الواضح أن الأبواب والنوافذ من دون هيكل البناء تافهة وليس لها معنى. وإذا صنعت آلاف الأبواب والنوافذ لا تحصل من على شيء ولا تضيف رغيفاً للموائد الخالية للطبقة العاملة.
لكنك إن بنيت هيكلاً جيداً عندها يجب أن نضيف له الأبواب والنوافذ، لأن أي بيت لا يمكن تسميته بيتاً كاملاً من دون الأبواب والنوافذ. الأسس والهيكل هي أسلوب العمل الشيوعي، والأبواب والنوافذ هي الحقوق الديمقراطية والمنظمات الجماهيرية. فمن دون الأساس والهيكل لا نصل بالأبواب والنوافذ إلى أي مكان، بل نصل إلى شيوعية غير عمالية.
إذا نظرنا إلى تاريخ الحزب نرى أن مجمل عمل ونشاط الحزب تمحور حول منظمات النساء والأطفال والشباب والمعلمين ولا وجود لتنظيم الطبقة العاملة في محل العمل والمعيشة، في حين أننا بوصفنا ماركسيين وشيوعيين نعلم أن الثورة الاشتراكية غير ممكنة من دون الطبقة العاملة. عندما تصبح المشاغل الأساسية لحزب شيوعي مسائل أخرى غير تنظيم الطبقة العاملة وقيادتها وتوعيتها فإننا نكون قد أخرجنا الثورة الاشتراكية من جدول أعمالنا ونصبح بصدد ثورة أخرى من دون أن نعلم.
إذا عدنا إلى تاريخ 70-80 سنة مضت بعد انهيار ثورة أكتوبر فقد سادت التصورات الشيوعية التحريفية المختلفة على أغلب الأحزاب والمنظمات الماركسية والشيوعية والاشتراكية، وكان لها دور مؤثر في ميدانين مهمين، الأول، أبعدت الطبقة العاملة عن الماركسية وحركتها الاشتراكية. والثاني، حولت النظرية الماركسية، التي هي سلاح فعال بيد العامل للخلاص وكسب السلطة وإقامة الاشتراكية، إلى الثورة الديمقراطية والتحرر الوطني.
مع بروز الشيوعية العمالية ومنصور حكمت تراجعت ضبابية التحريفية في الميدان النظري وبرزت النظرية الماركسية الأصلية وأعطت إجابات تقدمية على الكثير من ميادين الرأسمالية التي لم نكن نعرفها قبل ذلك.
لكن من الناحية العملية ومن ناحية تعلق الطبقة العاملة بالماركسية لم نستطع أخذ دور مؤثر. مع أن كلا من الحزب الشيوعي العمالي العراقي والحزب الشيوعي العمالي الإيراني شهدا عدة انشقاقات، لكن أياً من تلك الجهات لم يتمكن من وضع حزبه على مساره الطبيعي وأن تكون الطبقة العاملة موضع عمله الدائم. لو أن الأعمال والأنشطة التي قامت بها الأحزاب الشيوعية العمالية في العراق وكردستان وإيران وتلك الطاقات التي أنفقت في مجال المنظمات الديمقراطية والجماهيرية، قد انفقناها في ميدان عمل ومعيشة الطبقة العاملة لكنا الآن نحصد ناتج عملنا في العديد من المعامل والمصانع وفي الأحياء العمالية ولأصبحنا قوة لها دورها في صياغة مصير وقرارات المجتمع، لكن بعد ربع قرن من العمل والنشاط في ميادين المنظمات الجماهيرية لم نستطع أن نضع حجراً في بناء الشيوعية.
كما تطرقنا قبلاً إلى مثال كورش مدرسي بأن العمل الشيوعي كالأساس والهيكل، والحقوق الديمقراطية كالأبواب والنوافذ، وأن هذين الجزئين من دون أحدهما الآخر لا يمكن أن ينهض بناء مكتمل، إلا ان تقديم أحدهما على الآخر لا ينجز بناء صحيحاً ولا يوصلنا إلى أي مكان، وبالنتيجة فإن كل النشاط والتضحيات تذهب في صالح الطبقات المالكة.
لذلك فبالنسبة للشيوعيين يجب أن تكثف منظماتهم السياسية من نضالها وفعاليتها لرص صفوف الطبقة العاملة وتنظيمها وقيادتها وتوعيتها، وإن هذه السياسة الصحيحة التي تضع المنظمات الجماهيرية في إطارها السياسي والصحيح.
إن تلك الحقوق الديمقراطية قد تم بحث مسألة تحققها في إطار النظام الرأسمالي كثيراً، ففي أوربا تم تحقيق الكثير منها، لكن في الظروف الراهنة للرأسمالية التي تعاني أزمة خانقة وفي بلدان الشرق حيث تتسلط مجاميع من المافيات وقطاع الطرق يصبح من الصعوبة بمكان كسب تلك الحقوق الديمقراطية من دون التطور الفعلي للحركة العمالية والشيوعية. لذلك ينبغي الاعلان لقادة وكوادر تلك الحركات بأن مصيرها مرتبط بتقدم نضال الطبقة العاملة. وإذا تم كسب بعض الحقوق والمطالب في ظروف معينة تحت الضغط الجماهيري، ففي ظروف ركود ذلك الضغط وبغياب مساندة الحركة العمالية والشيوعية تسعى البرجوازية لسلبها بسهولة ومن دون تردد، لهذا السبب يتوجب أن تكون دعاية الحزب الشيوعي في هذا الإطار. مما لا شك فيه أن على الشيوعيين أن يضطلعوا بدور مؤثر في أي احتجاج جماهيري مناهض للنظام الرأسمالي في المجتمع حول قضايا مثل ظلم المرأة وقضايا الأطفال والطلبة والمعلمين وقضايا البطالة وحجب الأجور وغياب الخدمات وغيرها.
إلا ان تلك القضايا لا يمكن أن تكون هويتنا الشيوعية بأي شكل من الأشكال، وإن أي حزب سياسي شيوعي يضع هذه الأعمال والأنشطة مكان النشاط الشيوعي يكون قد حفر قبراً للثورة الاشتراكية، لأن الطبقة العاملة ومحل العمل ومحل معيشة العمال والثورة العمالية هي ما يشكل الأساس الأول للفعالية الشيوعية وإن تجاهل أي منها أو استبدالها بشيء آخر يؤدي إلى شيوعية غير عمالية.
البيان الشيوعي الذي هو هوية الشيوعيين وفي بدايته يجعل من التناقض الأساسي للمجتمع، والقائم بين العامل والرأسمالي، رايةً سياسية له، يعلن البيان الشيوعي أن الشيوعيين والنشطاء الشيوعيين يمثلون المصالح العامة للطبقة العاملة، وبالنتيجة فإن الشيوعية والشيوعيين يناهضون النظام الرأسمالي بمجمله.
لذلك فإن الطبقة العاملة بحكم موقعها الاجتماعي في علاقات الانتاج تملك تأثيراً بالغاً وبإمكانها عبر وحدتها أن تطيح بالسلطة الرأسمالية.
من دون وحدة واصطفاف هذه الطبقة حول راية الشيوعية، يستحيل إسقاط النظام الرأسمالي وإرساء الاشتراكية لأن المادة البشرية لتلك الثورة هي الطبقة العاملة.
إن أي حزب شيوعي ونشاط شيوعي لا يوجه عمله وفعاليته لعمق المراكز العمالية والمعامل والمصانع، ولا ينظم القادة العماليين في صفوفه ولا يعمل على توعيتهم وتوحيدهم فإنه ليس حزباً شيوعياً ولا يعمل لأجل الثورة العمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع