الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استفتاء نحو الهاوية

معقل زهور عدي

2006 / 6 / 12
القضية الفلسطينية


لم تظهر الطبقة السياسية الفلسطينية التي ظهرت مع اتفاقية اوسلو يوما بهذا القدر من ضيق الأفق السياسي ، فبحساب بسيط يمكن القول ان نتائج الاستفتاء ستكون كارثية ، وان معجزة فقط يمكن ان تعكس مسار الحرب الأهلية الذي تتجه اليه الأمور في حال الاصرار على الاستفتاء كما هو حاصل حتى الآن للأسف.
منذ صعود حماس لم تستسلم نخب اوسلو لنتيجة الانتخابات الديمقراطية ، لكنها انتهجت سياسة مزدوجة: اظهار التسليم بنتائج الانتخابات والعمل في السر لافشال حماس ووضع العصي في عجلات حكومتها .
يظهر ذلك النفاق السياسي مقدار الانحطاط الأخلاقي لتلك الطبقة ، وازدرائها الفعلي للمصالح العليا للشعب الفلسطيني ، ولايمكن عزل ذلك الانحطاط عن فضائح الفساد التي انتشرت حول ممارسات تلك الطبقة وثرواتها غير المشروعة .
لقد أدرك الشعب الفلسطيني بوعيه السياسي وحسه النضالي أنه لم يعد ممكنا القبول بتلك الطبقة الفاسدة ، وان الوقت قد حان لاستبدالها ، وتلك كانت رسالته من خلال الانتخابات الديمقراطية الأخيرة ، لكن يبدو ان تلك الطبقة قد قررت استعادة السلطة بأي طريقة كانت حتى لو جرت البلاد لحرب أهلية .
تراهن نخب اوسلو على ضائقة الشعب الفلسطيني ، وحصار الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ، وبفضل الاقتصاد المصطنع الذي أقيم على المساعدات ، وتميز بتضخم غير طبيعي لأجهزة الدولة والأمن ، أصبح حجب المساعدات مساويا لقطع شريان الدم عن الاقتصاد الفلسطيني ، ولايمكن النظر لتلك الحالة بمعزل عن سياسات التحكم والسيطرة للولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.
لقد وضعت حماس مباشرة أمام تحد كبير يتمثل في الانتقال من اقتصاد ريعي قائم على المساعدات الى اقتصاد يمتلك مقوماته الذاتية للبقاء ، ومثل ذلك التحدي يستوجب المرور بفترات ضائقة اقتصادية صعبة ، وقد أظهرت حماس استعدادها لتقديم نماذج جديدة لسياسيين ومسؤولين يتميزون بالنظافة والاخلاص والاستعداد غير المحدود للتضحية ، وظهر لدى الشعب الفلسطيني تيار قوي مستعد للتضحية والتقشف ودفع الثمن الصعب لخيار فك الارتباط مع اقتصاد الذل والتبعية الذي جاءت به اوسلو ، لكن طبفة اوسلو – وليس الشعب الفلسطيني – لم تعد تتحمل بقاء حماس في السلطة ، وشيئا فشيئا بدأ الذعر يستبد بها من امكانية أن تزاح الى الأبد من مواقعها وامتيازاتها ، وأصبحت ترى في بقاء حماس كل يوم خطرا لتصفيتها وذلك لايرتبط بشيء قدر ارتباطه بفساد تلك الطبقة ، فلو كانت طبقة نظيفة لراهنت على عودتها ثانية بعد حين ، ولكن بسبب فسادها واحتمالات فتح ملفات ذلك الفساد في أي وقت فهي ترى في كل صباح يمر وحماس في الحكم خطرا داهما .
من المفهوم وجود تيار ضمن الشعب الفلسطيني لايرى امكانية في فك ضائقته الاقتصادية الخانقة وحصار اسرائبل والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وحصار الأنظمة العربية الذليلة سوى في العودة لنهج اوسلو المتمثل في السيد محمود عباس ، ومن الصعب تخوين ذلك التيار ، لكن الانتخابات الفلسطينية الأخيرة حسمت وبصورة درامية الخيار لصالح خط المقاومة ، لقد انتصر تيار المقاومة لدى الشعب الفلسطيني البطل الذي فضل الاستشهاد على الذل ، ومن لايقرأ ذلك في نتيجة الانتخابات فهو لايريد الاعتراف بالحقائق .
الآن هل يتوقع السيد عباس وطبقته السياسية ان الشعب الفلسطيني سيتراجع عن خياره التاريخي في وجه الضغوط والحصار وفي وجه العقبات التي يضعها هو وطبقة أوسلو أمام حماس ؟
من ناحيتي ليس لدي شك أن الشعب الفلسطيني لن يتراجع ، وبالطبع لايمثل ذلك الموقف كل تيارات الشعب الفلسطيني ولكن أقواها وأوسعها انتشارا ، وذلك يحيلنا الى مسألتين :
الأولى : لماذا اذن تخاف حماس من الاستفتاء ؟
الثانية : كيف يخطط تيار اوسلو للالتفاف على خيار الشعب الفلسطيني ؟
في مسألة الاستفتاء تطرح الأمور بطريقة ملتبسة ، مخادعة ، غايتها اتاحة المجال أمام تيار اوسلو لاكتساب أرضية سياسية تمكنه من الانقضاض على نتائج الانتخابات الديمقراطية الأخيرة ، ومن حق حماس ان تظهر للشعب الفلسطيني طابع الالتباس والمخادعة في طريقة الطرح ، لكن الوقوف المطلق ضد الاستفتاء ربما لايكون أفضل التكتيكات الممكنة .
وبالنسبة لتيار أوسلو فان أخطر ما يمكن أن يفكر به هو فبركة الاستفتاء استنادا الى مراكز النفوذ الواسعة التي يتمتع بها ضمن أجهزة الحكم ، وخبرته في العمل السياسي .
ماهو حاصل أنه اذا لم تتراجع حماس قليلا في معارضتها للاستفتاء وتركز النظر على محتواه وطريقة تنفيذه ، واذا لم يلتزم تيار أوسلو النزاهة في الاستفتاء ، فان وضعا مشابها للجزائر يمكن ان ينشأ في الضفة والقطاع .
ويعني ذلك بصراحة الانزلاق للحرب الأهلية .
أمام خطر كهذا يجدر بتيار المقاومة التفكير مليا ، فالتيار الآخر لايعبأ بجر البلاد لحرب أهلية من أجل استعادة سلطته وامتيازاته ، لكن الطرف الأكثر حرصا على الوحدة الوطنية هو المدعو لتجنب ذلك المسار المدمر.
هي لحظة فائقة الخطورة يتوجب التوقف عندها والتفكير في العواقب جيدا واعلاء المصلحة الوطنية المتمثلة في صون وحدة الشعب الفلسطيني وتجنيبه مخاطر حرب أهلية تفعل فيه أكثر مما يفعل فيه الأعداء على كثرتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة