الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يحاول مثقفينا المرور على هذه المجزرة مرور الكرام

عوني الداوودي

2003 / 4 / 15
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



                                                       
  في مثل هذا التاريخ قبل خمسة عشرة عاماً بدأت جريمة ومسالخ الأنفال التي راح ضحيتها أكثر من 182000 ألف إنسان في كوردستان العراق وبالذات من مناطق كرميان أي المناطق الحارة، تلك المناطق المحاذية لمدينة كركوك وأربيل  في جريمة منظمة لم يذكر التاريخ شبيهاً لها منذ الحرب العالمية الثانية واستمرت لثمانية أشهر وعلى ثمانية مراحل، أستطاع النظام الحاكم آنذاك بقيادة الكيمياوي علي بإخفاء أثر هذا الكم الهائل والعدد الغفير من البشر تحت أسم عمليات الأنفال، ولا أحد يعرف إلى حد هذه اللحظة ما حل بهؤلاء الضحايا من مختلف الأعمار ومن الجنسين، لكن الجميع يحملون الهوية الكوردية .
والكارثة الإنسانية الحالية هي ليست فقط بفقدان أولئك الضحايا ، وحسب بل بمئات الآلاف ممن ينتظرون عودة هؤلاء، فهناك الآلاف من النساء التي تنتظرن أزواجهن، وهن معلقات ما بين صفة الأرملة التي من حقها أن تبدأ التفكير بحياة جديدة مع زوج آخر، وبين وضعهن المأساوي الحالي، وهناك الآلاف من الشابات والشباب الذين لا يزالون ينتظرون عودة الأب والعم والخال والأخ المفقود، ناهيك عن الأم الثكلى التي لا تيئس أبداً بعودة أبنها وفلذة كبدها. فأي انتظار موجع تمارسها تلك الأم ؟ . ويقف الإنسان حائراً لإعطاء جواب شافٍ أمام حزن ذلك الأب الذي ينتظر عودة من يعتبره العمود الفقري في محنته وشدته، وأي شدة ما بعدها شدة بعد كل ما جرى وما حصل؟
وماذا تستطيع القول لمن يشد قبضته على خنجره لأخذ ثأراً عسير المنال، لأخ ٍ أو أبن عم أو أبن خال وخالة وإلى آخر سلم الأقارب، والعجز في وصف هذه المأساة وإيصالها إلى العقول والضمائر الحية، هي أيضاً مأساة أخرى تضاف إلى الجريمة الكبرى .
الأنفال هي جريمة العصر في التاريخ الإسلامي المعاصر، وتاريخ العراق الحديث خاصة
الأنفال هو التعبير الحقيقي عن عصور الهمجية والانحطاط
الأنفال هو الحد الفاصل بين شعارات التزييف والأخوة الكاذبة
الأنفال هو الجرح الكوردي الذي لا يلتئم
الأنفال هي الشعرة الفاصلة ما بين إنسان القرن العشرين وما قبل التاريخ
الأنفال هو عار في جبين العالم المتحضر، وسقوط ما يسمى بالأمم المتحضرة
الأنفال هو زيف ما خبرتنا عنه قيم المبادئ الإنسانية في تاريخ الفلسفة
الأنفال هو نسف كل ما كتب في التاريخ عن الكرم والشهامة والرجولة والخير
الأنفال يجعلني أن أتوحد في ذاتي لأصلي لرب ٍ لم تعرفه البشرية بعد
لا تنسوا ضحايا الأنفال، أن أرواحهم تناديكم في صحراء النجف وعلى الحدود السعودية العراقية
وفي أطراف الرمادي .
إن عظامهم تصفق اليوم فرحاً بصقوط الطاغية، لكن الفرحة لم تكتمل إلا بالكشف عن تفاصيل هذه المجزرة المريعة والإعلان عنها على الملأ . 

                                                                       عوني الداوودي
                                                                            السويد     
        








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار أميري بحل مجلس الأمة الكويتي وتعليق العمل بعدد من مواد


.. تسلسل زمني لأبرز الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله.. فما هي أ




.. دولة الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو بشأن المشاركة في إدارة قط


.. عبر الخريطة التفاعلية.. لماذا قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي ال




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في رفح جنوب قطاع غزة