الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد لا ينقصه التنظير

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2020 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بغداد لا ينقصه التنظير !

إن الفراغ السياسي في العراق منذ استقالة المهدي قد افرز الكثير من الأزمات الجوهرية خاصة في ظل الأزمة الصحية وغياب اي رقابة تشريعية على السلطة التنفيذية بل والأكثر من ذلك خروج بعض المؤسسات عن إطارها الدستوري بشكل صريح، الا ان شهورًا من التشتت في داخل البيت الشيعي انتهت بالتوافق على شخصية رفظتها ذات القوى السياسية في ماض قريب ولكن فرض تكليف الزرفي على تلك القوى التحرك سريعًا والتوافق على تكليف السيد الكاظمي لتشكيل الحكومة العراقية الموقتة، ان الاسماء ليس بالشغل الشاغل للمواطن العراقي في عموم العراق، فالتسمية والخلفية الفكرية والسياسة للمكلف قضية تفاوضية بين اصحاب المصالح والقطبين الحاكمين بأوراق العراق الولايات المتحدة وايران، إن التنظير والتسويق بالشعارات قد اثقل كاهل المواطن العراقي منذ 2003 وعليه لابد من العمل على تغيير في الواقع العملي وهنا يستوجب الوقوف أمام أسئلة محورية قد يدور في مخيلة كل مواطن عراقي.

هل يختلف الكاظمي عن غيره من القادة الذين حكموا العراق منذ احتلاله إلى الان ؟ هل لديه برنامج عملي قابل للتطبيق باتجاه حل المعضلات العراقية وما أكثرها ؟ هل لدى السيد المكلف القابلية على تجاهل شروط الأحزاب والميليشيات التي تحولت إلى طفليات تتغذى على خيرات البلاد مما أضعفت مقومات الدولة في العراق ؟ والسؤال الأكثر أهمية على الإطلاق هل يمتلك السيد المكلف برنامجا للتصدي للغطرسة الإيرانية والتنمر الأمريكي بحيث تعيد هيبة للسياسة الخارجية العراقية ؟

قبل البدء في معالجة التساؤلات المذكوره لابد من الاعتراف بانني لا انوي الحكم على الكاظمي في إطار هذه المقالة بقدر العمل على تحليل واقعي للوضع العراقي لكي نتحرر من ربط المشهد العراقي كله بشخصية من يحكم العراق فالأمر اكثر تعقيد مما قد يتصوره البعض خاصة فيما يتعلق بالقضايا الدستورية والمشكلات الجوهرية التي تواجه العراق.

إن مصطفى الكاظمي من خلال عمله في جهاز المخابرات يعبر عن عقلية أمنيه وبالتالي فان المرحلة القادمة ستكون مرحلة أمنية بالدرجة الأولى وان رئيس الوزراء الجديد لابد ان يعمل على حسم ملف الميليشيات الخارجة عن إدارة الدولة وكذلك قطع الأجنحة الإيرانية التي بدأت تستخدم العراق كورقة ضغط في نزاعها مع الولايات المتحدة، وبذلك اننا أمام دولة عسكرية مما يعني تأجيل معالجة الأزمات الأساسية المتعلقة برفاهية المواطن والاستمرار بسياسة التنظير والشعارات والسيادة الوطنية وما إلى ذلك من مصطلحات التسويق السياسي في سبيل ارضاء اصحاب النفوذ والأحزاب الكارتونية وما أكثرها.

إذن ان الكاظمي أمام مهمة صعبه في إثبات كونه يختلف عن اسلافه من القادة الذين جلبوا للعراق الكثير من الأزمات والمشاكل، ومن اجل القيام بالإصلاحات لابد من وجود برنامج عملي يستهدف رفاهية المواطن العراقي الذي أتعبه الحروب والفساد المالي والإداري وغياب القانون وخضوع الدولة للأجندة الإقليمية. ان هناك اتفاق وطني شامل لكل مواطن عراقي سواء كان في الفاو او زاخو على وثيقة تحتوي على عناوين بارزة منها نظام تعليمي يعيد العراق إلى محيطه الإقليمي والدولي، نظام صحي يقلل من اعباء المواطن ويعيد هيبة الطب العراقي الذي طالما كان عنوانًا للنجاح في الشرق الأوسط، وإعادة بناء البنية التحتية التي أرهقتها الحرب والفساد والإهمال، وكذلك التنمية الاقتصادية من خلال التنوع الاقتصادي والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعة.

إن المعوق الرئيسي أمام السيد الكاظمي تكمن في شروط الأحزاب والتيارات التي لا تهمها سواء الاحتفاظ بالنفوذ السياسي والاقتصادي على حساب المصالح العامة للبلد، فالتيار او الحزب السياسي الذي لا ينتمي للعراق لا يمكن ان يكون له القرار النهائي بمصير البلاد ومن اجل منع التلاعب بالمصالح العامة لابد من العمل على تقنين المؤسسات العسكرية وإعادة بناء الجيش على أساس وطني بعيدا عن الميليشيات الايدولوجية التي تستمد قوتها من موارد العراق وتخدم مصالح الدول الإقليمية. إذن ان حل الميليشيات والتركيز على النهضة الاقتصادية هو الحل الأمثل ومفتاح النجاح لأي شخصية يتولى رئاسة الحكومة في الوقت الراهن.

إن الملف الأخير ضمن الأجندة الأساسية للنهوض بالعراق يكمن في السياسة الخارجية للعراق فأي شخصية سواء كان الكاظمي أو اي احد غيره لابد ان يسعى إلى اعادة العراق إلى مركزه الإقليمي من خلال تنفيذ برنامج سياسي واقعي تخدم المصالح الاستراتيجية للعراق مع البيئة الخارجية فالسياسة الدولية في تغير دراماتيكي سريع وعليه لابد من تغير الأولويات في رسم السياسة الخارجية بالشكل الذي يخدم العراق بعيدا عن الانتماءات المذهبية . ان اي برنامج عملي في هذا الإطار يتطلب التوازن بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وهنا لابد من الاعتراف بان الدولتين منذ 2003 قد سيطروا على كافة المرافق في الدولة العراقية ولكن من خلال تبني سياسة واقعية متوازنة يمكن للبلد ان يتحرر من الأجندة الخارجية ويعود بغداد العاصمة التي تصنع فيها القرار فيما تخص التوازنات الإقليمية في المنطقة.

اخيرا وليس آخرا ان تكليف السيد مصطفى الكاظمي قد أفرزته توافق وطني شبه كامل خاصة ان الكورد والسنة العرب قد عبروا عن تأييدهم للكاظمي وهذا الدعم يمكن ان ينعكس في جدول أعمال الحكومة الجديدة ومدى جديتها في تحرير العراق وخدمة المواطن العراقي، والأيام القادمة كفيلة بالرد على التساؤلات الموجودة في الشارع العراقي خاصة في ظل الأزمة الصحية وانتشار الفايروس الذي يهدد البلاد بشكل جدي كون النظام الصحي في العراق ليس مهيا لأي أزمات صحية خاصة انتشار الأوبئة. وعليه يكفي التنظير ، ولابد من تنفيذ الوعود والشعارات في واقع جديد يستشعره المواطن في المستقبل القريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو