الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس الإنسان ضعيفا

سعد كموني
كاتب وباحث

(Saad Kammouni)

2020 / 4 / 11
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لولا الموت ما كان من شيءٍ يدفع الإنسان لإعمال ذهنه، إذن المواجهة هي مع الموت، ‏وما سوى ذلك معارك ثانويّة، مردّها إلى النفس الأمارة بالسوء، التي تُظهر الإنسان ضعيفاً أمام ‏الشهوات والنزوات والرغائب والأطماع و..... أما الإنسان فهو قويّ من كونه لم يتصالح مع ‏الموت منذ مئات الآلاف من السنين. ‏
أحرز الإنسان في هذه المواجهة انتصارات عظيمة على مدى آلاف السنين، ولأوّل مرّةٍ في ‏تاريخ هذه الأرض يكون عدد سكانها أكثر من سبع مليارات نسمة، أفلا يحتسب هذا في ميزان قوّةِ ‏الإنسان؟ ‏
الضعف أمام الموت لا يعدّ ضعفاً، بل هو قوةٌ لأنه يستبطن إصراراً على الحياة، وليس ‏من المنطقي أن نستغلّ استفحال ظاهرة فيروسيّة، لنشمت بالعقلانيين، والمؤمنين بالحياة، ‏والظانّين بأنفسهم وقدراتهم الظنَّ الحسن. وأكثر من يشمت هم بعض المتدينين الذين يزعمون أن ‏الإنسان ضعيف؛ فكائن غير حيّ لا تقوى على رؤيته بالعين المجرّدة استطاع أن يفرض تهديداً ‏حقيقيّاً، قتلاً، أو حجراً، أو هلعاً! يا لهشاشة الإنسان، وهم يعمدون إلى البحث في القرآن الكريم ‏أو في الإنجيل عن سندٍ يطلق ألسنتهم في الكلام على هشاشة الإنسان. وغاب عن أذهانهم أنّ ‏الله لا يعبده إلا الإنسان القويّ، فالذي انتقل بالإنسان من الخضوع للأشياء والغرائز والشهوات، ‏وعبادتها واتباعها بحثاً عن السعادة أو النجاة، إنما هو الشعور بأن الخضوع لخالق كل شيءٍ إنما ‏هو إخضاعٌ، أو إمكانيةُ إخضاعِ كلِّ شيء لمصلحة الإنسان، فارتباط المؤمن بالله وحده، يعني ‏أن الكون كل الكون متاح مباح له. فالله يقول بأن هذا الكون مسخّرٌ للإنسان، ما يعني أن من ‏واجبات الإنسان أن يتصرّفَ مع هذا الكون من موقع المقتدر لا من موقع الضعيف المطأطئ ‏الرأس. وهنا تجدر الإشارة إلى تحديد موطن الاقتدار في الإنسان، هل هو في الطمع، والجشع، ‏والاستغلال، والقدرات العسكرية والهيمنة وحب السيطرة، وإذلال الشعوب لنهب الثروات، بحجة ‏مفتعلة أو من دون حجة؛ أم أنها في العقل والعقل وحده، وفي احترام إنسانية الإنسان؟؟؟؟
إنّ الله جعل الإنسان خليفةً له في الأرض ، ومكّنه من العلم " وعلّم آدم الأسماء كلها" ‏فالإنسان الذي يتنازل عن عقله الذي بواسطته يسمي الأشياء، هل يبقى خليفةً لله؟
أما الكلام على فشل نظام صحيّ، أو اقتصاديّ، فهذا ممكنٌ بل ينبغي أن يكون، وأضفْ ‏إلى ذلك أن سلّمَ القيم الذي ينبغي أن يرافق البحوث العلميّة والاكتشافات، ينبغي أن يعاد النظر ‏فيه، لكونه أتاح فرص الفشل الإنساني أكثر من فرص النجاح. وهنا لا أتحدّث عن أخلاقيات ‏مظهريّة، بل أتحدّث عن مكوناتٍ وجدانية، تكون انعكاساً حقيقياً للمكونات الواقعية، لتظهر آثارُها ‏جليّةً في إعادة صياغة سلوك الإنسان مع نفسه ومع الطبيعة، وكذلك إعادة صياغة روائزه ‏الداخلية، وعتباته الحساسة. فالكلام على هشاشة النظام الصحي أو النظام الاقتصادي لا يعني ‏أبداً هشاشة الإنسان، بل هو حافزٌ لتعزيز إرادة القوة، فالموت لا يستدعي أن ننتظره، بل يستدعي ‏أن نقرر كيف نعيش، فالأفكار كل الأفكار تتوخى تحسين العيش في هذه الأرض. وتتفاعل هذه ‏الأفكار، وتتعزز التجارب، وسيهزم الإنسان الموت، مع أنه ضرورةٌ للاستمرار.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة