الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الكورونا- و-الرقمنة- من أجل فرض الاقتصاد الوهمي على الشعوب

الأسعد بنرحومة

2020 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


فيروس الكورونا ورغم انتشاره اللافت في الأشهر الأولى الّا أنّ الخطاب السياسي في العالم لم يعرف هذا التهويل والتخويف الذي نشهده اليوم ، بل كانت الجملة المتداولة في كل مكان معروفة وهي أنّ الوضع تحت السيطرة .
وفجأة انقلب المشهد كليا ، وسارت جميع الدول بما فيها ايطاليا واسبانيا وأميركا في سياسة واحدة تقوم على التهويل الشديد والتخويف من خطورة الوباء من أجل تمرير اجراءات خطيرة كفرض الحجر الصحي ووقف عجلة الانتاج وتدمير الاقتصاد ....
ثمّ اصبحت دعوات متكررة تخرج تدعو لرقمنة الادارة والمؤسسات وحتى المعاملات المالية والاقتصادية ، ففي ايطاليا مثلا يتمّ الاعداد لرقمنة كل شيء بما فيها المعاملات التجارية والمالية بحيث يمهد لسحب الأموال نهائيا من السوق وابقاؤها في البنوك كتمويل احتياطي لرجال الاعمال والشركات الكبرى ، ويتمّ التشجيع على استعمال الرقمنة في اقتناء الحاجات من سلع وخدمات بضخّ الاموال للاقتناء عبر الهاتف فقط. .
اليوم وبعد مضي أشهر على ظهور فيروس الكورونا أصبح لدينا متّسع من الوقت لبحث جميع الملابسات والظروف التي صاحبت انتشاره ، الى جانب الوقوف على مجموعة الاهداف السياسية المراد تحقيقها من وراء موجة التخويف والتهويل من خطورة الوباء رغم اتفاق الجميع في الأول بانه فيروس غير قاتل ....
بداية هل فعلا يستحق " الفيروس هذا التخويف والتهويل ، ويستحق من أجل مقاومته أن ندمّر الاقتصاد والانتاج؟
وماهو الهدف الحقيقي من هذه الجهود الدولية لتدمير الاقتصاد ووقف الانتاج او تعطيله؟
وما هي حقيقة الدعوات لفرض نظام الرقمنة وتعميمه ليشمل المعاملات التجارية والاقتصادية؟
* المشهد الايطالي :
بداية شهر مارس يجتمع في ايطاليا القائد العام للحماية المدنية بجانبه الممثل عن منضمة الصحة العالمية ويصرح المسؤولين بكل ثقة ان الوضع تحت السيطرة و ليس هناك داعي للقلق وكانت أعداد الموتي كالآتي :
متوسط اعمار الموتي بالفيروس 78 عام مع العلم ان معدل الوفاة الطبيعي في ايطاليا 82 عام ينقسمون كالآتي :
392 غير مصابين بأمراض خطرة
3094 مصاب بمرض واحد
3346مصاب باثنين من الأمراض بعضها مزمن
7182مصاب بأكثر من ثلاث امراض خطرة في أعضاء حيوية يخضعون لاستعمال العقاقير بشكل دائم .
المجموع 14000 ميت
ملاحظة:
أغلب الضحايا من شمال ايطاليا الصناعي والأكثر تلوث هوائي وليس في غيرها.
يعني من بين أكثر من 14000 وفاة في ايطاليا نجد فقط 392 وفاة خالية من امراض أخرى..
بشكل مفاجئ تبدأ حملة إعلامية متواصلة تتحدث عن مصرع الآلاف نتيجة الوباء ويبدأ الشارع الإيطالي يعيش حالة من الخوف يعيش بعدها علي وقع الحجر و الإجراءات المختلفة للحد من انتشار الفيروس.
علاوة على ذلك ومن أجل مزيد من التهويل في شكل تضليلي للرأي العام حتى من يموت بسبب مرض في القلب او جلطة أو غيرها يتمّ تصنيفه على انه موت بسبب الكورونا حتى كاد الشارع الايطالي يخلو من اي وفاة اخرى غير الكورونا. ويتم عرض صور لتوابيت الموتى منها ما هي صور لتوابيت متوفين ماتوا غرقا لمهاجرين غير نظاميين على انها توابيت لموتى الكورونا..
* المشهد الأميركي
رغم الارتفاع الكبير لعدد المصابين والموتى لكنّ الادارة الامريكية لم توقف حركة الانتاج ولم تفرض الحجر الصحي العام حتى في اكثر الولايات المنكوبة وهي نيويورك.
أميركا ورغم ما تسرّب من معلومات خطيرة تكشف عن علم الادارة الامريكية والبنتاغون بظهور فيروس الكورونا منذ وقت مبكر " شهر نوفمبر 2019 " ورغم ذلك لم تفعل شيءا لمنع انتشاره وتفشيه...
* طبعا في تونس الوضع شابه الكثير من التضليل والتحريف ،فتونس وفجأة هكذا يروّجون لها بقفزة نوعية في التطور العلمي والصناعي لتصبح رائدة في صنع الروبووات وأجهزة مكافحة الوباء، بل وفي سطحية واستهزاء من الرأي العام يصنعون بطولة لا وجود لها وسبقا علميا في كشف التركيب الجيني للفيروس ، وهي لعمري من أكبر عمليات استبلاه العقول التي نشاهدها اليوم . فكشف التركيب الجيني للفيروس ليس سبقا علميا ولا قفزة طبية لتونس ، ولا يحتاج لأبطال في هذا المجال ، لأن الحاصل ليس كشفا للتركيبة الجينية للفيروس بل هو تشخيص لها أي تحيين لهذه التركيبة وهو عمل تطلبه منظمة الصحة العالمية من جميع دول العالم بما فيها الاكثر تخلفا وفقرا ... اذا ليس هو الحدث الكبير ولا الاكتشاف المبهر كما يروجون.
انّ فيروس كورونا يراد له الانتشار ، وحملة التهويل من خطره والتخويف هي جهود مقصودة وليست عفوية ، تقف وراءها تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تحقيق أخطر أهدافها في العالم وهي :
* الانطلاق في مرحلة ثانية من جهودها في السيطرة السياسية في العالم وقيادته وفق القيم الامريكية ومبادئ الليبرالية الحرة ، وهي مرحلة السيطرة الادارية وادارة العالم وفق رؤيتها وبما يحفظ استمرار هيمنتها وقيادتها ...
* فرض " الاقتصاد الوهمي " على العالم تحت عنوان " الرقمنة " وهو ما يمهد لسحب الكتلة المالية من الأسواق وتعويضها بالمعاملات الرقمية فقط بما يوفر مخزونا لا ينتهي من امدادات مالية يتحكم فيها الدولار .
* بسط هيمنة الشركات الامريكية الكبرى واحتكارها لعمليات ضمان نقل السلع والخدمات وتأمينها للمواطن في كل دولة دون وساطة الشركات المحلية وذلك بفضل "الاقتصاد الرقمي...
هذه الاهداف الامريكية باتت تظهر علنا من الآن ، ففي ايطاليا من يقف على دعوات رقمنة الاقتصاد والمعاملات التجارية والمالية هي جهات محسوبة على اميركا سواء جمعية السردين او جمعيات النجوم الخمس او بعض رجال الاعمال .
وقد احتكرت شركة " أمازون " الأمريكية في ايطاليا جميع عمليات تأمين السلع الضرورية للشعب الايطالي ....
في أوروبا عموما بدأ الاتحاد الاوروبي يتصدع وتتضارب المواقف خاصة فيما يتعلق بخطط الانقاذ ، وهو ما يسهل لاميركا تحقيق أهدافها هذه في العمق الأوروبي وخاصة ان اميركا وضعت حجرة الانفجار والتصدع في الاتحاد منذ نشأته بزرع الخلاف بين اقطابه الكبرى "فرنسا وبريطانيا وألمانيا".
اما في تونس ، وطبعا معها باقي البلاد الاسلامية ، فان خيار الرقمنة هذا ، ورغم أن دعواته ظهرت في وقت مبكر وتعود لسنوات مضت ، لكنها لم تنجح ولم تجد القبول العام في المجتمع هذا علاوة عن غياب البنية التحتية لنظام الرقمنة رغم آلاف المليارات التي صرفت على ذلك. اليوم يتمّ استغلال ظهور هذا الفيروس وانتشاره نسبيا لقع تهويل الامر عمدا وتخويف الشعب من خطر الاتصال المباشر ، والترويج لفكرة التباعد الاجتماعي ، ومن خلال ذلك يتمّ الترويج لنظام الرقمنة وخاصة المالية والتجارية كاحدى المعالجات الفعالة للوقاية من الكورونا ...وقد بدأت الحكومة في التحضيرات الفعلية لذلك...
فرض نظام الرقمنة وخاصة في المعاملات المالية والتجارية في تونس ، يساهم في سحب كتلة الثروة الحقيقية من السوق بما فيها كتلة العملة النقدية ، في مقابل فرض اقتصاد وهمي لا علاقة له بالواقع الحقيقي ، اقتصاد موجود في الانترنت فقط ، لكن في الواقع تؤمنه فقط الشركات الامريكية الكبرى .
فأميركا ووفق نظام الرقمنة يتسحب الكتلة النقدية من الواقع وتعزلها في البنوك لصالح شركاتها وكذلك تسحب الثروة الحقيقية من البلاد مقابل أوراق وهمية تسمى " الدولار".
من المؤسف ورغم خطورة المرحلة أن ينساق النخبة وراء الترويج لخيارات مفروضة من المستعمر الليبرالي ويصورونها نجاحا ، وأكثر أسفا من ذلك أن يقوم الكثير من السياسيين لنفي " المؤامرة " والسير قدما وراء أهداف الغرب المتوحش على حساب شعبه وأمته ووطنه.
وقد كان صريحا جدا السياسي الأميركي كيسنجر عندما اعتبر انتشار هذا الوباء فرصة حقيقة لاميركا من أجل اعادة فرض هيمنتها وفرض القيم الليبرالية الامريكية على العالم ، وهي حسب رأيه فرصة ثمينة لم تعهدها أميركا منذ الحرب العالمية الثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في