الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا بين القوة القاهرة ونظرية الظروف الطارئة وتأثيره على سير العدالة الجنائية

محمد سرحان الحمداني

2020 / 4 / 12
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


مقدمة
مما لاشك فيه أنه اصبح من الواضح للجميع خطورة فيروس كورونا على حياه الافراد، سيما في وقتنا هذا لاصوت يعلو على صوت فيروس كورونا،اذ ان انتشاره يكون بطريقه مباشره ام غير مباشره بين افراد المجتمع،وبلا شك ان عزل المصاب بهذا الفيروس الخطر في الحجر الصحي هو الوسيلة الصحيحة لمنع انتشاره بين الافراد، حيث ان منذ ظهور هذا الفيروس المستجد في الصين وانتشاره في عموم دول العالم، الامر الذي اثار جدلاً قانونياً على صعد مختلفة، فضلاً عن اثارة جدل وتجاذبات بين رجال وفقهاء القانون، حول ما اذا كان فيروس كورونا قوة قاهرة ام ظرف طارئ، مما يجعله اشكالاً قانونياً يحتاج الى معالجة خاصة بسبب النقص التشريعي، وللاجابة على هذا التساول لابد من التعرف على شروط القوة القاهرة وكذلك شروط الظروف الطارئه،والفرق بين النظريتين، ومعرفه جائحه كورونا،هل هي تنظوي تحت مظلة القوة القاهرة ام ظرف طارئ، وتاثيرها على سير العدالة الجنائية ، لذلك سوف نتناول موضوعنا هذا من خلال المحاور الاتية:
- المحور الاول: نظرية القوة القاهرة ومدى انطباقها على "جائحة كورونا":
تعد نظرية القوة القاهرة ووفقا للمعايير المتفق عليها بانها(كل امر لايستطيع الانسان ان يتوقعه ويجعل من تنفيذ الوجبات امرآ مستحيلاً)مما يجعل الاخير محل اتفاق، اما بخصوص شروطها التشريعية والتي يتم اسباغ القوة القاهرة عليها فهي ثلاثة:1-عدم التوقع لهذه القوة ، بمعنى اخر ان يكون الحدث غير متوقع الحصول ،2-استحالة تنفيذ الوجبات لأمر خارج عن الارادة، اي يكون تنفيذ تلك الوجبات امر مستحيل ،3-عدم صدور خطأ من احد الاطراف،اي لا دخل لارادة احدهما، بالخلل الحاصل بمعنى اخر ان الخطأ او الاهمال ليس ناتجا من احد هولاء الاطراف وانما السبب خارج عن ارادة الاطراف ، وهذا ما يسمى بــــ"السبب الاجنبي" ، وتماشيا مع ما تم سرده وبحسب ما تبنا اصحاب هذا الراي على ان فيروس كورونا يصح وصفه بالقوة القاهرة، مستندين في رأيهم هذا،كون هذا الفيروس الملعون حدث عام ، شمل جميع دول العالم ولا يمكن توقع حدوثه او درء نتائجه ، لذلك من الممكن وبشكل كبير ان يتمسك المنادون بهذا الراي كون اوقف سير العداله الجنائيه وتضررت جراء هذا الفيروس حقوق المتهمين والموقوفين على ذمم التحقيق واصبح تمديد حبسهم احتياطيا شبح يلاحق المتهمين والموقوفين بسبب ذلك الفيروس،مما يوثر سلبا على تحقيق العداله الجنائيه، بحجه توافر القوه القاهره كمبرر وسند لاتخاذ اجراءات وقرارات خارجه عن اراده القضاء الجنائي،ولن نذهب بعيدا على من تبنى هذا الراي، ففي مشرعنا العراقي ومنهم خليه الازمه والتي عدت فيروس كورونا بالقوه القاهره،وهذا الرأي ايده الكثير من المهتمين بالشأن القانوني والقضائي،لما له تاثير على عمل محاكم الجزاء والتاخر في حسم قضايا في طور مرحله التحقيق الابتدائي،ذلك لعدم وجود قضاه للتحقيق في المحاكم،وعدم التواجد هذا يعود توافر قوه قاهره منعت تواجد القاضي المختص في مكان عمله لتسيير شؤون المتهمين،وهذا ما دفع مجلس القضاء الاعلى الى اصدار بيان 41 في 6/4/2020 ، والذي جاء فيه "ايقاف سريان المدد القانونية للطعون في الاحكام طيلة فترة تعطيل الدوام الرسمي من تاريخ 2020/3/18 ، على ان يتم استئناف سريانها في يوم بدء الدوام الرسمي، واعتبار فترة تعطيل الدوام الرسمي فترة انقطاع مرافعات كافة الدعاوى ومن بينها الدعوى الجنائية لحين زوال السبب.
-المحور الثاني : نظرية الظروف الطارئة ومدى انطباقها على "جائحة كورونا":
نشأت هذا النظرية في نطاق القضاء الاداري، ثم تسللت الى ميدان الحقوق الخاص ، وهي في اصلها تقوم على فكرة اسعاف المتقاعد المنكوب الذي اختل توازن عقده،مما قد يجره الى الهلاك،فهي تهدف الى تحقيق العداله ورفع الغبن منها،بمعنى اخر فهي "اي حدث يقع او يمر على دوله ما، وتعذر معه مواجهته باتخاذ القرارات الادارية، ويقضي معه اتخاذ قرارات او اجراءات سريعة لتفادي الاضرار التي قد تقع من جراء وقوع الحدث الطارئ ،اما بالنسبة لشروط تطبيقها: 1- ان يقع ظرف طارئ وخطير يهدد سلامه البلاد ،2-ان يتم تناول احكام الظروف الطارئه في الدستور،3-ان يتم الاعلان انما يمر به البلد هو ظرف طارئ،4-ان يتم اعلان الاجراءات التي ستتم بها مواجهه الظروف الطارئه ،سيما وان تلك الحالات تجعل اداء الواجبات والالتزامات مرهقه لاحد الاطراف او كليهما ،لذلك وبأسقاط ماسبق ذكره على "الشق الجنائي"، فان من عد فيروس كورونا ظرف طارئ، قد اثر سلبا على عمل المحاكم الجنائيه عامه، وعلى عمل محاكم التحقيق خاصه،من خلال تزايد اعداد المحبوسين احتياطيا، والتي قضاياهم على ذمه التحقيق الابتدائي،سيما وان هذا الظرف عرقل سير العدالة الجنائية، وهذا ما افصح عنه مجلس الدوله العراقي والذي عد "جائحه كورونا" ظرف طارئ، بموجب الامر الصادر منه بتاريخ 5/3/2020 والمرقم "751" والذي تضمن عبارة بالنظر للظروف الطارئة والذي بموجبه تقرر تأجيل دعاوى المحاكم الإدارية، وتماشيا مع ما تم ذكره اعلاه فقد افصحت بعض الجهات على ان فيروس كورونا ظرف طارئ وهذا نقيض الراي الاول الذي اعد ذلك الفيروس قوه قاهره.
- المحور الثالث : الفرق بين تلك النظريتين وتأثيرها على سير العدالة الجنائية :
بانزال ما سبق تباينه يتضح لنا جليا ان هناك تباين بين هاتين النظريتين،إذ نجد أن القوة القاهرة تجعل تنفيذ الوجبات مستحيلا ،بمعنى أخر أن هذه القوه تمنع قاضي التحقيق من اداء وظائفه في مرحله التحقيق الابتدائي ، وازدياد اعداد الموقوفين والمحبوسين احتياطيا ، فضلا عن التاخر في تطبيق الافراج الشرطي على المحكومين الذين امضوا ثلاثه ارباع مده الحكم بالنسبه للبالغين، وثلثيها بالنسبه للاحداث،بينما نجد نظريه الظروف الطارئه فلا تجعل تنفيذ الواجبات القضائيه مستحيلا بل مرهقا بالنسبه للقضاء الجنائي بمعنى آخر وبحسب تلك النظرية فأن العمل المنوط بجهات القضاء الجنائي يكون مرهقاً اي يؤدي الى غبن الموقوفين والمحبوسين والمحكومين وتأثرهم سلباً جراء هذا الظرف الطارئ وسلبهم حقوقهم المشروعة والمنصوص عليها وفق القانون.
رأينا بالموضوع: بعد ان أوضحنا النظريتين وشروط كل منهما ،اتضح لنا ان تلك النظريتين وبالرغم من الاختلاف بينهما وان كل منهما لها ملعبها وميدانها الخاص بتطبيقها،الا اننا وجدنا انهما يلتقيان بشرط غايه في الاهميه الا وهو "شرط عدم التوقع"وعند انزال شروط النظريتين على "جائحه كورونا"وجدنا ان هذا الفيروس يحتمل ان يكون قوه قاهره تاره ،وتاره ظرف طارئ وهذا يعود بالدرجه الاساس على نوع الواجبات والالتزامات واجبه التنفيذ،فهناك واجبات تنفيذها مستحيل بسبب الفيروس،وهذه الاستحاله تجعل منه قوة قاهرة ، وعكس ذلك هناك واجبات تنفيذها مرهقا بسبب ذلك الفيروس،وهذا الارهاق يجعل من جائحه كورونا ظرف طارئ، لذلك وبحسب تقديرنا فان هذه "الجائحه المرعبه"تعد قوه مركبه،تحتمل ان تكون قوه قاهره ،وظرف طارئ، وعليه نوصي مشرعنا العراقي وقضاءنا العادل عامه، وقضاه التحقيق خاصة بحسم الدعاوى التي على ذمم التحقيق ومتابعه تلك الدعاوى تحت اي قوه او ظرف، واخيرا يقال ان العلم يأتي بعد شقاء،وليس هناك شقاء أكثر مما يصيبنا الان، ونامل ان يقدم لنا العلم علاج لهذا الوباء الذي اقعد سكان الارض في بيوتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و