الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقي بيشاوا ميرزا و الفنانة جيان آغا عبر دويتو جديد... و اغنية جديدة...

عبدالوهاب بيراني
روائي و شاعر و ناقد في الادب و الفن

2020 / 4 / 12
الادب والفن


بقلم : عبدالوهاب بيرو بيراني

الغناء، نتاج فني قديم قدم المجتمعات البشرية، و ربما من أعمق الفنون الموسيقية تأثيرا، و الذي طالما كان حالة تعبيرية عن مزاج خاص للانسان فينطلق ببث نجواه و أحاسيسه و مشاعره عبر استخدام حباله الصوتية و مخارج الحروف و مابين طبقات صوته والمقامات الموسيقا، و لعل الأغنية العاطفية المعبرة عن مشاعر الحب و الحنين و الفراق و الألم، او عن الفرح و اللقاء، كانت و مازالت شغفه الأول كموسيقي و فنان، اما الاغاني التي مازالت صداها ترتد عن الجبال و على المدى و الافق المفتوحة حيث تتغنى بالمواسم و الأعياد و الأفراح و حفلات الزواج و الولادات، و الاغنية الملحمية التي تروي حكايات عن الصداقة و البطولة او الخيانة و الغدر فأنها تحولت إلى صفحات من تاريخ الجغرافية الموغلة في العمق و الوعورة و يوميات شعوب عاشت هناك تحت شمس الله و ما زالت اغانيهم و موسيقاهم تشد المستمع لما فيها من صدق للمشاعر و عمق في الوعي و بساطة في اللحن و هو ما يطلق عليه مصطلح الأغنية التراثية.
اما الصنف الاخر فهو الأغنية المتعلقة بالأرض كرمزية لارتباط الشعب بارضه التي يحيا عليها منذ القدم، تلك هي الموسيقا الوطنية او الأغنية القومية يبعدها الواسع و ليس البعد الشوفيني الضيق إلى حيث حرية الوطن و حرية الشعب و سرد تاريخ الشعب و بطولاته و خيباته و يومياته و شهدائه و مأثره القومية و الوطنية.
و لسنا هنا لتصنيف أشكال الاغاني كونه بحث يطول الحديث او الكتابة عنه فهناك اغاني الطفولة و المراثي و المناسبات و الأعياد و اناشيدها الخاصة كما هو الحال مع الأغنية او الموسيقا الصوفية او الدينية..و التي تأتي ممتزجة معا في اغاني معاصرة تبث شكوى عامة او تبث فرحا غامرا.
و إنما الهدف من هذه المقدمة الطويلة نسبيا هو للكتابة حول اغنية تم طرحها حديثا عبر وسائل التواصل الاجتماعي و القنوات الكردية و التي استطاعت ان تجمع مابين العاطفي القومي التراثي و بصيغة حداثية و موسيقا كردية شرقية حديثة و يأتي كل ذلك من كلماتها التي صاغها أمير شعراء الكرد العلامة و الفيلسوف و الشاعر المتصوف صاحب ملحمة ممو زين الشاعر ملاي احمدي خاني (1650_1707) ميلادي و الذي يعد رائد الشعر الوطني القومي و هو أول من كتب الشعر عن ضرورة حرية الوطن و الشعب و مازالت الكلمات التي كتبها قبل أربعة قرون تحتفظ بقيمتها و حداثتها رغم مرور اكثر من أربعة قرون من الزمن و هذا ان دل على شيء فأنه يدل على عمق الألم و الوجع الذي تعرض له الشعب الكردي و منذ تاريخ طويل من النضال و التضحية.
هذه الأبيات الشعرية التي خلدها احمدي خاني بابداعه و اعجازه اللغوي و بلغة كردية بليغة لحنها الموسيقي الشاب بيشاوا ميرزا Peshawa Mirza عبر تنويعات لحنية اسكبها في مقامات بديعة و غناها مشاركة مع الفنانة الكردية جيان الأغا Jiyan Agha عبر دويتو (ثنائي) الذي لم يعتمد فقط على مبادلة طبقات الصوت و التناغم مابين القرار و الجواب و أفراد كل جملة لحنية لطبقة صوت معينة و إنما اعتمدت على الغناء مبادلة مابين لهجتين من لهجات الكرد و هما الكورمانجية الشمالية و السورانية الجنوبية وهي من المرات القليلة التي نكاد نسمع اغنية اعتمدت هذا النوع من الدويتو الذي غالبا ما يستخدم لغتين او موسيقا مختلفين ضمن قالب لحني واحد.
استطاع كل من الفنان الكردي بيشاوا ميرزا ان يعبر و من خلال اللحن المتماسك و الجميل أن يوصل فكرة مبتغاه من مما يريد ايصاله للملتقي (الجمهور) و كانت الفنانة جيان أفا و بقدراتها الصوتية العالية و مقدرتها الفنية على الأداء و ذلك بما تمتلك من خبرة فنية و تجربة عميقة في مجال الغناء و لعلها لم تجد فرصتها الحقيقية لتعلن عن صوت فنانة تمتلك قامة فنية عالية على الساحة الفنية الكردية حيث استطاعت ان تمنح الأغنية و الكلمات و اللحن مسحة مخملية أنيقة عبر قوة في الأداء و دفء في الصوت و عمق الاحساس إضافة للثقة التي تمتلكها و بقدرتها على تحقيق انجاز فني مختلف و متميز على جميع الصعد الفنية كما أن طبقات صوتها الجمالية منحت الأغنية القا و قوة و احساسا عاليا أمام نقاء و روحانية الفن بالتوازي مع أداء الفنان بيشاوا ميرزا الذي يمتاز بخامة صوت نادرة حيث الدفء و السلاسة و الليونة و قوة الأداء مع جمال و نقاء الصوت.. هذه المبادلة الادائية ساهمت ببلوغ الأغنية المستوى الفني العالي و خاصة أن حامل اللحن و الذي منح الأغنية القوة و الجزالة و المتانة هي القصيدة و كلماتها و وزنها و روعتها كل ذلك و مع طريقة الأداء الثنائي حيث الصوت النقي الواضح البيان فلم نجد صوت الموسيقا يعلو او يحجب الصوت البشري او اي تحجيم ما مما نلاحظه في أغلب الاغاني الحديثة و أيضا جاء مستوى الصوت موازيا لبذخ الموسيقا و توزيعه الابداعي مما يمكننا القول ان اغنية بهذا المستوى و العناية كلماتٌ و لحناً و اداءاً ستحقق غايتها و ستكسب شعبيتها و جمهورها و قيمتها الفنية العالية و ستحظى بأعجاب المستمعين و ستكون رصيدا فنيا يسجل لكل من الفنان المبدع بيشاوا ميرزا و الفنانة الرقيقة جيان أغا كأغنية اكليركية عاطفية قومية حيث الوطن و التاريخ و الامجاد و الابطال و الجغرافية ماثلة في كلماتها، لذلك تعتبر إضافة جادة و حقيقية لسجلات و مكتبة الموسيقا و الفن الكردي المعاصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟