الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-موت النقد الأدبى- :

محمد حامد السلامونى

2020 / 4 / 12
الادب والفن


(النقد الأدبى) فقد مبررات وجوده ... إذ لم يعد يستند إلى شئ [ فى إطار تلاشى المرجعيات القديمة ، التى كانت الدولة القومية (القوية) هى الضامنة لوجودها ؛ كـ (النماذج المعرفية والجمالية والأيديولوجية) ، الناتج عن : تدمير العلامة ، واغتيال الواقع الحقيقى ، وموت الإنسان كذات عارفة متملكة لموضوعها ]..
مع ملاحظة أن (النقد) حين تمحور - فى السنوات الأخيرة - حول دراسة (الخطاب) ، فذلك كان يعود إلى أن الأدب نفسه كان قد تحول إلى ممارسة خطابية ، أى إلى (رسالة ؛ بشأن موضوع محدد ، مما يقتضى وجود مرسل ، ومرسل إليه) ..
هذا وقد تناوبت على بؤرة السرد (الروائى والأقصوصى) ، وفى سنوات ليست طويلة ، عدة (موضوعات – عوالم) متعلقة بـ (التعدد الصوتى ؛ بما هو التعدد الأيديولوجى) ، ثم (الجسد) ، تليه (السيرة الذاتية) وتداعياتها ، كـ (الأحلام ) ، ثم أخيرا (الصورة ذاتها - بما هى مركز الواقع الإصطناعى الذى نحياه الآن) ولاشك أن تلك ، فى ذاتها ، تعد علامات بؤرية دالة على تحولاتنا السوسيو ثقافية ..
وكما نلاحظ ، فقد انتهى عصر الأيديولوجيا ، ومعه السرد الأيديولوجى ، بالإنفتاح على (الآخر - المختلف) ؛ بماهو جزء لا يتجزء من وعى الأنا بنفسها وبالعالم ، وهو ما يشير إلى أن (الأنا) - لدينا - حين بدأت فى الحضور فى الأدب ، بدأت بالطرح الهيجلى (متجاوزة الطرح الديكارتى البسيط) ، ثم تحولت عنه إلى الجسد (النيتشوى) ، ومن الجسد إلى (السير الذاتية ، باعتبارها التاريخ الذاتى - لا التاريخ العام) ، وهاهى تحدق فى كهوفها الداخلية ، محاولة التفتيش فى لاوعيها نفسه ، عوضا عن (مرايا الوعى القديمة وما " ينعكس " عليها) ، بحثا عن الأساطير التى تسكنها ، وعن الوحوش الرمزية ، المترسبة فى أعماقها ..
إذن ، لقد صارت (الذات) هى الشغل الشاغل لأنا الكاتب ، أى أن الذات تتخذ الآن من نفسها موضوعا لنفسها ، لتتحول – وبكثافة - إلى (شاهد ومشهد) ..
وبعبارة موجزة ، المسافة من (أنا أفكر إذن أنا موجود) إلى (أنا جسد إذن أنا أريد) ، تمر عبر (الآخر) ، لكن ...
(من أنا ، وما حدود إستطاعتى ، وما الذى يمكن لى معرفته - فى الواقع الإصطناعى ؟) ..
هكذا انتهت الحداثة إلى أن الإنسان الذى كان يعتقد بأنه فاعل البنيات كلها ، صار مجرد مفعول به ؛ إذ تنتجه البنيات (بنية التاريخ – ماركس ، بنية اللاوعى – فرويد ، بنية اللغة – دى سوسير ، بنية الخطاب – فوكو ، بنية الإستعارات – لايكوف وجونسون ... إلخ) ، وطالما أنه مجرد مُنتَج بنيوى ، فكيف له إذأً أن يدعى إمتلاك العالم بالوعى والهيمنة عليه ؟...
إنه لا يعرف نفسه !...
من هنا كان التحول ما بعد الحداثى (المحتفى بالجزئى والفردى ...) ، المضاد للهيمنة التقنية (كتجسيد للنسق الكلى) ؛ (رغم تواطؤه الضمنى معها) ...

وما يحاوله (النقد) الآن ، هو الإشتغال على (الخطاب) ، عبر مفاهيم وآليات عديدة ، منها : (الانزياح ، السارد ، المسرود له ، المحكي ، الدال ، الشعرية ، التناص ، الحوارية ، التعدد الدلالي ، التلفظ ، النص المحاذي ، البياض ، الجسد ، أفق الانتظار ... إلخ) وهى من المفاهيم التي غزت المعجم النقدي ، وعرفت تداولا أكثر في وقتنا الراهن وذلك في حقول ومجالات مختلفة لسانية وأدبية وتاريخية وفلسفية ..

غير أن الملاحظ هو أن النقد بهذا المنحى قد صار أكثر تقنية ، حتى أن (العلماء) هم الذين يجرون مثل تلك الدراسات بأنفسهم ، وهو ما يعجز القارئ العادى عن إدراكه ، ومن هنا - صارت الممارسة النقدية جزءً لا يتجزء من (عصر التقنية) ؛ الذى هو الإسم الآخر (للواقع الإصطناعى) / أعنى أن (النقد) تحول - باسم (العلم) - ودون أن يدرى ، إلى أداة أيديولوجية تقنية ، إذ حول الواقع الأدبى الحقيقى (أى النصوص الأدبية) إلى (نماذج مرجعية مجردة ، أشبه بالتصاميم الرياضية) تحاكيها (النصوص الأدبية) ؛ تحت إسم (التناص) مثلا ؛ (الذى لا يزيد عن كونه دراسة كيفية صناعة الصور من الأصل) وبذا ساهم فى دعم وتعميم وترسيخ (الواقع الإصطناعى) ..

وذلك فى تقديرى ، يعود إلى أن النقد ليس بإمكانه أن يوجد بدون (واقع محدد - أيا كان نوعه) يصير بمثابة أداة يستند إليها فى قياس الأدب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي