الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وباء

مريم الحسن

2020 / 4 / 12
الادب والفن


أقبل من بعيدٍ
حاملاً للورى نواياه
يمشي الهوينة تارةً
و تارةً
كهبوب الريح
يتدفقُ مُسرعاً
متفرساً
ينتقي عن خبرةٍ
و بدقةٍ ضحاياه
حطّ في ساح الحياةِ ساعةَ اكتظاظِ غفلتها
أرعبها
أفرغ فيها حمولةَ القلقِ و الخوفِ منهُ
فروّعها
كلٌّ بدا مهرولاً
فاراً
أو مُتحصّناً منه
خلف قناع الحذرِ في مخباه

لا شيء يردعهُ
فالفجأةُ سلاحُهُ
و الهواءُ وشاحُهُ
و مَطيّتُهُ
ذَرّةٌ تحملُ إثم الجُرم
إلى أبعدِ أبعدِ مداه
خفيفٌ خفيٌّ
عصيٌّ على عين الحيطةِ فلا يُرى
ليتسنى لأيدِ الورى
ردّ رداه
و كأساً
ملأها بالوعيد
من مُرِّ الألمِ
و سُقياه

جحافلٌ
من ترقّب الآن و ما هو آتٍ
و احتضار أحبةٍ و ذكرياتٍ
عن وقتٍ مضى بمسرّاتٍ
رافقت اجتياح غزواتهِ
خطوةً خطوة
أطلقَ سراح عنانها فجأة
ففارت كما الطوفان
و انتشرت في كل مكان
و استقرت فيه
بكل هشاشة الضعفِ
عنوة
و في كل ثانيةٍ
كانت
حتى نشرةِ أخبار مساء البارحة
تضجُّ بالصخبِ و بالضجيجِ
و بالحياة
في مدينة
حَلّ عليها القضا بغتة
فسرقَ منها الطمأنينة
و اختطفها
من نمطيةِ الأخبار في حكاياها
بروايةٍ
عن موت قَدِمَ عليها من الشرق
وفَدَ على أحداثها بسلالاتٍ مُعدّلة
و قيل هجينة
توارثت أدوار البطولة
في حبكة القصص و الهلاك
و صارت بكل خبث الدهاء
أحداثاً لمسرحٍ عبثي
عُقدتًهُ المرضية .. عصيّةٌ كأداء
عناوينها :
أسرةُ إنعاشٍ
و كماماتُ نجاةٍ
و أرقامُ وفياتٍ
و دمعةٌ ذرفتها
على كذبةِ الحداثةِ الكبرى
عينُ اللا حيلة الحزينة

مثوى
صارَ فضاءُ الأرضِ لهُ و مأوى
لخفافيشِ ذعرٍ
تدلّت من على أغصان الحكايات
و من أسقف النظريات
عشعشت في متاهة السراديب في كهف المؤامرة
و في الأقاويل
و في الروايات
و في كل زاويةٍ أو شارعٍ
شاعَ فيهِ عنهُ خبر
أو إشاعةٌ
عن علاجٍ شافٍ منه
رادعٍ ممكنٍ
أو مبتكر
طغى
فاحتكر الروتين و الأحاديث
في نُظمِ الحياة
و في رقصةِ تحرّكاتها
تجبّر
فقمع عاداتها و مهرجاناتها
و حتى التحيات بين ثقافات أفرادها
احتلها
احتلال الليالي السود
لشفق احمرار النور
لحظة اقتران الشمس بقُبلةِ وداع الغروب
و لحظة احتلال الصمت
لآخر رمقٍ يذوب
خلف أموج الهدأة
في بحرٍ سيسلبه النفس
بعد السمعِ و البصر
في رحلة الوداع نحو السكينة

القلقُ الأصفر
أفلتَت يدُ الأخبار وجهَتَهُ
فانطلق بعيداً و اتسع مداه
طال كل عزلة نهشَها الفضولُ
أو مضغ وقتها فمُ الضجر
تلبّس بلونهِ وجهَ الحياة
فسلّط عليها فأرهُ
يقرضُ منها البهجة
و يقلب عابثاً بأعمار البشر
يبحث عمن شاخ
و عمن نجى
و عمن حلّت عليه القُرعة
و انتقاه الحظ
في لعبةِ القضاء و القدر
نخر بوسواسِه القهري
معنى المغزى
و الحكمة من سرّ الحياة
ثقب عادات الجماعات
و السلوكيات و الديانات
تواصل قرضهُ
حتى وصل إلى قفص الصيدِ في قلب خبايا الذاكرة
عضّ تواريخها
قضمها قضمةً قضمة
قضم فأرةٍ
جلبت على الأرض في ما مضى
هلاكاً أسوداً و أذى
تفشى وباءً
نشرَ فيها ردى
رسا
على برّ الركود
بعد أن أرسى أربابُ السفينة
جشعاً
طالَ أذاه
فأتاه
علاجهُ
حبكةَ موتٍ فيها دواه
حاكها له
نصفهُ المظلمِ
القابع في أبعد نقطة قرار
خلفَ مكتبٍ ما
في عُمقهِ الأقصى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح