الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أحدثُكَ عن المكان-

رندة المغربي

2006 / 6 / 12
الادب والفن


أحدثُك عن المَكان ..
المكان الذي يجرُ أصابعَنا إلى محرقة الكتابة !
عن الرؤية ..
يمنحُها خيالُنا آفاقاً لا تنتهي ..
عن حكمة السماء ..
تُغير قبلة الشمس ليكون سمتها جبينك ..
فهيء لي ذراعيك ..
لأدرجُ عليهما وأطير ..
*
أحدثُك عن المكان وباريس هي هي ..
كما عرفناها سوياً
أطأها بقدمي كأني للتو أهبطُ من السماء ..!
نفس الأرصفة المثخنة بخطى العابرين و نفس هدأة الآحاد ..
ونفس الأحلام التي تقاسمناها ، لولا اختلاف التوقيت بلحظة يأس!
*
وأنا هنا وجه عابر شخص يحمل على كتفيه الملائكة الحافظين وقارة بألف شعب ونخلة!
ولستُ بحاجة لأن أتذكرك لأنك دوماً معي ، بطلق الرصاص وانسياب النغم من فم طائر حزين ..

*
وكان المكان واضح ....!
قالها الظل المنحني تحت قامة كهل : لا مكان للمهاجر من يصنع للذاكرة أطرافاً وخاصرة يلغمها ويمضي يُفجر مناجم الذهب في خصلة شقراء ..!
لا مكان لمن يستلذون مضغ الزُجاج وتأليه سمرة الحنطة على ناصع الجليد !
تذكرتُ يدك الدافئة تمنح البحر صهيل الجواد .. تمنح يومي شغفاً بغد يأتي ..
تذكرتُ معاصر الزيتون في محجريك تلمعُ بها الآمال!

*
الآن الآن وقبل عما قليل وبعد ، وأنت على الضفة الأخرى تفسخ فك التنين بيديك؟!
أ تُراك تذكرني؟
أ تذكر كلامك لي ؟
شعارك وشعرك؟
اللون الأزرق الذي سفحته على مئات اللوحات وأنت ترسم مدى بعيد لشعب ألِفَ الانحناء ؟
عن مقهى الباستيل بين زمرة الفلاسفة تضج بأسئلة البشرية تسمي ولادتنا محنة وموتنا انتصار ..
ألم تقل لي : "أجمل ما في الحياة قذارتها لهذا كان موتنا انتصاراً عليها " ؟
مشيتُ طويلاً على سور سجن الباستيل أحلم باختراع يصلني بك ..
بذاكرة لا تتقطع أنفاسها من اللهاث وأنا أعدو خلف ملامحك النبيلة استحضرها بين أهدابي
وأتعذب لو ضاعت حبة خال من يدي !

مشيت ..
وليس في المدينة شوارع ، وليس في الشوارع أرصفة وليس على الأرصفة يافطات !
كنت أطير لأربت على كتف السماء المفجوعة لامتقاع أدمتها وللشمس التي رقطت جبينها سحابة!
كنتُ غصة علقت بحنجرة مقهور ..
كنتُ ضياعاً يتفشى في الضياع ..
و استغاثات ضعاف سقطت قبل أن تكمل طريقها إلى الله بصاروخ طائرة!
كنت أطير فوق غابة بولونيا أراقب اندلاع الصيف على الأكتاف العارية وأتحسر على الأكتاف المتراصة
لبت نداء "الله أكبر" فأحالوها بطرفة عين إلى مشهد رعب يبثها التلفاز في التاسعة مساءً على مائدة العشاء!
كنت أطير وأفتش عنك .. عن وعودك لي وكلامك عن الحرية وارفعِ رأسكِ وكوني نصفي واكتبي للمتعبين على الضفة الأخرى لتمنحينهم غداً جديد ..
كنتَ مخلوقا أسطوري نصفك شعب والآخر نبي !
فهل كان رحيلك وحي إله ؟
هل كانت باريس وشقتك في الدور العاشر قيداً حطمته ومضيت ترسم الأزرق على صفحة الوجود؟
**
لا أدري !
لا أدري لم كلما حاولت أن اصنع لي رجلاً من الحبر أشهرت أنت ملامحك أمامي وقلت هاكِ أنا فاتبعيني!
أتدري ..؟
أتدري بأن خشخشة أوراقك الملغمة بالحروف اسمعها في أذني كل مساء ؟
تنبجس من حقيبة يدك الجليدية تزحف منها شعوب نحوي .. تملأ الردهات و الزوايا في شقتي وتتواطأ على أوردتي لترفع بها سقف خيمة!
**
آه لو تدري كيف هي الأمكنة .. "بدونك" !
كيف غيرت مقاهي باريس عاداتها وباعت لحمها الحُر لسواح جنس!
كيف تكالبت الحروف علي ومنحتني تصريحاً واحد !
هو الكتابة عنك ..
عن جبينك تفركه بأصابعك صباحاً مساء وأنا أطاردك خلف سحب الدخان لألتقط الوحي من عينيك ..
عن الأمكنة ..
التي أطاحت برأس النضال ومحاربيه الأشاوس من امتطوا صهوة الورق وطاروا خلفك ليصرعوا التنين!


رندة المغربي /فرنسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي