الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل التكليف الثالث مُلزم بتوافقات جديدة ؟!

صبحي مبارك مال الله

2020 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كان المتوقع الإفتراضي من الطبقة السياسية وكتلها مراجعة مسيرتها وأفعالها ومواقفها من الشعب العراقي بعد تفشي جائحة فايروس كورونا في العالم والتي سببت إصابة مئات الآلاف من البشر ووفاة مائة ألف من المرضى، فهذه الكارثة التي لم تتوقف إلى يومناهذا إجتاحت العراق أيضاً فأضافت أزمة جديدة ومشاكل وعبء ثقيل على الشعب وبدلاً من تظافر الجهود والوقوف موقف وطني حقيقي تجاه هذا المرض وتداعياته الخطيرة الصحية والإقتصادية والمعيشية نرى الكتل السياسية همها الوحيد كيفية المحافظة على مواقع سلطاتها وتبحث في الغرف المغلقة ووراء الكواليس الضماتات التي تجعلها مستمرة في الحكم بدافع الأنانية، وكيف تنسق فيما بينها وتقديم التنازلات المتقابلة بعضهم أمام البعض الآخر بعد ان عرفت وضعها المقلق والمهزوز أمام إنتفاضة الشعب العراقي وما فعلته بالمنتفضين من إعتقالات وإغتيالات وخطف وإستخدام كافة الوسائل من أجل وأد الإنتفاضة السلمية والقضاء عليها بواسطة المليشيات الخارجة عن القانون والقوات القمعية. نعم أرادوا ذلك بعد ان كشفت إنتفاضة الشعب والتي إستمرت أكثر من ستة أشهر وهي تزداد قوة، سيئات النظام المحاصصي الطائفي وعن سرقات ثروات الشعب وتغييب الدولة ومؤسساتها وتغييب الهوية الوطنية والمواطنة وفرض حكم الأحزاب الإسلامية والإثنية والقومية والخروج عن الدستور والقوانين ولم يُخلف منهجها سوى الخراب التام وإفلاس الخزينة، ولهذا عندما أصبحت الطبقة السياسية في الزاوية بعد فقدانها ثقة الشعب بأنها لاتستطيع مواجهة الإتهامات ولاتستطيع تلبية مطالب الإنتفاضة لإنها تهدد إمتيازاتهم ومناصبهم وعندما حلت كارثة كورونا في العراق، كانت إنقاذ لهم ومن ثم إستعادوا الأنفاس من جديد للتحرك وبكل فرح وسعادة للبحث عن رئيس وزراء يكون مطيع ويلبي طلباتهم عند توزيع كراسي الوزراء وكذلك البحث عن وسائل جديدة للقضاء على فايروس كورونا عفواً للقضاء على الإنتفاضة ولكن كورونا وكوارثها لاتهمهم ولاتثير لديهم المشاعر الوطنية تجاه الشعب. ومهما تكن الخسائر البشرية والمادية، وكما هو معروف للقاصي والداني بأن العراق وشعبه لايعيش فقط أزمة واحدة بل عدة أزمات أدت بأوضاعه المتعددة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي الزراعي والصناعي وآخرها الصحي ، إلى التدهور والوصول إلى حافة الهاوية . ومن هذا المنطلق خرجت التظاهرات منذُ عام 2011 صعوداً إلى تفجّر الإنتفاضة في الأول من تشرين الأول /أكتوبر 2019 والتي مثلت عمق الشعب العراقي ومطاليبه وبالتالي أحدثت الإنتفاضة وحراكها أجواء ثورية وقلق وإرباك للطبقة السياسية التي فوجئت بخروج مئات الآلاف من المنتفضين للتظاهر والإحتجاج . وتحت ضغط الإنتفاضة وقوتها وصمود ها وفي المقدمة الشباب سارع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الإستقالة، فأصبحت الوزارة حكومة تصريف أعمال . ولكن المسألة ليست الوزارة التي هي نتاج النظام المحاصصي الطائفي وإنما النظام السياسي نفسه والذي فشل فشلاً ذريعاً وهذا يتطلب التغيير الجذري. وبعد التسويف والمماطلة في تلبية المطالب، جرى البحث عن مرشح لرئاسة الوزراء يكون مستعداً لتلبية مطالب الشعب كما عليه تلبية مطالب الطبقة السياسية وكتلها. وجرى تكليف محمد توفيق علاوي الذي قدم برنامجه الخاص بالوزارة المؤقتة وحاول تسويق نفسه بين الكتل السياسية وتلبية ماتريد، ولكنه فشل بسبب إصرارها على نفس المنهج وتجاهل جماهير الشعب وإنتفاضته وعندما إنتهت الفترة الدستورية هي ثلاثين يوماً ولم يصل إلى نتيجة ولم يجرِ عقد جلسة لمجلس النواب لغرض التصويت بسبب المقاطعة من قبل الكتل، قدمّ إعتذاره عن التكليف. ولكن ماذا كانت تريد الكتل السياسية المتحكمة والمتسلطة : تريد التوافق وترضية الجانب الإيراني بتلبية دعم إيران في الصراع مع أمريكا، إخراج القوات الأمريكية بأسلوب لايتفق مع الإتفاقيات الأمنية والمعاهدات بين الطرفين، التمسك بتوزيع الوزارات حسب الحصص وهو الشاغل الأكبر لديهم ، التسويف في تثبيت موعد للإنتخابات المبكرة، عدم الشروع بمحاكمة الفاسدين الكبار أصحاب المليارات من الدولارات والتي تمثل معظم وارادات العراق من النفط ، لايسمحون بفتح التحقيقات الخاصة بقتلة المتظاهرين والمختطفين والمعتقلين وعمليات الإغتيال ودور المليشيات و الكشف عن المسؤولين عن هذه الجرائم .وكثير من الفقرات التي تخص النهب والسلب للثروات العراقية والمشاريع الوهمية وغيرها . فأعتذر السيد محمد توفيق علاوي عن التكليف خصوصاً ولم تؤيده جماهير الإنتفاضة بسبب عدم تطابق شروطها عليه. ثم جرى تكليف عدنان الزُرفي أيضاً من قبل رئيس الجمهورية ولكن بدون موافقة قيادات الكتل السياسية، ولكن الزرفي إستطاع أن يحصل على موافقات الخط الثاني من القيادات وبعد تقديم تعهدات له من قبل إتحاد القوى العراقية بقيادة الحلبوسي رئيس مجلس النواب وقبيل إستنفاذ المدة القانونية وعقد جلسة التصويت على كابينة الزرفي في مجلس النواب جرى تحرك جديد بالضد من الزرفي الذي أحتوى برنامجه ثلاثة محاور وهي (الاقتصاد ، الانتخابات والتظاهرات ، العلاقات الخارجية ) وبالتالي لم تعُقد جلسة التصويت والتي يرى فيها المراقبين بأن الجلسة لو عُقدت لتمّ تمرير الزرفي وكابينته بغض النظر عن مواقف القيادات التي كانت تتهمه بأنه مرشح أمريكا وداعمة له، وجرى التعامل مع الزرفي تحت ضغط الترهيب والترغيب وجعله يقتنع بالإنسحاب بعد ان تنصل عنه المؤيدين له وفي المقدمة إتحاد القوى العراقية (السنية ) ، والنصر بقيادة العبادي مقابل توافقات وترضيات حول المناصب . ولكن الذي غيّر المعادلة وعمل على إستبعاد الزرفي ومارس الضغط على الكتل الشيعية لغرض توحيد مواقفها هو (إسماعيل قاآني) قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بديلاً عن قاسم سليماني خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد . ونتيجة هذا التدخل الصارخ تم تعديل المواقف من خلال التحرك المحموم من أجل تنسيق المواقف وتوحيدها وتمت من جديد إستعراض الأسماء فطرح أسم (مصطفى الكاظمي ) والذي كان مرشحاً مع عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المستقيل ، ثمّ أُدرج أسمه مرة أخرى مع المرشحين محمد توفيق، الزرفي وآخرين وبعد إعتذار المرشحين السابقين لأسباب معروفة وتراجع السنة والكورد عن تأييد الزرفي وكذلك جرى التوافق مع أمريكا وإيران لتأييد المرشح مصطفى الكاظمي . فكان التكليف الرسمي من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح في يوم 09-04-2020 بحضور أغلب القيادات فأصبح المكلف الثالث، وبعض المعلومات تشير إلى وجود ضوء أخضر من أمريكا لتمرير الترشيح. مصطفى الكاظمي هو رئيس جهاز المخابرات العراقية الوطني تمّ تعيينه من قبل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في 07-06-2016 هاجر من العراق عام 1985 عن طريق كوردستان إلى ألمانيا ومن ثم بريطانيا، كان حامل شهادة الأعدادية وهناك من يقول ذهب من ألمانيا إلى السويد لوجود شقيقته فيها ،ثم ذهب إلى بريطانيا ومن يقول بأنه عمل مع المعارضة مع أحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر ونشأت له علاقة مع الأمريكان هذه المعلومات بحاجة إلى توثيق . عاد إلى العراق بعد التغيير خريج كلية التراث الجامعة سنة 2012 وحصل منها على شهادة القانون بدرجة مقبول. تم تعيينه مديراً تنفيذياً لمؤسسة الذاكرة العراقية وعمل مع شبكة الإعلام العراقية كما إنتمى إلى حزب الدعوة ولكن الآن يقال عنه مستقل .باشر السيد المكلف عمله بإلقاء خطاب التكليف والذي تعهد بنفس التعهدات التي قُدمت قبل المكلفين السابقين ولكنه شدد على حصر السلاح بيد الدولة ، وسيادة العراق والكرامة وعدم السماح بالتدخل ، ولكنه لم يتطرق إلى المحاصصة الطائفية ولا إلى الكشف عن قتلة المتظاهرين وأكد الدكتور أياد علاوي المتحمس للمكلف مصطفى الكاظمي ومؤيد له على ان الكاظمي ملتزم بإجراء الانتخابات المبكرة، السؤال هل يستطيع الكاظمي المرور من تحت قبة مجلس النواب ؟ وكذلك ما هو موقفه من الإنتفاضة ومطاليبها ؟ وبعد خطاب الكاظمي ذُكر بأنه سوف يقدم الكابينة الوزارية خلال عشرين يوماً. ويبدو إن الغيوم تلبدت من جديد بعد الإتهامات التي وجهت من قبل كتائب حزب الله العراقي ،إلى الكاظمي بأنه متآمر وتسبب بمقتل القيادي في الحشد الشعبي (أبو مهدي المهندس) وقائد فيلق القدس الإيراني (قاسم سليماني) ولكن هل هذه الإتهامات مؤكدة ؟ وماهو رأي الكتل السياسية الشيعية بذلك؟ الجميع يتحملون المسؤولية وتأخير تشكيل وزارة من خلال إختلاق المشاكل أمام مرشحين هم من رشحهم ولكن هذا دليل على زخم الصراع بين الكتل السياسية وأنهم لايمكن أن يتفقوا في حين إنهم لم يضعوا رأي الشعب في الحسبان . وإن مايجري هو ضمن التوافقات والمصالح والمناصب والإمتيازات بعيداً عن مصالح الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا