الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم مؤتمر السباع الطلابي

عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)

2020 / 4 / 14
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


كثيرٌ من المؤتمراتِ يذهبُ ريحها بعد مضي فترة وجيرة على إنعقادها، وبعضها قبل أن يجف حبر بيانها الختامي. اليوم نقف أمام مؤتمر مضى عليه 72 عاماً، وهو محتفظ بكامل حيويته وإشراقه. إنه مؤتمر السباع العتيد ـ المؤتمر الأول التأسيسي لإتحاد طلبة العراق. إتخذ المؤتمر إسمه من الساحة التي إنعقد فيها ـ ساحة السباع برصافة بغداد. وكثيراً يشار الى موقع الساحة على أنه في شارع الكفاح. بإعتبار الشارع هو إبرز دالة على الساحة، التي تقع على شارع قصير بين حيين عماليين فقيرين. يربط شارع الكفاح بشارع الشيخ عمر.

إن سر حيوية هذه المنظمة المهنية ـ إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية يكمن في إخلاصه لشعاراته المعلنة. والى دقته في الربط بين الهموم الوطنية صغيرها وكبيرها، وبين المطاليب المهنية المشروعة والعادلة. وهذا الى جانب التضحيات الكبيرة التي قدمها مناضلوه خلال عمره المجيد والباسل والمشرف.

أعتقد جازماً أن دور الطلبة محلياً وعالمياً كبير في النضال ضد كل أشكال الظلم الإجتماعي. ولهم أدوار مشرفة في التضامن مع الآخر، وضد البرامج التعليمية المتخلفة، ومن أجل التوسع في إلزامية التعليم، ومن أجل إتاحة فرص متكافئة بين الجنسين. والحديث عن أدوار الطلبة الإجتماعية طويل ومتنوع وحيوي ولا غنى عنه في أي مجتمع يريد السير الى أمام. يكفي أنهم بمثابة المنجم؛ هم مؤسساتهم التعليمية والبحثية حيث يزودون المجتمع، وخطط التنمية الإقتصادية منها والإجتماعية بالكوادر الضرورية. وهم مشاريع كامنة لإعداد العلماء والباحثين والأيدي العاملة الفنية.

شجع إتحاد الطلبة العام أعضاءه على التفوق الدراسي. وغرس في عقول وقلوب أعضائه حب الوطن والتضحية في سبيله. وبذلك أصبح تاريخ الحركة الطلابية جزءاً مهماً لا ينفصم عن تاريح الحركة الوطنية.

يسجل طلاب العراق اليوم أمجاداً بطولية مشهودة على طريق زملائهم السابقين. يشهد الجميع بالدور الخلاق والشجاع للطلبة، ومشاركتهم القوية والمبدعة في إنتفاضة الشعب ـ إنتفاضة إكتوبر/ تشرين الأول المتواصلة ضد الفساد واللصوصية وإنتهاك الحقوق والممتلكات العامة والخنوع للدوائر الخارجية، الضعيفة منها والقوية.

أتوقف بإيجاز عند بعض الملاحظات التي إهتمت بنصب السباع الذي أخذت الساحة منه إسمها. فقد أشار على سبيل المثال السيد رياض العزاوي الى إسم النحات أو مصمم الساحة. أطلق عليه إسم ووصف النحات اسكندر الروسي بإعتباره هارب من الإتحاد السوفياتي السابق، وكذلك أشار آخرون.

أميل الى رواية أخرى رواها لي رفيقي الراحل العمالي آرا خاجادور، وهو من بين أبرز القادة التاريخيين في الحزب الشيوعي العراقي. عمل في أوساط المنظمات الشبابية الآرمنية في أواخر الأربعينيات بالعراق. تولي سكرتارية الفرع الأرمني في الحزب أيضاً. قال: إن الفنان المبدع إسكندر الملقب بالروسي. هو من أرمن جورجيا. وهو فنان ورياضي متعدد المواهب. لم يكن معادياً للإتحاد السوفيتي، بل هو قريب منه بشدة. وأشار من بين الأسماء التي إستخدمها الراحل آرا خاجادور لنفسه ـ أبو إسكندر. وقد أورد الراحل في كتابه الموسوم بـ "نبض السنين" العديد من وسائل عمل السوفيات في البلاد العربية.

أعتقد من جانبي أن الأمة الأرمنية لها معاناة تشبه معاناة العرب. والأرمن في ذاكرتهم الوطنية يحتفظون بود للمواقف العربية الطيبة والمتضامنة من ومع مآسيهم التاريخية. حين يحل الأرمني في وطن جديد يحترم ذلك الوطن. ويبقى على إعتزازه ببلاده الأم. ولا يخلق أي تناقض بين الموقعين.

لو وقفنا وقفة تأمل بنصب الأسود في ساحة السباع. نجد فيه إلتماعة من تاريخ العرب الفني. تعبر عن الود بين الجانبين. فالتأثر بالإبداعات الفنية العربية، وبخاصة الأندلسية منها بارز. يظهر ذلك من خلال إستلهام إيحاآت قصر الحمراء الرائع في غرناطة بأسبانيا. ذلك القصر البديع الذي يحتض في ساحة الرئيسية نافورة الأسود الجميلة. لا توجد أية صعوبة في تلمس التشابه بين العملين الجميلين في كل من بغداد وغراناطة، مع الفارق في أن نصب الحمراء حمل مهمات أخرى، منها أنه ساعة لقياس الوقت. تعلن عن نفسها عند نهاية ساعة، هذا طبعاً قبل أن يتم إتلاف تلك المهارة الإستثنائية.

أرفق ثلاث صور:
ـ شعار إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية
ـ ساحة السباع في بغداد قبل أن يصيبها المزيد من الإهمال
ـ ساحة الإسود في قصر الحمراء بغرناطة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام