الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة رجال في مرايا الراي والسياسة والحياة في العراق.

مظهر محمد صالح

2020 / 4 / 14
الادارة و الاقتصاد


لم يستطع الكِبر ان يجرني الى اخاديد الزمن الصعب وتعرجاته القادمة في النسيان دون ان اهرع في كل مرة الى تقليب اوراق ثلاثة رجال من كتاب الاجتماع السياسي في العراق ،وانا ادرك حقاً انها نصوص يصالح بعضها البعض بشان احوال الانسان ومشاغله في العراق السياسي .فهم ثلاثة رجال من العراق يلوجون باحزان الحاضر وآمال مستقبل أناس يتطلعون لمن يفك شفرة عقدهم الاجتماعي الضائع . والثلاثة لم يسدلوا الظلام بالتخلي خطوة عن الاصرار وفعل مايرجى منهم في فك لغز الدولة واشكالية النظام السياسي وكيف يواصل ذلك النظام تقاليده الراسخة في بلوغ النعم والعمل وصيرورة الحياة .فغالباً ما اتخيل و بنظرة ساخنة وبشغف واسع وشوق عميق لاطلع كيف يتنفس العقل بشكل متسق بين الرجال الثلاثة ليصدر منهم عجائب واقباس جمعتها آلام الماضي ومسارات الحاضر وهي تدفع الى المشاركة في بناء مستقبل الدولة الحديثة .وكلها لم تات من حكمة الغيب قطعاً وانما تُسّيرهم قوة عقلية جبارة لهيكلة الضعف وجعله بنيان مزدهر.
- [ ] فاول الثلاثة هو الكاتب والمفكر حسين العادلي الذي يطل بشذرات ديدنها يقظة العقل الذي يقبع في ظلمته منتظراً الشروق ثم يتلقى نور الحكمة فجأة .فهي كلمات وسطور مليئة بحب الحقيقة يسطرها برقي عال في دنيا الاجتماع والسياسة وهي تقول:
• الاسئلة تخلق احرارا، والاجوبة تخلق قطيعا،.. انما نتحرر بالاسئلة
• الاسئلة اشرعة، والاجوبة لحود،.. انما نحيا بالاسئلة.
• المعيار ميزان الاسئلة والاجوبة، وبالمعايير نحول دون عبث الاحكام وفوضى النتائج.
هنا يتغصغص بصري المفتون بجمال الحكمة في حياة الشعوب وتجنب موتها في كيفية تدارك علة السؤال وسببيات الجواب التي ساق تجلياتها الكاتب حسين العادلي .فمن دون ان يستبد بي الرأي لأمسك بخيط معرفي واحد يؤصل الحقيقة ،اجبت العادلي بسري ان جناح تطور العلوم واتساع المعرفة الفكرية وصعودها هي وليدة النقاش او الجدل debateالذي يتمحور على سلاسل من التغذية العكسية feedbacks debate في الاسئلة التي تقود الى اجوبة ، واجوبة تقود الى اسئلة. انها جدلية البحث والتقدم العلمي للشعوب الحية وليس قطعان الشعوب في البحث عن الحقيقة باجوبة خالية عن مصدر الاسئلة.
ولم تفلت ذاكرتي من فهم وتتبع قلم الكاتب والمفكر ابراهيم العبادي عبر مشاغيل العمل العقلي والتحليل السياسي ،فهو من من يلهب الحماس بواقعية لم اعهدها سابقاً .
فابراهيم العبادي هو خير من يتناول قضية الانغلاق السياسي الذي يماثل انغلاق الناس في محاجرها في (التيه) الذي عجز الكثير عن فهم حقيقته قائلاً:

{{ان الانسداد الحاصل في العملية السياسية لن ينكسر باتفاق او توافق انما بكسر الارادات وتغليب جناح على جناح ورؤية امنية في مقابل رؤية سياسية ، كل ذلك يجري وكورونا المستجد يطيح بأقوى الانظمة ويعيد انتاج النظام الدولي ، ويتسابق المفكرون والساسة الى توقع المستقبل وفق دروس الوباء الاخطر ، لكن الكورونا في بلادنا لم يطح باخلاقيات واعراف السياسة العراقية التي تفشل في انتاج حكومة قصيرة العمر محدودة الاهداف .!! ولم يعترف احد حتى الساعة بانه يحتاج لمراجعة منظومة القيم والافكار التي تحركه ،فاي فراغ واي (تيه )اكبر من تيهنا ؟ }}.
هنا لذت بالصمت ولم ابتعد عن ريعان الحقيقة في مفردة التيه، لاجد صداها في نفسي يقول :التأهون في صحارى الأنانية وتعظيم الذات والبحث عن السعادة السياسية لانفسهم وبنفسهم دون اكتراث لمصالح الامة وآلامها وآمالها فلا يهمهم مصير العطشى في تلك الصحراء القاحلة من حولهم ،لخلوهم من اي تحسس للمحيط الا تحسس محيط الذات الفارغ او فراغات المجهول .وها هم يبحثون عن (شيء )لأنفسهم وبانفسهم ولكن من (اللاشيء ) .انه ابراهيم العبادي من اكتشف التيه بمسالك عقله ومن لامس جراح الامة بمداد تحدى ذاكرتي بعجائبها ليدفيٰ القلب بالطمئنينة نحن الرجال من جيل العقد السابع.
واخيراً مازن صاحب القلم الشاب الشديد العمق والمفكر الواعد الذي لاينقطع وما يصدر من شغاف قلبه وعقله هو من عجائب المنطق دون ان يغرق تحت حدة الانفعال وآلام الذكريات او الاشتعال بالاجوبة الخفية دون (التساؤلات )او (التيه )في مضارب الارض السياسية دون ان يمرق الى الضياع .فهاهو مازن صاحب يغيث بفكره وبخلوة اعتمال عقله دون ان يستغيث ابداً . كتب مازن صاحب قبل ايام مقالاً سياسياً تحليلياً ينصح بتاسيس مجلس مكثف للراي العام يسمى:مجلس الحكماء..! مستدركاً ان
ان اهمية مثل هذه اللجنة الاستشارية او المجلس تتمثل في :
{{التفكير من خارج صندوق العملية السياسية دون الانغماس في مطامع السلطة .. وهذا لوحده يجسد حاجة ملحة أمام الحكومة لفهم متغيرات الراي العام العراقي .. ومتطلبات الحفاظ على صحة الاجراءات المفترضة للخروج بالعراق من حافة الهاوية .

.كذلك اختيار فعاليات مجتمعية مرموقة مثل شخصيات دينية لا علاقة لها بالعملية السياسية ومن مختلف الديانات الابراهيمية لاسيما المسيحية وبعض الأسماء لشخصيات اسلامية عرفت بالزهد والاعتدال فضلا عن النقابات والاتحادات المهنية.. وعدد من الأكاديميين ذوي الدراية والاطلاع بافق واسع .. في العلوم الاقتصادية والادارية والسياسات العامة للدولة ..كل هذه الشخصيات ستقدم استشاراتها وهي تستشرف طريق الحلول الأفضل لمواجهة تحديات الأسوأ وليس الذهاب إلى الأسوأ لتطبيق اجندات حزبية تمثل مصالح اقليمية ودولية تتصارع بالوكالة في العراق.
. ووجود مثل هذا المجلس الاستشاري على هامش أعمال الحكومة .. يمنح منافذ حلول منهجية واضحة وصريحة ومباشرة للتنفيذ تتماهى مع الراي العام العراقي وتحصر اجندات الاحزاب والقوى المتضاربة داخل ثكنة مجلس النواب في الحد الادنى أو تجبرها على ذلك وسيكون البديل البديهي المعروف للجميع هو قيادة الراي العام بالضد من ذلك التضارب السياسي البرلماني.
. كما سيكون أمام رئيس وزراء العراق فرضيات مخاطبة الراي العام العراقي المصغر داخل لجنة الحكماء .. ومنهم لمخاطبة الراي العام كله وهي فرصة واقعية بتطابق الافعال الإيجابية مع الاقوال }}.
هنا جرني مازن صاحب الى اصول جدلية (السؤال )التي جاء بها العادلي في مقولاته ونوبات (التيه )والضياع التي كانت تحليلياً لاشكالية الجواب والاستسلام التي تصدى اليها ابراهيم العبادي، ليطلق مازن صاحب سهاماً مباشرة في تدارك موضوع غاب عن المثقف العراقي وهو الفرق بين المثقف التقليدي traditional intellectual
من يعمل بعقله دون ان يجري تغيبراً جوهرياً في الحياة السياسية والاجتماعية للمجتمع وبين المثقف العضوي organic intellectual وهو مثقف اديولوجي يمارس دوره بعيداًعن الهيمنة الثقافية والتنميطات التي يؤسسها العقل الجمعي (التائه )كما جاء في اطروحة ابراهيم العبادي وبين (الاجوبة )التي تخلق قطعاناً كما جاء في اطروحة حسين العادلي.وهكذا ارى في فكرة مجلس الحكماء التي تداولها مازن صاحب تاتي في جوهرها لفك الارتباط بين المثقف التقليدي وبين السطوة الثقافية للمؤسسات العامة من جهة وبين المثقف العضوي من جهة اخرى.
بعبارة اخرى سيشكل الاساس العضوي غير التقليدي لثقافة احزمة مهمة مدخلها مجلس الحكماء (كتعبير عن اعمال العقل الثقافي )ومخرجاها هي المقدرة على التحيز لمصلحة الشعب وتطلعاته في رسم مستقبل خالي من العواقب.
ختاماً ،ان ما يطرحه مازن صاحب من دور للمثقف العضوي وبنكهة المفكر الايطالي انطونيو غرامشي في دفاتر السجن(١٨٩١ - ١٩٣٧) ياتي لاظهار دور العامل الثقافي في الصيروة التاريخية للعراق عبر مجلس الحكماء المتحيز الى الشعب والمتطلع الى عقد اجتماعي للعراق خالي من (التيه )ويستخدم فكرة (السؤال)دون الانصياع (للجواب) كاساس معتقدي لتجانس البناء السياسي للعراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إستقراء وإستنتاج صائب
د . عبد علي عوض ( 2020 / 4 / 15 - 18:30 )
ألعزيز دكتور مظهر .. بعملية إستقرائك ، وضعت النقاط على الحروف وخاصةً في إطار الفرق بين المثقف ألتقليدي والعضوي، وياريت يتحقق تأسيس مشروع الخبراء ألذي كنت ولا أزال أحلم بتحقيقه ... مودتي ,إحترامي

اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي