الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاداتُ الساداتِ ساداتُ العاداتِ*..وكيف بِعادات سيّدِ كورونا؟ هل سترقن قيد هذه العادات حال إنتهاء الأزمة، ويعود كل شيء كما كان عليه من حيث المنطق واللامنطق؟ من حوارنا مع الكاتب والمحلل السياسي شاهو القره داغي- عن تيار جائحة كورونا وتيارات القيادة السياسية والناس- الحلقة السادسة

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2020 / 4 / 15
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


فرض فايروس كورونا عادات جديدة على الشعوب، التباعد الاجتماعي والعمل من البيت. خطوة مهمة إتخذتها الحكومات للحد من انتشار فيروس كورونا، وقد سبقنا إليها هاروكي موراكامي قبل أن يرمي كورونا شباكه، قائلًا:
-أنا واحدٌ من هؤلاء البشر، الذين يفضلون البقاء بلا رفقة، ولكي أكون أكثر دقة، أنا شخص لا أجد في الوحدة أي أَلَم أو عناء، ولا أجد في قضاء ساعة أو ساعتين يوميًا في الركض وحيدًا بدون التحدُّث مع أحد، وقضاء أربع أو خمس ساعات أُخرى في مكتبي وحيدًا، شيءٌ صعب أو مُمل، حيثُ إنني لديّ هذه النزعة مُنذ طفولتي، فمثلًا عندما يكون لدي خيار، كُنت دائمًا ما أُفضل قراءة الكُتب في عُزلة تامة أو الإستغراق في الإستماع إلى الموسيقى، عن تواجدي مع أي شخص آخر، فأنا دائمًا لديّ أشياء لفعلها وحيدًا .

مستشار مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات شاهو القرة داغي يحدثنا قائلًا:

من الواضح أن فيروس كورونا أحدث ثورة كبيرة وتغييرًا هائلًا في عادات وتقاليد الشعوب وطريقة تعامل الأفراد مع بعضها البعض، التعبير عن الود كان بالسلام والمصافحة، وفي زمن الكورونا نسمع مقولة " لا أصافحك لأنني أحبك" كما انتشرت في إيران، بينما كانت القُبلات تعبيرًا عن الحب للمقابل، واليوم نرى مقولة "أعط الزهور لا القُبل"، ينتشر في رومانيا وعدة دول أخرى لتشجيع الناس على تقديم الزهور إلى المقابل للتعبير عن الحب بدل الأحضان والقُبلات.
عادات الشعوب تكون أحيانًا أقدس من التعليمات والتوجيهات الدينية، وكما يقول المرحوم مصطفى السباعي: إن "العادة تبدأ سخيفة، ثم تصبح مألوفة، ثم تغدو معبودة". فإنه من الصعب أن تتخلى الشعوب والأمم عن عاداتهم بسهولة حتى لو كانت تعارض النصوص الدينية التي يؤمنون بها، وخاصة في منطقة الشرق التي تتميز عن الغرب بالكثير من العادات وخاصة في ما يتعلق بالتحية والسلام ومعاملة الآخر .

ولكن هذه المرة تبدو الأمور مختلفة، لأن الجائحة تؤدي إلى الموت ولا يمكن التهاون معها، بالإضافة إلى وجود العديد من الحملات الحكومية التوعوية للتوقف عن ممارسة العادات المعروفة أو تأجيلها لحين التخلص من الفيروس، قد يكون من الصعب التخلص من هذه العادات ولكن مع بقاء الفيروس سيكون واقعًا في المستقبل، الكثير من المواطنين اعتادوا على تنظيم مراسيم العزاء بشكل ضخم للتعبير عن حبهم وإخلاصهم للميت، وحتى في زمن الكورونا وحظر التجوال والإجراءات المشددة، عملت بعض العوائل على إقامة العزاء دون الإكتراث بالتعليمات الطبية والحكومية، وهذا يؤكد وجود شريحة بين البشر تُقدس العادات والتقاليد حتى لو كانت على حساب صحة وسلامة الآلاف من المواطنين .

- السؤال الأهم هل ستنتهي هذه العادات الجديدة التي دخلت على الشعوب بانتهاء فيروس كورونا؟

أعتقد أن بعض العادات الجديدة التي دخلت على الشعوب بعد فيروس كورونا سوف تبقى حتى بعد إنتهاء مخاطر الفيروس، لسبب رئيسي وهو أن العادات الجديدة حققت مصالح الكثير من المواطنين وسهلت الكثير من الأعمال والواجبات، حيث أنها حلت محل الكثير من العادات التي كانت سائدة دون أي جدوى .
من العادات الجديدة التي أصبحت واقعًا بعد فيروس كورونا، العمل عن بُعد أو عن طريق الأنترنت وترك مكان العمل فارغًا، في السابق كان الاعتقاد السائد بأن تواجد الشخص في مكان العمل ضروري لتسيير الأمور وجودة العمل والإنتاج، ولكن بعد كورونا رأينا الكثير من الشركات والاعمال من الممكن أن تُسيير وبجودة أسرع وأفضل عن طريق الأنترنت، وهذا الأمر سيكون ثابتًا حتى بعد زوال الفيروس ، لأن الكثير من الشركات وأصحاب المشاريع سوف تتجنب دفع التكاليف الباهظة لترتيب مكان العمل وتلجأ إلى الاستعانة بالأنترنت وخاصة أن النتائج تكون متساوية أو أفضل بكثير .

في سياق متصل ننظر إلى التعليم عن بعد أو عن طريق الأنترنت الذي أصبح ضرورة لكل المدارس والجامعات، بينما كانت العادة الدارجة هو التعليم في الحرم الجامعي أو الحضور في المدارس للمزيد من التفاعل والمشاركة، ولكن هذه الأزمة غيرت المفاهيم وأوصلت فكرة واضحة، بأهمية هذا الجانب، وهذا الأمر قد يدفع بعض الدول التي كانت لاتعترف بالتعليم الإلكتروني وتعتبره نوعًا من إضاعة الوقت والجهد، أن تعيد النظر في هذا الجانب وتعترف بالتعليم الإلكتروني ويكون الأنترنت بديلًا عن التعليم التقليدي.
أما من ناحية العادات الاجتماعية، فإن الأمر سيكون مختلفًا من مجتمع إلى آخر ، حيث أن المجتمعات الشرقية التي كانت تتشبث بعادات وتقاليد التحية والسلام من الصعب أن تتخلى عنها بشكل نهائي، ولكن سيؤثر بشكل كبير على تصرفات الأكثرية التي تخشى من العدوى وتقلق من أي ملامسة للشخص المقابل، وبخصوص هذا الأمر،

-يقول مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أنطوني فاوتشي في صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأمريكية : بأن المصافحة بالأيدي ستكون من السلوكيات التي قد تتغير إلى الابد ".
-رويتحدث فاوتشي عن مرحلة ما بعد كورونا قائلًا: «عندما تبدأ الحياة بالعودة إلى طبيعتها تدريجيًا، فإنك لن تقفز على قدميك. بل تتساءل عن الأشياء التي ما زال بإمكانك القيام بها بشكل طبيعي، ومن بين هذه الأشياء الضرورية بالتأكيد غسل اليدين بالإضافة إلى عدم مصافحة أحد أبدًا بيديك».
وهذا يعني أن العودة التدريجية إلى الحياة سيتضمن أيضًا عودة تدريجية للعادات السابقة وتحل محلها العادات الجديدة، مادام خطر الأوبئة قائمًا وقابلًا للعودة والانتشار مجددًا.
______________
• أبو الفتح البستي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة