الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع رمز الأغنية الملتزمة الفنان سعيد المغربي

عزيز الهلالي

2006 / 6 / 13
مقابلات و حوارات


بدعوة من جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان، أحيى الفنان سعيد المغربي أمسية فنية يوم 20/ماي/2006 بقاعة السينما إسبانيول، حضرها جمهور غفير. وفي أجواء طبعتها شعارات وزغاريد فجر صوت سعيد وآلته/العود ذاكرة الحضور بلحظات أعادت الزمان إلى الوراء حيث هناك امتزج الفرح بالحزن، والقوة بالضعف، والتفاؤل بالتشاؤم... وتحت خضوع سعيد لرغبات الجمهور مطالبا إياه بأغاني تشكل علامة فارقة في مساره الفني، فإن لحظات الامتداد زادت قوة شكل سعيد جسرها بين أعمار متفاوتة وشرائح اجتماعية ومهنية متباينة...لتظل أغنية سعيد تحمل سر استمراريتها في كونها تتعالى عن رسم الحدود.
وعلى هامش هذه الأمسية أجرينا حوارا مع سعيد، حاولنا وضعه في لعبة المقارنة بين سياقين، تاركين إياه كاشفا عن الثابت والمتحول في الأغنية الملتزمة.



س: سعيد ألهب بأغانيه مشاعر وأحاسيس مرحلة هامة من تاريخ المغرب السياسي، فهل الأغنية الملتزمة ما زالت قادرة أن تلعب نفس الدور؟

ج: إذا اعتبرنا أنها نابعة من أحاسيس ومشاعر صادقة إزاء مجموع القضايا المرتبطة بالإنسان والوطن لإنعاش الذاكرة وتغذيتها بالقيم الإنسانية والتنويرية، وبكونها سند حضاري مهم لدعم الثقافة المناصرة للحق و للإنسان المغلوب والدفاع عن الكرامة، بحس نقدي، فهي قادرة على أن تلعب دورها الثقافي والفني بامتياز. لو لم تكن كذلك لما تبنى بعض الدمى الموسيقية العربية بعض من مضامينها وتغنوا بقضاياها للوصول إلى الناس رغم تقزيم حمولاتها في أعمالهم وبشكل سخيف ومبسط و مصطنع.


س: عشتم تجربة المنفى كانت حدا فاصلا بين تجربة وأخرى، و في إطار المراجعة والنقد ثم قلب الأولويات بحيث تراجع البعد السياسي ليحضر البعد الحضاري والثقافي بإيقاعات أمازيغية وإفريقية...لكن الجمهور اعتبر أن التجربة الأولى تشكل نضجا فنيا متقدما. كيف تقيمون هذا الحكم؟

ج: البدايات تترسخ أكثر من النهايات. واستقرار الأشياء كثيرا ما يكون مصدره الاندهاش الأولي، لذا نعشق دوما بداية الأشياء لأنها مرتبطة بالاكتشاف الأولي الذي يشكل محطة أساسية في القبول أو الرفض. وكثيرا ما تلاحق المبدع والفنان نجاحاته الأولية وتطبع مسيرته، هذا نلاحظه عند الشعراء والمبدعين والسينمائيين وحتى في العمل السياسي. جمهور الأغنية الملتزمة هو في كل الحالات جمهور متجاوب مع المباشرة سواء تعلق الأمر بالكلمات أو اللحن. الأعمال المثيرة للفضول الجماهيري هي تلك التي تستجيب مع الأحاسيس المتدفقة والتي هي في انتظار دائم لإشباع نزوعها المفرط رغبة منها لإشفاء غليل من التحدي والصمود والتضحية والفداء والكرامة. و ما دامت الشعوب العربية هي في مواجهة دائمة ضد كل أشكال القهر السياسي والاجتماعي المباشر فهي متعلقة دوما بالأعمال الفنية والأدبية التي يتحقق فيها هدا المبتغى ولو بشكل رمزي. المسألة إذن معقدة من حيث كونها تجعل الفنان أمام لحظات. اللحظة في الموسيقى والغناء الملتزم حاسمة في بلورة وعي فني يليق بها. و كثيرا من لحظات الماضي البعيد والقريب لازال لها حضور أدبي وفني وسياسي، وكثيرا ما كانت إبداعات اللحظة حاسمة في بلورة و تجديد الأساليب والتقنيات والمناهج والأفكار. نجاح الأعمال المباشرة هو في عمقه ليس إسفافا فنيا بل هو وعي فني لمرحلة يمكن أن تدوم، وتعبير عن قضية فنية فيها طرفين: المتلقي والمبدع، و تتسم باختصار المسافات. الفرق بين الأغاني السابقة و الآحقة فهو فقط راجع للمسافة التي لم تعد مختصرة.


س: الأغنية الملتزمة كمفهوم، هل يمكن مراجعة مضامينها في إطار المتغيرات العالمية و الوطنية؟

ج: الجواب على هذا السؤال هو متضمن في السؤال الذي سبقه فقط أضيف أن العالم وما يعرفه الآن من توترات اجتماعية، أخلاقية، حضارية وفنية يعيد إحياء أغاني الستينات والسبعينات ويستأنس بفاعليتها وما تخلقه في الوجدان من انتعاشة وطمأنينة. الملاحظ: أن هناك رجوع طبيعي لهذا النوع من الغناء في كل بلدان العالم. ويجب أن لا ننسى أن كل بلدان العالم لها غناؤها الملتزم وتحترمه وتقدره وتدعمه وتأرشفه إلا بلادنا التي لا ترى ضرورة لذلك، رغم أن أغلب وزراء حكومتنا الموقرة غنوا أغاني سعيد المغربي وكانت لهم سندا فنيا حقيقيا في مراحل سياسية جد قاسية عليهم.


س: هل تراجع أداء الحركة اليسارية أفقد الأغنية الملتزمة قوتها ومفعولها؟

ج: الحركة اليسارية إن كان دورها أساسي في نشر هذا النوع من الغناء والتفاعل معه و العمل على نشره فإن وجودها لم يكن حاسما في ظهورها أو بقاءها، لكونها ظاهرة اجتماعية وفنية خارجة عن التقدير الذي يمكن لليسار أو لليمين أن يكنه لها. واغتنم الفرصة لأؤكد أن جمهور سعيد المغربي موجود في كل الأحزاب والمنظمات المغربية يسارية كانت أم يمينية. واذكر أنني قد سبق لي أن أحييت حفلات كبرى مع أغلبها وتفاعل مناضلوها وجمهورها بنفس حماس الحركة اليسارية وبقدر ما غنيت عن الشهداء اليساريين غنيت عن الوطنيين وعن شهداء المقاومة المغربية وشهداء النضال السياسي الوطني والديمقراطي وعن الأمهات والطلبة والعمال.


س: كيف تقيمون اللحظات التي عشتموها مع جمهور تطوان؟

ج: إنها بالفعل لحظات لن تنسى كونها شكلت محطة جديدة في مساري الفني وساعدتني على معاودة الغناء مع الناس. لقد كانت بالفعل حفلة جماهيرية بامتياز، لأن الجمهور هو الذي غني وأنا رافقته، حضرت كل الأجيال وشكلت بذلك امتدادا جميلا في حضرة زمننا الحالي، الذي لم يعد يخاف من ماضيه، ويعمل على تكريس و ضمان القيم والمكتسبات التي تشكل أحد علامات هذه المرحلة الشجاعة من تاريخنا، التي يعيشها المغرب الحالي، رغم ما يعتريها من صعوبات في التطبيق وعدم استيعاب رهاناتها وتحدياتها من طرف المستهدفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق شبكتنا في


.. رغم تصنيفه إرهابيا.. أعلام -حزب الله - في مظاهرات أميركا.. ف




.. مراسل الجزيرة ينقل المشهد من محطة الشيخ رضوان لتحلية مياه ال


.. هل يكتب حراك طلاب الجامعات دعما لغزة فصلا جديدا في التاريخ ا




.. أهالي مدينة دير البلح يشيعون جثامين 9 شهداء من مستشفى شهداء