الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بداية الحظر

محمد البوزيدي

2020 / 4 / 15
الادب والفن


بخفتها المعتادة ،استيقظت سناء باكرا،مازال الزمن ليلا يقاوم طموح وتقدم النهار.
هكذا عاهدت منذ بداية الموسم الدراسي ،فالتوقيت ليس زمن النوم، بل للعمل والجد والاجتهاد .
تناولت فطورها ،وجمعت كالمعتاد حقيبتها التي تحتوي كل دفاترها وأدواتها المدرسية، ولم تنس علبة الشوكولاتة التي واظبت على حملها كل يوم سبت للاحتفال مع زميلاتها بنهاية الأسبوع .
وبرشاقتها المعتادة، تقدمت بخطى وطيدة للتوجه نحو مؤسستها ،حين وصلت لم يكن الجو المعتاد جميلا ينذر بحيوية الصباح ،البعض غاب عن المؤسسة والتلاميذ الآخرون كانوا خائفين ،كورونا أصبحت حديثهم بعد أن كانت مجرد كلمة يسمعون عنها منذ أيام في شاشات التلفاز .
في الحصة الأولى كانت التمتمات مع صديقاتها حول كمامات أحضرها بعض التلاميذ المشاغبين ،كان الجميع مستغربا ،هل هي في صميم هوايتهم بتقليد فنانين ورياضيين ومسؤولين. فهل يقلدون اليوم أطباء ؟ تمنت ذلك ليعرف أولئك المبتسمون دوما ولو بدون مناسبة ،أهمية الطب في الحياة وقيمة الطموح لحياة جديدة .
لم يكن الأستاذ متحمسا لانطلاق حصة هذا اليوم، بل عوضها بتأمل غريب في شاشة هاتفه المحمول .ماذا وقع..؟. ماذا يقع؟ حتى ابتسامات وهمهمات أول الدرس غادرت ثغره إلى غير رجعة .
حاولت الفهم والاستيعاب ،لكن لا أحد يمتلك الجواب .
صدمة غريبة تعيشها لأول مرة في فصلها الدراسي الجميل.
وقف الأستاذ مستقيما وهو يفكر كيف سيبدأ الدرس، تجول بأرجاء الحجرة الجميلة ،وطاف مختلف الطاولات ،تأكد من حضور جميع التلاميذ .والجميع في ذهول :ماذا وقع ؟ وماذا سيقع ؟
ولج فريق من الإدارة القسم على غير العادة، ليقدم نصائح للتلاميذ حول الوقاية من فيروس الكورونا .
ساد الصمت . كانت العيون قد فهمت عميقا أن الأمر مرتبط بالحياة ،وأن الأمر عبرة للجميع ،وأن الوقت ليس مزاحا كما كان يعتقد البعض ،خاصة بعد أن ختمت الفقرة التواصلية التي لم تدم طويلا أن المؤسسة تضع الصابون والمناديل الورقية رهن إشارة الجميع للحفاظ على نظافتهم وعدم اللمس أي كان مهما يكن السبب ،أو العطس أمام أي كان .
مر الدرس متثاقلا،وكان أغلب لحظاته كتابة في الدفاتر لدروس أو تمارين.
حين خرج التلاميذ لاستراحة الحصة الأولى، لفت انتباهها إعلان مدرسي عن قرار لوزارة التربية الوطنية حول توقف الدراسة لأجل غير معروف كإجراء احترازي حفاظا على سلامتهم .
لم يلهو الصغار في فترة الاستراحة كان السؤال العميق.... متى ستستأنف الدراسة ؟
حين وصلت سناء لمنزلها ،كان تحكي لوالدتها ما وقع ،كانت تحاول أن تستجمع خيوط اليوم كله لتقدم لها تقريرا عن ماحصل في المؤسسة ،وفي لحظة توقفت عن الكلام ،شردت بذهنها ،اغرورقت عيناها دموعا..لقد فهمت متأخرة.
فالأستاذ حين كان يتجول بين الصفوف في لحظات الحصة الأولى، فقد كان في الحقيقة يودع تلاميذه لزمن غير معروف وأكيد أنه حرص على التأمل في ملامحهم ،والتجول بين الصفوف على كل طاولة، وإدامة النظر في سحنات من يعتبرهم أبنائه دون أن يشعرهم أو يصرح لهم أنه كان يقول لهم وداعا وإلى اللقاء .
14 مارس 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا