الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنین و الکاوبوي. التنافس الصیني - الأمریکي کنموذجین للتطور الرأسمالي

عدنان كريم

2020 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبرنمط الإنتاج الرأسمالي المنظومة السائدة الوحیدة في عالمنا. ولیست کل العلاقات الإجتماعیة و السیاسیة لعالمنا سوی إنعکاس لتلك الحقیقة. ولا یغیر من الواقع المذکور إختلاف أشکال المنظومة المذکورة ألتي تتجسد في بروزاتها مثل السوق الحرة و الملکیة الخاصة من جهة أو سیطرة الدولة علی جزء من الرأسمال الإجتماعي أو کله في الجهة الثانیة. فالمعیار والهدف من الإنتاج في کلا الحالتین هوتحقیق الربح ولیس تأمین حاجات الإنسان. ومنذ الثورة الصناعیة لم یتسم عملیة الإنتاج الإجتماعي بطابعها الرأسمالي کما هو جار في یومنا هذا.
لقد أحدثت ثورة اکتوبر الإشتراکیة في روسیا شرخا کبیرا في هیمنة الرأسمالیة بین 1917 – 1989 کالنمط السائد للنشاط الإقتصادي و تنظیم عملیة الإنتاج.
کما شهدت عملیة الإنقسام الحاصل في الإقتصاد العالمي زخما جدیدا في 1945 إثر توسع المنظومة الإشتراکیة و تقسیم العالم إلی المعسکرین الإشتراکي و الرأسمالي. لقد عرفت الفترة الممتدة بین 1917 – 1989 بمرحلة إشتداد الصراع بین نمطي الإنتاج الإشتراکي و الرأسمالي حیث اصبح التنافس بین نموذجي الإنتاج المذکورین محورا لسائر الصراعات السیاسیة و الإیدیولوجیة و الدبلوماسیة و العسکریة بین طرفي المنافسة بین المعسکرین. لقد بات المعسکر الإشتراکي ، آنذاك ، النموذج السائد بین ثلث سکان الکرة الارضیة.
لکن المنظومة الإشتراکیة إنهارت بمجملها بصورة دراماتیکیة في 1989. وکان یطلق في الأدب السیاسي آنذاك علی تلك المرحلة بأنها عصر الصراع و المنافسة بین الإشتراکیة و الرأسمالیة بوصفها السمة الغالبة للعالم قاطبة. إلا إن الإنهیار المذکور للکتلة السوڤیاتیة أعقبه سیطرة الرأسمالیة مجددا و تحولها إلی النظام الوحید و إنفرادها بالسیطرة الشاملة علی الإقتصاد العالمي.
إلا إن سیطرة الرأسمالیة بوصفها النموذج الوحید علی العالم لم تکن لتعني نهایة أزمات النمط المذکور من الإنتاج و مجمل المنظومة الإقتصادیة للرأسمالیة. إننا نسمع الیوم و بصورة متزایدة الصرخات المتعالیة من مراکز الأبحاث و من مفکري الغرب بصدد مأزق الرأسمالیة بل و حتی ذیوع دعوات من هنا و هناك للإشتراکیة.
صحیح إن الرأسمالیة والأزمة أصبحتا توأمان لا فکاك منهما وآخرها کانت ازمة الرکود الإقتصادية لعام 2008 إلا إن ما یجري امامنا وما یمکننا التنبؤ به في المستقبل القریب هو إن الرأسمالیة لا تواجه خطرا أو تهدیدا محدقا وخاصة خطرا جادا یهدد وجودها في عالمنا الراهن حیث خلت الساحة من رقیب و منافس للرأسمالیة إن لم نکن مصابین بعدوی العبارات الرنانة و الجمل الثوریة.
إن ما یشکل المحرك القوي للتحولات الجاریة في إطار النظام الرأسمالي یکمن في الصراع الداخلي بین الدول الرأسمالیة في عالمنا المعاصر و بین النموذجین الامریکي والصیني تحدیدا. وتشکل الصراع المذکور السمة الجوهریة للرأسمالیة الراهنة حیث دفعت المنافسة تلك بسائر التناقضات الأخری جانبا بل وأثرت علی کلها.
ولا ینحصر مناحي الإختلاف بین نمطي الإنتاج الرأسمالي المذکورین في بعدها الإقتصادي فقط بل تتغلغل إلی کل النواحي الإجتماعیة و السیاسیة و الثقافیة.
یعتبر الإقتصاد و الملکیة الخاصة السمة الجوهریة للرأسمالیة الغربیة فیما یشکل الدور الرئیسي للدولة و مکانتها المتقدمة علی صعد الانتاج و التخطیط و مجمل الحیاة الاقتصادیة الخاصیة الممیزة للرأسمالیة الصینیة. إن إطلاق صفة ( الصینیة ) علی النموذج الثاني لا تعني وجوده و سیادته حصرا في الصین حیث ینتشر بوصفه نمطا للتنمیة الإقتصادیة السائدة في دول اخری مثل ڤیتنام ، فنزویلا ، سنغافورة ، روسیا ، آذربایجان ، الجزائر ، رواندا ، اثیوبیا ، مصر و دول عدیدة اخری.
تتمیز النمط الصیني بخاصیة رئیسیة ألا و هي الدور المرکزي للدولة سواء ککیان سیاسي او المخطط الأعلی والمشرف علی مجمل المیادین و القطاعات الإقتصادیة من جهة وفي کون القطاع العام اکثر القطاعات تاثیرا و ذو مکانة ستراتیجیة علی الصعید الإقتصادي و في میدان الإنتاج الإجتماعي وإن کانت المعادلة بین القطاعین العام و الخاص في المرحلة الراهنة في البلاد تتجه لصالح الثانیة بصورة مستمرة.
لقد أصبح النموذجین المذکورین للتنمیة الإقتصادیة مسیطرین علی صعید المجتمع العالمي بالإضافة إلی الرأسمالیة الریعیة حیث یتوزع الأخیرة بین النموذجین سالفي الذکر کما نری أمثلة لها في الإمارات العربیة المتحدة ، السعودیة ، نیجیریا ، ایران و دول عدیدة أخری.
وتختلف الأسالیب و السبل المتخذة في المنافسة الجاریة الآن بین النموذجین عن تلك التي کان یتم اللجوء إلیها إبان المنافسة بین الکتلة الشیوعیة و الکتلة الرأسمالیة السابقة مثلما تتفاوت الأهداف الکامنة وراء المنافسة الراهنة بین کلا الکتلتین عما سبقتها.إلا أن ما لا شك فیه هو إن المنافسة Competition بین نمطي التنمیة المعاصرة والتي تشترك في مضمونها المشترك تتجسد في قوالب مختلفة ، تلعب دورا رئیسیا في رسم الملامح السیاسیة و الإقتصادیة و الإجتماعیة لعالمنا سواء في المرحلة الراهنة وفي المستقبل المنظور حیث تحول العالم المعاصر إلی ساحة کبیرة لتلك المنافسة الشرسة.

الخصائص الرئیسیة للتنین الصیني Chinese Dragon
لعبت الإصلاحات الجذریة التي شرع بها دینغ سیاو پینغ في 1977 دورا محوریا في نمو الإقتصاد الصیني العملاق الراهن. لقد کان القطاع العام یستحوذ علی % 100 من الحجم الکلي لإقتصادیات البلاد في 1978 بینما کان القطاع الخاص لا یستحوذ في قطاعات الصناعة والزراعة و التجارة ( الخارجیة و الداخلیة ) علی شيء. إلا إن النسبة المذکورة طرأ علیها تحولا بنیویا في 2019 بحیث أصبحت الدولة مالکا ل % 20 فقط بینما بات القطاع العام یسیطر علی % 80 من الحجم الکلي للإنتاج الإجتماعي .
کانت الدولة ( القطاع العام ) تهیمن حتی نهایة ثمانینات القرن الماضي علی الأقتصاد الصیني بمجمله بینما کان دور القطاع الخاص ونشاطه الإقتصادي محدودا للغایة. کما کان یقف علی رأس آلة الدولة الحزب الشیوعي الصیني والآلة البیروقراطیة الحزبیة بوصفها السلطة المطلقة السیاسیة والرافعة الأساسیة لعملیات السیطرة والتخطیط لمجمل عملیة التنمیة الإقتصادیة.
إلا إن أوضاع البلاد و من ضمنها المعادلات السابقة طرأت علیها تحولات جذریة و عمیقة إثر إنهیار المعسکر الإشتراکي. فقد بدأت الدولة والحزب بتنفیذ المرحلة الثانیة من الإصلاحات الإقتصادیة في البلاد لمواجهة الأوضاع السیاسیة والإقتصادیة والفکریة التي أفرزتها عملیة إنهیار المعسکر السوڤیاتي وإنبثاق المنظونة العالمیة ذو القطب الواحد و النظام العالمي الجدید التي بزغت فجرها آنذاك و لدرء عواقبها الهائلة. کانت المرحلة الجدیدة من الإصلاحات أوسع وأکثر عمقا من تلك التي قام بتنفیذها دینغ سیاو پنغ بعد رحیل ماو تسي دونغ في نهایة سبعینیات القرن الماضي.
کانت السمة الغالبة لعملیة الإصلاحات الجدیدة هي منحها لإمتیازات هائلة و فرص أکبر للقطاع الخاص وإتاحة مجالات أرحب في مجالات الملکیة و الإستثمار للقطاع الرأسمالي الخاص المحلي و الأجنبي عن طریق إصدار المئات من القوانین الجدیدة اللازمة والمشاریع المختلفة لتسهیل الإنعطافة المذکورة ولکن دون المس بماهیة السلطة السیاسیة الحاکمة وهیمنة الحزب الشیوعي الکامل في البلاد. لقد نجم عن التحولات المذکورة ولادة نخبة مجتمعیة جدیدة للمرة الاولی، تهیمن علی القطاع الخاص لإقتصاد البلاد وتتمتع بنفوذ متزاید وتملك قاعدة إقتصادیة مؤثرة بإستمرارتتبعها بالضرورة حضور إجتماعي لا تني تتزاید وإن کانت تفتقر إلی مکانة سیاسیة ملموسة مقارنة بمکانة الطغمة البیروقراطیة للحزب الحاکم. وإستتبع ذلك بروز الظواهر الملازمة للإقتصاد الرأسمالي التقلیدي وتداعیاتها الإجتماعیة کالبطالة و التضخم و إتساع الهوة الطبقیة والغلاء وتبعیة الأسعار والسلع مباشرة لآلیات السوق کظواهر تنتشر بسرعة فائقة في المجتمع الصیني وخاصة منذ الألفیة الجدیدة. فبحسب منظومة مقیاس Gini Coefficient والخاص بمراقبة و قیاس عدم المساواة في مجال توزیع الدخل و تقسیم الثروة الإجتماعیة قفزة نسبة التمایز في الدخول من 0. 30
إلی 0. 50 في الفترة الواقعة بین 1985 – 2010 حیث تخطت نسبة اللامساواة في توزیع الدخل في الصین ما هو موجود في امریکا و بات موازیا لدول امریکا اللاتینیة في هذا المضمار.
وهنا ینبغي التأکید بأن التحولات التي طرأت علی صعید العلاقة بین کل من القطاع العام و الخاص والتي کانت لصالح القطاع الأخیر بصورة ملموسة علی الصعید الإقتصادي لم تتبعها تغییر یذکر علی صعید هیمنة الدولة ونظام الحزب الواحد والإدارة البیروقراطیة في البلاد. فعلی الرغم من التحولات البنیویة التي طرأت علی البنیة الإقتصادیة للبلاد، لازال النظام السیاسي یتبع النموذج السلطوي Authoritarian في ظل غیاب الإنتخابات الحرة و حریة التعبیر وفق الصیغ الدیمقراطیة الغربیة و حریة النشر و نظام تعدد الأحزاب و ... الخ.
لقد کانت إحدی النتائج المترتبة علی التجربة الصینیة في مجال التنمیة الإقتصادیة وفي ظل نظام تسلطي بخصائصه المذکورة، بطلان النظریة العتیدة للفکر السیاسي اللیبرالي القائل بأن الدیمقراطیة اللیبرالیة فقط بوسعها تأمین متطلبات تطور الرأسمالیة بأفضل أشکالها.
یکتنف النموذج الصیني للتنمیة الإقتصادیة تناقض ظاهري إذ وفي الوقت الذي نشهد مدا متصاعدا في تبوء الصین مکانة مرموقة علی الصعید العالمي وبینما زادت بالمقاییس النسبیة و المطلقة حصتها في الإقتصاد العالمە کقوة عظمی ، إلا إن اللامساواة في توزیع الدخل علی الصعید المحلي إرتفعت بموازاة ذلك إذ باتت الأقلیة و النخبة الرأسمالیة الجدیدة تستحوذ علی حصة أکبر من مداخیل البلاد و ثرواتها. ویبدو ذلك ظاهریا و کأنها مؤشرات متناقضة لکنها في الواقع یشکل أحدی الاسباب الرئیسیة لتحول الصین إلی قوة عظمی و تنین إقتصادي هائل إذ تکمن تلك الخاصیة في وجود خزین هائل للأیدي العاملة الرخیصة كحامل بشري و رافعة ذاتیة لهذه التنمیة العملاقة والذي یتمتع بها النموذج الصیني دون غیرها، علاوة علی الهند ، والذي یشکل مصدرا للارباح الهائلة لإقتصاد البلاد و شرطا لنمط فرید من النمو.
ولا یشکل عملیة اللامساواة في توزیع الدخل علی الصعید الداخلي إلا مؤشرا نسبیا لقیاس مدی متانة الإقتصاد الصیني ، إذ یتخذ الفقر في المقابل منحی تنازليا وتتجه مؤشر الوضع المعیشي للفئات الفقیرة منحی تصاعدیا. وتشکل المسارات المتناقصة الجاریة في خضم عملیة النمو الإقتصادي قاعدة لولادة نزوع بإتجاه التوافق الطبقي والإجتماعي في البلاد و تشکل هذه السمة عاملا مهما في فهم الإستقرار السیاسي الفرید الذي یتمیز به الصین.
کما یشکل الخاصیة التي ذکرتها مدخلا لفهم دور ومکانة النخبة الإقتصادیة الجدیدة التي افرزتها التعولات الجوهریة التي جرت في أعماق المجتمع الصیني ضمن الصیغ الجدیدة لتنمیة إقتصادیات البلاد. إن نشوء هذه الفئة الجدیدة تلت و بشکل خاص مرحلة إنهیار الإتحاد السوڤیاتي و موجات العولمة التي إجتاحت الإقتصاد العالمي في نهایات القرن الماضي، کما تشکل جزء منها إثر إرتباطها الفاعل بالإستثمارات الاجنبیة التي بدأت تجتاح البلاد في هذه المرحلة و جذبتها سوق العمل الرخیص. وعلی الرغم من القاعدة الإقتصادیة والإجتماعیة المتینة التي تقف علیها هذە الشریحة إلا إنها خلافا للرأسمالیات الدیمقراطیة – اللیبرالیة راضیة بعزلتها و إنکفائها ودورها السیاسي الضئیل جدا و یفتقر لأي طموح سیاسي مستقل یذکر بل بدأت تتماهی مع النزعة البیروقراطیة للدولة – الحزبیة منهمکا في تراکم رأسمالها وجني ارباحها لا غیر. ولا یشکل ذلك تناقضا کما یبدو ظاهریا بل یشکل خاصیة جوهریة للتنین ونمط الرأسمالیة الصینیة بمواصفاتها سالفة الذکر.
لقد أدت مجمل المسارات المذکورة من الناحیة السیاسیة إلی إنبثاق صیغة من التضامن الوطني و الوفاق الإجتماعي التي بنیت علی قاعدة ثلاثیة تتألف من دولة تمت السیطرة علیها من قبل الحزب اولا و نخبة إقتصادیة تتسم بإقصی درجات الدینامیکیة والنشاط ثانیا وطبقة عاملة هامدة لکنها منتفعة من التنمیة الإقتصادیة وذو قاعدة إجتماعیة قویة بدون لون وطعم سیاسي.
کان العقدین المنصرمین من أکثر مراحل تاریخ الصین أهمیة من حیث عملیة النمو الإقتصادي. ففي هذه الفترة التي وصلت العولمة ذروة تطورها متجاوزة کل المقاییس السابقة، تمکنت الصین و في هدوء ولکن في ظل عملیة تنمویة إقتصادیة تاریخیة عملاقة ردم الهوة التي تفصلها عن الغرب بصورة عامة و مع أمریکا بصورة خاصة. وبالرغم من شمول کل میادین العملیة الإنتاجیة بالطفرة المذکورة إلا إنها شملت قطاعات المعلومات والإتصالات والعلوم وتکنولوجیا المعلومات علی الخصوص.
وقبل ولوجه مضمار المنافسة العالمیة کقوة عظمی وتحولها إلی تنین هائل بوسعها التناطح مع اوربا و الیابان و أمریکا بوصفهم القوی الإقتصادیة الثلاثة العظمی في العالم ، کان لا بد علی الصین إجراء عملیة هائلة من الإصلاحات الإقتصادیة و الإداریة علی الصعید المحلي والسوق الداخلي. کان من المستحیل إن تقوم الصین بتنفیذ البرنامچ العملاق للنمو الإقتصادي والطفرة الهائلة التي نجحت في إحداثها في التسعینات بدون خلق سوق داخلیة قویة و متینة تتحلی بالدینامیکیة و بدون رفع المستوی المعیشي لسکانه البالغ ملیار شخص لأنه من الصعوبة بمکان الحصول علی بطاقة العضویة في نادي القوی الإقتصادیة العظمی في وقت یعاني شعبه من الفقر والجوع ومستوی معیشي متدن وسوق داخلي ضئیل القدرة و نمط رث وبال من النمو الإقتصادي و سیاسة شد الأحزمة علی البطون داخل البلاد.
لقد کانت أحدی النتائج المترتبة علی تبوأ الصین مکانة مرموقة بین القوی العالمیة العظمی تزاید حصتها من الثروة العالمیة إزاء امریکا وخاصة في الوقت الذي تزداد معدلات اللامساواة في توزیع الدخل بین مواطني الأخیرة وفقا لمنشأهم الطبقي ایضا إذ بدأ إتجاه المنحنی یمیل أکثر لصالح الشریحة المعروفة ب % 10 والذي یستحوذ علی % 80من ثروات الولایات المتحدة. إلا إن هذه النسبة في توزیع المداخیل بین الطبقات الإجتماعیة في الصین کانت بعکس امریکا إذ تتجه المنحنی لصالح الطبقات الإجتماعیة الدنیا.
باتت الطبقات ذوي الدخول المحدودة في الصین تستحوذ بین 1990 – 2015 سواء بالأرقام النسبیة أو المطلقة ( بتعبیر الإقتصادیین) أو بالمقارنة بالمعدلات المتوافرة لتوزیع الثروة علی صعید العالم، کما شهدنا ذلك من قبل، علی نسبة أكبر من ثمار النمو الإقتصادي لبلادهم و ثروتها.
وفي الوقت التي بلغت معدل النمو الإقتصادي في الصین % 6.6 عام 2018 فلم تتجاوز في امریکا و في العام ذاته % 2.3 في ظل بلوغ الناتج الوطني الإجمالي -----$----- 21.427 تریلیون في أمریکا بمعل إرتفاع ضعیف بینما تزایدت في الصین بنسبة عالیة لتبلغ -----$----- 14.140 تریلیون أو 98 تریلیون یوان.
المنافسة تحتدم !!!
تعتبر المنافسة الحادة بین أمریکا والصین، بوصفهما ابرز قطبي الإقتصاد العالمي المعاصر، أبرز ملامح الرأسمالیة المعاصرة. فإثر عملیة متواصلة من نسب عالیة من النمو الإقتصادي، تمکنت الصین وفي خضم عقد واحد لا غیر، من تبوأ المرکز الثاني بین القوی الکبری إقتصادیا بعد امریکا متخطیة الیابان في هذا المرکز. وبالرغم من تمظهر المنافسة الأمریکیة – الصینیة في طابع صراع جیوسیاسي إلا إن ذلك یخفي جوهر التنافس والصراع بوصفها منافسة حادة و محتدمة بین نمطین من أنماط النمو الإقتصادي.
( کان الغرب ینتج % 60من مجمل الناتج العالمي في 1970 بینما کانت حصة آسیا مجتمعة ، وبضمنها الیابان، % 19 إلا إن تلك المعادلة إنقلبت حیث بات المعسکر الاول ینتج الآن % 37 بینما ینتج الثاني % 43 . ویشکل التحولات الإقتصادیة المذهلة التي طرأت علی بلدان إسیا و في مقدمتها الصین و الهند السبب الرئیسي لذلك ) . P. 13 Foreign Affairs
تعتبر الطفرة الإقتصادیة المعاصرة في الصین حدثا یندر مثیله في التاریخ. وکان لتبوأ الصین تلك المکانة متزامنا مع المد الجارف للعولمة الذي شهده العالم في نهایات القرن الماضي. لقد أدی ذلك التزامن مع المد القوي للعولمة إلی إعطاء زخم و دفع قوي للإقتصاد الصیني الذي کان یتحلی بدرجة قصوی من الدینامیکیة حتی قبل ذلك. وأدی التطور العمودي والأفقي لإقتصاد البلاد وما یملکه من زخم هائل إلی إحداث آثار عمیقة علی کل الصعد وما تني تتفاعل. وکما ذکرنا سابقا کانت السوق الداخلیة للبلاد، بالرغم من حیویتها و التحولات الهائلة التي شهدتها وخاصة بعد المرحلة الثانیة من الإصلاحات، تعتبر مجالا ضیقا و عاجزا عن إستیعاب وإحتواء النهضة و النمو الاقتصادي الهائل بکل زخمه و دینامیکیته. وهنا کان لابد من الإنطلاق نحو الآفاق الهائلة و الواعدة للإستثماررات والتجارة للسوق العالمیة المعولم الجبار کضرورة موضوعیة. وکان بزوغ نجم الصین کلاعب کبیر في مسرح الإقتصاد العالمي یؤدي لا مندوحة وبصورة آلیة إلی التصادم مع نموذج إقتصادیات رأ‌سمالیة السوق الحرة الغربیة المسیطرة علی نطاق العالم وزعیمته الولایات المتحدة الأمریکیة. ولا یغیر من الأمر الأنطباع الشعبي السلبي السائد عالمیا بصدد نموذج السلطة البیروقراطیة – الحزبیة الحاکمة في الصین ومنظومتها السلطویة بالمقارنة مع النموذج الدیمقراطي – اللیبرالي الأمریکي والغربي و نمط العیش فیها حیث لم یشکل ذلك عائقا أمام الصین للإنطلاق بخطی جبارة للحضور بكل ما یملکه من قوة و ثقل في المعادلات الجیوسیاسیة و التجارة العالمیة.
لقد تحولت الصین إلی ( مصنع العالم ) في یومنا حیث و بفضل قوة إقتصادها ومتانة نموذجها التنموي الذي لا یضاهیه النموذج الغربي للرأسمالیة الکلاسیکیة الغربیة وخاصة في مجالات مثل تعبئة قوة العمل وإستغلال الموارد وتنشیط الأنتاج الإجتماعي و الطابع الحیوي لتنظیم عملیة الإنتاج،تمکنت من منافسة الغرب حتی داخل امریکا و مواجهة المعسکر الرأسمالي الغربي بحیث بات یمثل التحدي الأکبر للغرب عامة و لأمریکا بصورة خاصة في المرحلة التي تلت سقوط الإتحاد السوڤیاتي.
یعتبر مشروع سوق الحریر أو ما یسمی في الغرب ب ( Road & Belt Initiative ) نمودجا حیا لطموحات الصین کقوة عالمیة عظمی کما یعطي في الوقت ذاته زخما جدیدا للإستراتیجیة الإقتصادیة الصینیة في العالم. وتهدف الصین من خلال مشروعها العملاق تقویة مرکزها الدولي عن طریق ربط مجموعة کبیرة من الدول والقارات ضمن خطة عملاقة للتنمیة الإقتصادیة والإستثمار وبناء قاعدة وبنیة تحتیة متینة تعتمد في میادین التمویل و الإستثمار والتخطیط والإشراف علی قدرات الصین بالتعاون مع البلدان المشارکة فیه. ویری الغرب وأمریکا بشکل خاص في المشروع المذکور بوصفه جرس إنذار خطیر ینبغي حشد کل الطاقات للحیلولة دون نجاحه و تشویه سمعته.
کما یشکل المشروع محاولة مهمة لربط مجموعة هائلة من البلدان معا في إطار شراکة تبدأ من الحقل الإقتصادي یکون فیها للصین موقعا مهیمنا یمکنها تعزیز استراتیجیتها الدولیة. وقد تم تخصیص خمسة ملایین تریلیون لأنجاح المشروع المذکور مثلما تحاول الصین ولإجل تعزیز موطيء قدمه تأسیس منظمات وأجهزة وکیانات مالیة ومصرفیة وإقتصادیة وقانونیة لتسهیل نجاح المشروع حیث شرعت بإنشاء منظومة قضائیة بالتعاون مع الأطراف الأخری لتقوم بمهمة التحکیم في نزاعات العقود وعملیات الإئتمان والإتفاقیات بین الدول المشارکة. وکانت مساعي الصین بهذا الصدد موضع ترحیب من قبل دول عدیدة في العالم.
وتتمتع الشرکات الصینیة بمیزات إستثنائیة ومهمة في مجالات بناء القاعدة الإقتصادیة کالموانيء والمصافي وخطوط السكك الحدیدیة الأنفاق والطرق وبناء السدود و...إلخ، إذ تحظی بشهرة وخبرات وقدرات دینامیکیة مذهلة مقارنة بالشرکات الغربیة حیث یتواصل الصینیین في عقد مئات من الإتفاقیات مع دول کالجزائر ومصر وکازاخستان والعراق ورواندا ومالي وپاکستان وغیرها.
وعلاوة علی ذلك تتمتع الصین بمیزة ستراتیجیة أخری، وبعکس أوروبا و أمریکا ،إذ إنها لا تتدخل في الشؤون الداخلیة للدول الأخری أو لا تتدخل بالصورة التقلیدیة المعهودة بل بعکسها تسعی لإحترام خصوصیات تلك الدول وإتباع سیاسة الشراکة المتکافئة مثلما یستغل الصین تاریخ سیاستها الدولیة حیث لا تشوب ماضیها العیوب في العلاقات الدولیة بعکس امریکا ومعظم الدول الاوربیة ذوي الماضي المشین وملفاتها المثقلة بالنزعة الإستعماریة و الحروب ونهب ثروات دول العالم الثالث حیث خلف کل ذلك ثقلا کبیرا في هذا المجال بشکل لازالت تنظر تلك الدول إلی الغرب بعین الریبة و الشك تجاه شتی المشاریع التي تعرض في هذا المجال. وتحظی التوجهات السیاسیة للصین وتاریخها في هذا المجال بالترحیب من قبل النخبة الحاکمة في الدول الحلیفة لها في آسیا وأفریقیا وأمریکا اللاتینیة کما تشکل عنصرا مساعدا لعمل الشرکات الصینیة و صناع القرار في بلاد التنین.
وفي سیاق مساعیها المذکورة تبذل الصین مساعي حثیثة من أجل بناء منظمات دولیة تخدم تسهیل مرامیها في إنجاح مشروع سوق الحریر و تعزیز مکانته الدولیة إجمالا حیث تم إنشاء البنك الآسیوي للإستثمار في البنیة التحتیة The Asian Infrastructure Investment Bank التي تعتبر نظیرا للبنك الدولي World Bank و صندوق النقد الدولي I F M International Monetary Fund الذي تم إنشاؤه أثناء الحرب الباردة کجزء من ستراتیجیة الولایات المتحدة من أجل تقویة مکانتها الإقتصادیة والستراتیجیة علی الصعید العالمي وإضعاف المعسکر الشیوعي.
وقد أثار کل ذلك حفیظة الخصم الأمریکي و لم تتورع عن التدخل في القضایا الداخلیة للصین أیضا في سعیها لردع خصمها حیث تقود مساعي حثیثة مستفیدة من اسالیب الحرب النفسیة و الایدیولوجیة و الثقافیة لزعزعة مکانة الدولة الصینیة في أعین مواطنیها و التأثیر علی افکارهم و جلب أنظارهم نحوالمثل الغربیة و نمط العیش في ظلها. وبینما تشن الولایات المتحدة حملات لا هوادة فیها لأجل لفت أنظار الشعب الصیني نحو الحضارة الأمریکیة وثقافتها ونمط الحیاة فیها و إبراز القیم الدیمقراطیة اللیبرالیة الغربیة والرفاه التي ینعم بها الصینین المهاجرین في الغرب بالمقارنة مع حیات نظرائهم داخل البلاد تبذل الصین جهودا جبارة لإحباط تلك الحملات عن طریق إعلاء الروح الوطنیة الصینیة والقیم التاریخیة والحضاریة للبلاد ورفع المستوی المعیشي لشعبه و توعیتهم بصدد الأهمیة الحیویة للستراتیجیة الراهنة للبلاد التي تمکنت من السمو بمکانة بلادهم إلی مصاف قوة عالمیة عظمی و ذو تأثیر بالغ في العالم. وتشکل الحملات الأمریکیة محاولة محمومة من أجل إثارة الشقاق بین الحکومة الصینیة و شعبها و تبرمها من المنجزات الهائلة التي أحرزتها.
وتشکل قضیة هونغ کونغ إحدی الأوراق التي توظفها أمریکا في هذا المجال إذ یشکل مستقبل تلك المقاطعة و نوع علاقتها مع البر الصیني و شکل النظام السیاسي في الإقلیم المذکور عقدة مستعصیة في البلاد لیس علی الصعید الإقتصادي فقط بل في مجالات عدیدة أخری تشکل بمجموعها تحدیا کبیرا للبلاد.
وتحاول أمریکا وفقط مخطط مدروس تحویل هذه القضیة الداخلیة ألی ورقة ضغط هائلة من أجل وضع العصي أمام عجلة نمو الصین و تعزیز مکانتها العالمیة. وعلاوة علی هذا الملف تحاول أمریکا إستغلال قضایا حقوق الإنسان والحریات السیاسیة والشخصیة في البلاد في ظل حکم الحزب الشیوعي من أجل إیجاد القلاقل وإشاعة عدم الإستقراروالحیلولة دون تغلغل نفوذ التنین الصیني عالمیا. إلا إن تلك المساعي لم یحالفها الحظ لحد الآن في تحجیم النفوذ الصیني في هونغ کونغ و مقاطعة ماکاو في إطار نظام ( دولة واحدة و نظامین ). کما نجحت الصین في عرقلة تغلغل النفوذ الأمریکي داخل البلاد وعرقلة إنتشار الحرکة الإحتجاجیة اللیبرالیة في هونغ کونغ إلی مناطق أخری في البلاد کما تخطط لها الولایات المتحدة.
یعتبر عرقلة النفوذ الأمریکي في أوساط الصینیین داخل البلاد أولویة قصوی للحزب الشیوعي و الحکومة الصینیة بوصفها میدانا مهما للمافسة الحادة الجاریة مع الولایات المتحدة. وتتخذ الصراع المذکور شکلیا طابع صراع فکري وثقافي وحضاري إلا إنها وفي ظل ما أحرزته الصین من موقع متقدم في الأصعدة الإقتصادیة و الستراتیجیة علی المسرح العالمي یمیل کفة المیزان في الصراع المذکور لصالح الصین داخل البلاد أیضا حیث تعززت إثر ذلك وحدة البلاد وشعبها بعکس المرامي الأمریکیة .
وعلاوة علی المساعي الأمریکیة الموجهة نحو الداخل الصیني في هذه المنافسة الشرسة فإنها تبذل معاولات محمومة أخری من اجل وضع العصي أمام عجلة التنین الصیني العملاق. وتتجسد تلك المساعي في أشکال مختلفة منها علی سبیل المثال:
أولا: إثارة عدم الإستقرار و القلاقل في منطقة المحیط الهاديء وآسیا الجنوبیة وإنشاء تکتلات سیاسیة وإقتصادیة وأمنیة وعسکریة معادیة للصین بین الدول المجاورة لها وتسعیر نار الصراعات الإقلیمیة بمساعدة دول کالفلبین و تایلند و ڤیتنام واندنوسیا وکمبودیا والیابان وکوریا الجنوبیة. فعدا تخویف هذه الدول من الصین تحاول الولایات المتحدة توظیف المشکلات التاریخیة والقدیمة في مسعاها المذکور. کما قامت و في العقود الثلاثة الماضیة بإنشاء العشرات من المنظمات مثل ( منظمة جنوب شرق آسیا – سیاتو ) و ( الآسیان Association of South East Asian Nations ) و عقد عشرات أخری من الإتفاقیات بهدف تحجیم الدور الصاعد للصین في المنطقة.
ثانیا: إثارة القضایا الحدودیة و ( البریة و البحریة ) المعلقة بین الصین و الدول الأخری کالیابان و الفلبین و ڤیتنام و إستغلالها بصورة حثیثة في هذا المجال.
ثالثا: السعي نحوعسکرة أجواء المنطقة وتزوید الدول المحیطة بالصین بالأسلحة والمعدات و إنشاء العشرات من القواعد العسکریة.
تسعی الولایات المتحدة من خلال سیاسة عسکرة الأجواء في الدول المحیطة بالصین إلی ممارسة أقصی الضغوط علیها لتخصص الجزء الأکبر من میزانیتها وإمکانیاتها الإقتصادیة و البشریة و التکنولوجیة والصناعیة لأغراض سباق التسلح کما هو مخطط له من قبل الولایات المتحدة علی حساب ستراتیجیتها الإقتصادیة الناجحة والتوجه نحو عسکرة إقتصاد البلاد بکل ما تحمله من آثار مدمرة علی المستقبل الواعد للبلاد. لقد قامت أمریکا أثناء الحرب الباردة و خاصة بعد تبوأ رونالد ریغان مقالید الرئاسة بتطبیق برنامج ( حرب النجوم ) حیث تمکنت بواسطتها من التغلب في تلك اللعبة القذرة عل الإتحاد السوڤیاتي وأدت بالنتیجة ألی عسکرة إقتصاد الأخیرة وإنهیارها اللاحق و سقوط المعسکر الإشتراکي بأسره.
ولم تتورع الکاوبوي الأمریکي عن اللجوء إلی شتی أشکال السیاسات و الأسالیب الأخری المتوفرة في جعبتها بهدف لجم إنطلاقة الصین و کبح جماحها حیث تبذل مساعي حثیثة مستغلة قضایا دینیة و مذهبیة لأجل إثارة التوترات الدینیة و إستخدامها کسلاح سیاسي بین صفوف الإثنیات المختلفة في الصین خدمة لعرقلة تقدم خصمها. ویأتي عملیة إستخدام الدالاي لاما و دعمه وإستغلال ورقة أقلیة التبت و إثارة موضوع التایوان بین حین وآخر و إستغلال مسألة المسلمین الإیغور و دعم الکنائس الغربیة و تشجیعها في مساعیها في مجال عملیات التبشیر الدیني المسیحي و توظیفها لأغراض سیاسیية و آیدیولوجیة وتحریض العشرات من الفرق المذهبیة مثل عصبة فالون غونغ .. إلخ،في سیاق تلك السیاسة وما هي إلا نماذج أخری من الحملات التي تدیرها و تمولها أمریکا في نطاق ستراجیتها المعادیة للصین.
لقد تحولت أصقاع شاسعة في جنوب شرق آسیا و الشرق الأوسط و الشرق الأدنی و افریقیا وامریکا اللاتینیة و مناطق أخری من کوکبنا إلی ساحة لصراع محموم و شرس و هادر بین تلك القوتین العظمیین التي تحمل کل منهما رسالة و بدیلا متمایزا لعالمنا الراهن في المجالات الإقتصادیة والسیاسیة و الستراتیجیة.
وهنا لا مندوحة أن تتأثر قضایا الطاقة و التجارة والتعریفات الإقتصادیة والإستثمارات وإنتقال رؤوس الأموال وتشکل الأقطاب السیاسیة و المعاهدات و الإتفاقیات الثنائیة و متعددة الأطراف و مجمل المیادین الجیوسیاسیة لعالمنا والسیاسة الدولیة قاطبة ، و بصورة قویة، بالصراع بین القطبین الأمریکي – الصیني مثلما یتم إعادة تعریف کل الجوانب المذکورة لملامح عالمنا الراهن وفق مسارات و توجهات المنافسة الشرسة المذکورة.
نیسان 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز