الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلام المفيد في زمن الكوفيد

خالد خالص

2020 / 4 / 16
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


يوجد في جميع المجتمعات أشخاص يعملون ويكدون خدمة لأنفسهم وللآخرين. والعمل عبادة عظمته جميع الديانات. وإذا كان الله سبحانه وتعالى يبجل من يقوم بالعمل الصالح لنفسه ولغيره ويعد أصحابه بالحياة الطيبة، فإن رسوله صلى الله عليه وسلم كان يحث على شكر الناس الذين يقدمون خدمة للآخرين بقوله "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"، ويذكرنا دائما بالآية الكريمة "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ". كما حث الله عز وجل الناس ليشكرونه على نعمه في الكثير من الآيات، نخص بالذكر منها الآية 2 و52 و158 و172 و185 من سورة البقرة و37 من سورة إبراهيم و35 و73 من سورة يس, و123 و144 و145 من سورة آل عمران و10 من سورة الأعراف.

وإذا كان الله سبحانه وتعالى بقدر جلاله يؤكد على ثقافة الشكر، فلأنه عاين ووقف في العديد من السور والآيات على ثقافة الجحود وانعدام شكر الناس له على نعمه كالآية 243 من سورة البقرة ( "إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون" والآية 60 من سورة يونس و47 من سورة يوسف و73 من سورة النمل و 61 من سورة غافر.

ولو علم الناس مدى فوائد شكر الله والثناء عليه لما كفوا عن شكره. إلا أنه رغم التعاليم الربانية فإن جل المجتمعات المتخلفة تعرف غيابا كبيرا لثقافة الشكر والثناء، سواء تعلق الامر بالمجال الروحي أو الاجتماعي والثقافي والمهني ... إلى حد الإحباط أحيانا. بل إن البعض لا يتميزون فقط بثقافة الجحود بل يتجاوزون ذلك إلى العنف اللفظي استفزازا وتبخيسا لعمل الغير.

والشكر لم يأت من فراغ، لأن الله سبحانه وتعالى يعلم قبل البشر بأن للشكر تأثير على الدماغ وعلى نظام المناعة دون فوائده على العقل الباطني للإنسان. كما يعتبر الشكر أكبر محفز لخلق الطاقة الإيجابية التي تحث الإنسان على المزيد من العطاء والإبداع، مما يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي، وبناء علاقات إنسانية اجتماعية متينة ومرنة، مبنية على الاحترام والاعتراف بكرامة الآخر وبجهده. إلا أن الشكر فن وأدب لا يتقنه الا الانسان الراقي المتحظر، الذي يجعل المتلقي يشعر بالفخر والاعتزاز بنفسه ويرفع من معنوياته ويجعله يفجر طاقاته الى أقصى حد.

وأعتقد بأن من الكلام المفيد في زمن الكوفيد، وبغض النظر عن العطاء والتضامن، هو تقديم الشكر والثناء لمن كان أول المستشعرين بخطورتها، الذي فضل حياة البشر على الاقتصاد والمال، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي بادر الى إدخال معظم المغاربة الذين كانوا عالقين في قلب الوباء بالصين الشعبية قبل اغلاق الحدود، وخلق صندوقا لمواجهة تداعيات الجائحة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمالي، ساهم فيه بأمواله الخاصة قبل الاخرين، إضافة الى العديد من التدابير المصيرية الأخرى المتخذة من قبل جلالته، كفتح المستشفيات العسكرية للمدنيين وكإحداث مستشفيات ميدانية هنا وهناك ومعالجة المصابين مجانا، والاستمرار في أداء أجور الموظفين المدنيين والعسكريين رغم توقف أغلبيتهم عن العمل، ودعم الأجراء العاطلين وجميع المواطنين الذين يتواجدون في وضعية اجتماعية مادية هشة، والدفع في اتجاه صنع المعدات الطبية والكمامات وحصر ثمنها في مبلغ رمزي وغيرها من التدابير الكبرى التي ستنقد البلاد والعباد مقارنة مع البلدان العظمى كأمريكا وبريطانيا والكثير من الدول الاوروبية الذي يعدون موتاهم اليوم بالالاف.

وعلينا أيضا تقديم الشكر والامتنان الى الساهرين على صحة المواطنين من أطباء وممرضين وأطر إدارية صحية ورجال الوقاية المدنية وعاملي النظافة بالمستشفيات وجميع السلطات الادارية والأمنية والعسكرية الساهرة على شؤون المغاربة دون أن ننسى نساء ورجال التعليم وأصحاب المهن الحرة وكل الساهرين على توفير المتطلبات الضرورية للمواطنين مرورا برجال نظافة المدن لننهي بشكر من التزم ويلتزم بالحجر الصحي حفاظا على نفسه وعلى صحة وحياة الاخرين.

وإذا كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما روى ذلك الإمام أحمد يقول :"من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه " فإننا ندعو لهؤلاء جميعا بالصحة والعافية وطول العمر، كما ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم موتانا وأن يشفي مرضانا وأن يفرج كرب المغاربة المقيمين بالمغرب والعالقين حاليا خارج حدوده، ليرجعوا لبلدهم بين أهاليهم واحبابهم وهم في صحة جسدية ونفسية جيدة. ولن يتأتى لهم ذلك إلا بمبادرة ملكية سامية كما وقع مع مغاربة يوهان الصينية الذين هم الآن في بلدهم وبين أحضان اسرهم بعد أن قضوا فترة الحجر الصحي بالمستشفى العسكري بالرباط وبمستشفى سيدي سعيد بمكناس.

وندعو بالهداية لمن يستخف بالحجر الصحي، وكذا للذين لا يفرقون بين حرية التعبير وحرية التنكيل، اولائك الذين يستفزون ويطلقون النار على كل من يتحرك، سلاحهم اللسان الجارح، وهدفهم التحريض على ثقافة الحقد والكراهية بالسهام أحيانا وبالقهقهة المزعجة أحيانا أخرى، غير مبالين بمناخ الموت الذي يخيم علينا جميعا والازمة التي تعيشها البلاد والعباد، في الوقت الذي نحن بحاجة ملحة إلى تعبئة شاملة والى تضامن وطني قوي بدون شروخ للخروج منتصرين من حرب نقودها ضد مجهول ولا نعلم بعد خسائرها إن على المستوى البشري أو الاقتصادي أو المالي أو الاجتماعي..

ذ.خالد خالص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية