الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد العلاقة بين الدولة العلمانية والدين

محمد مشير

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


يشكّل البحث والنظر في سياق تحديد كيفية العلاقة القائمة بين الطرفين – اذا جاز لنا قول ذلك – محوراً لعله من اكثر المحاور تعقيداً وتشابكاً ولم يتوصل العلمانيون ، بدءاً من الليبراليية الكلاسيكية و مروراً بالماركسيين الارثوذوكس وانتهاءً بالتيارالليبرالي والماركسي المعاصر، بعد الى تحديد آلية تساهم في ايجاد نوع من التعامل المتوازن بينهما بحيث يساهم بشكل فعال في ايجاد مخرج من الازمة المزمنة بين الطرفين. وعلى الرغم من أن الطبقة البرجوازية توصلت عن طريق روادها المفكرين في اوروبا الصناعية منذ انقلابها على هيمنة الكنيسة ورجال الدين الى تحديد العلاقة بقرارها فصل الدين عن الدولة ، الا أن الجدل مازال ساخناً حتى يومنا هذا ، ومازالت هناك اشكالية في العلاقة بين الطرفين . لقد تم فصل الدين عن الدولة فعلياً، ولاول مرة عبر التاريخ على يد الطبقة البرجوازية الصناعية، ولكن الفصل شمل- حسب قناعتي - عدم التدخل المباشر للدين في شؤون الدولة السياسية ، اي في شؤون الحكم بصورة مباشرة ، ولكنه ساهم أو تدخل في المراحل اللاحقة بصيغ أخرى غير مباشرة في تضمين و توفير قدر كبير من الطاعة و الولاء الاعمى للدولة نفسها بترويضه للمحكومين على الخضوع لسلطان وجبروت الدولة القومية الحديثة . هذا باقتضاب فيما ينطبق على دور و علاقة الدين بالدولة في اوروبا ، اما فيما يتعلق بمفاصل هذه العلاقة في الشرق ( منبع جميع الديانات التوحيدية)فقد اتخذت العلاقة،وتحديداًفي الشرق الاوسط، ابعاداً و صيغاً اخرى تختلف من حيث الجوهر عن مثيلتها في اوروبا ومناطق االمعمورة الاخرى، اذ ان الدولة القديمة نشأت اساساً في هذه المناطق استناداً الى الدين ومباركة الدين لها وعلى كون الدين هنا خاتم الاديان، اي ان الدولة منذ نشأتها كانت دولة الدين الابدي ولا وجود لها خارج التفسير الديني (أو الالهي )،و بكلام آخر لم تكن الدولة تمثل كياناً سياسيا لقومية معينة – في المراحل الاولى من تكوينها – استناداً الى الاممية الدينية التي كانت ومازالت تعتمد على قاعدة شرعية الا وهي "لا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى " ان صح التعبير، وبديهي ان يترتب على هذا اضفاء طابع القدسية الالهية على الدولة والحكام في ان واحد ، وهذا ما جعل عملياً التفكير بفصل الدين عن الدولة في باب الالحاد أو الكفر أو حتى الشرك ، ولذا نشأت الدول بالتتالي مستندة على نفس المنهجية مع وجود فوارق هامشية من حيث الشكل لا تؤثر في صلب الموضوع في هذه المنطقة واصبحت الشريعة السماوية حجر الزاوية في هيكلية الدولة والجزء الاهم في علاقة الدين بالدولة وبالتالي تحديد علاقة الحكام بالمحكومين من جهة ، و علاقة الحكام انفسهم بالدين من جهة أخرى بحيث ان وجود الحاكم في السلطة،في قمة هرم الدولة، كان ومازال مرهوناً بمدى ولائه لدولة الدين على الرغم من ان الانظمة العربية بصورة عامة ادعت العلمانية ولكنها لم تستطع اتخاذ قرار حدي ، فاصل، فيما يتعلق بعلاقتها بالدين لاسباب جوهرية تتعلق ببنيتها الاجتماعية والاقتصادية المتخلفة فضلا عن موروثها الحضاري المنقطع عن مواكبة تطورات عصرالمكننة والمعلوماتية والتكنلوجيا الحديثة... ، و بناء عليه يصبح الحديث حول فصل الدين عن الدولة من الممنوعات،بل و اشبه بالمستحيل، خصوصاً وان دساتير وقوانين اغلب الدول العربية ذات الانظمة الاوتوقراطية والشمولية المستبدة المتوارثة اباً عن جد، استندت علي الشريعة الاسلامية كمصدراساس للتشريع. فاذن يتبين هنا مدى صعوبة الفصل التام بين هذين التؤمين(الدين والدولة)على ارضية تحمل في طياتها متناقضات كبيرة لايمكن تجاهلها اذا ما حاول التيارالعلماني الناشىء معالجتها بشكل ناجز. اذ ان العلمانية بحد ذاتها تشبه أو تمثل ، في بيئة ملغومة كهذه ، تائهاً بحاجة الى من يرشدها وينظر لها آخذاً بعين الاعتبارجميع مفردات هذا الواقع المُستأخروالمتخلف بحيث يجعل من انصارها في حالة شبه يأس تام لاترى امامها الا افقاً ضيقاً بحاجة الى التوسيع وذلك عن طريق تفعيل الحوارات الهادفة - بعيدا عن السفسطة والتذرع بشعارات حمراء من الخارج وبيضاء مستسلمة من الداخل لا تشكل الا عاملا لعرقلة الصيرورة الطبيعية لمسيرة العلمانية والديمقراطية في بلدان عانت شعوبها التخلف ومثل حكامها اعتى الدكتاتوريات على المعمورة- واحداث ثورة جذرية على نمط التفكير الجاهزالكليشوي باتباع اساليب حديثة بامكانها دعم وتهيئة الارضية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المناسبة لأحداث تغييرات نوعية في مستوى الوعي الفردي ورفع مستويات التفكيرالتقدمي مما ينتج عنه على المدى الطويل فتح آفاق جديدة امام الافراد والمجتمعات المغلقة لمعالجة اشكالية العلاقة بين الدين والدولة ،وكذلك بناء مجتمع مدني ديمقراطي ودولة متمدنة منسلخة من ادوات القهرو الاضطهاد الاجتماعي الى اقصى حد ممكن ، دولة تمثل الاكثرية الواعية في المجتمع وتساعد في اعادة توعية وتثقيف الاقلية المتخلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا