الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار النظام العربي

نضال العبود

2006 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يشهد العالم العربي منذ بداية العقد الأول من هذا القرن تحركات شعبية، اجتماعية- سياسية، بدأت تظهر إرهاصاتها مع انهيار الاتحاد السوفييتي كحامل للاشتراكية – الشيوعية، و مع انتهاء الحرب الباردة بين القوتين العظمتين و التي قسمت العالم إلى معسكرين غربي و شرقي.

و وجد النظام العربي نفسه عارياً و مجرداً من الغطاء شبه الشرعي التي منحته إياه تلك الحرب، و بدأت تظهر نواقصه و عيوبه و هشاشة البنية الأمنية – الإيديولوجية التي تأسس عليها، و التي يبدو أنها تحول دون تغيير سياساته و تكيفه مع النظام العالمي الجديد ذو القطب الوحيد و التي من المرجح أن تعمل على زواله و استبداله بنظم أكثر شعبية و شرعية.

بالرغم من انقسامات الحرب الباردة و آثارها في المنطقة العربية فإن الوحش الأمريكي لم يسع عملياً إلى تقويض الأنظمة التي تدين بالولاء للمعسكر الآخر مع ادعائه نظرياً و إعلامياً بالعكس. فالتقاء المصالح بين الطرفين أي الوحش الأمريكي و النخب العربية الحاكمة حال دون السماح بظهور أنظمة بديلة، لأن النظام الحالي لعب دور الحاجز في وجه الشعوب العربية و حال دونها و دون كسر حلقة الجمود المحيطة بتقرير مصيرها دون وصاية و إلى تحررها من مطامع الآخر المهيمن أي الأمريكي – الصهيوني.

لقد وعت الإستراتيجية الأمريكية منذ رحيل الاستعمار القديم الفرنسي- الانكليزي من الوطن العربي آليات التفكير العربي و حاولت الدخول على الخط مباشرةً من خلال الأحلاف و التكتلات التي تدور في دائرتها (مبدأ إزنهاور لسد الفراغ الحاصل من خروج الاستعمار القديم مثلاً) فدعمت مشاريع الأنظمة الشمولية و خططت لها و شاركتها في اتخاذ القرارات المعادية لشعوبها و عملت على وأد بذور الديمقراطية التي لم تعرفها المنطقة إلا في فترات قصيرة جداً من تاريخها.

فأزمة الديمقراطية أزمة مستعصية في العقل السياسي العربي قبل أن تكون مستعصية في المؤسسات، فخلال القرون الطويلة أصبح الاستبداد فلسفة تدخل ضمن شخصية الإنسان العربي و قناعاته و ممارساته ، و رسخ الفقه و الصوفية هذه القناعات بأن أعطوها شرعية و تم تأطيرها فقهياً و فلسفياً . ففقهياً من خلال طاعة أولي الأمر، بغض النظر عن كيف أصبحوا أولي أمر، و فلسفياً من خلال العقيدة الجبرية لعامة المسلمين بأن الرزق مقسوم و العمر محتوم.

تغيرت المفاهيم في المجتمعات العربية من خلال التطور التاريخي، فأصبحت الحرية فوضى و الشجاعة تهور و الجبن حكمة و تعقل.
و استند الاستبداد السياسي على ركائز الاستبداد العقائدي و الفكري و المعرفي و الاجتماعي لدى الناس ، و لا أمل في التخلص منه قبل أن ينشأ تيار مؤمن بالديمقراطية قولاً و فعلاً، و مؤمن بأن الرأي و الرأي الآخر موجود، و له حق مقدس و مصان يصحح المناهج الاجتماعية في ضوء ذلك كله.

إذن، فهم آليات التفكير العربي من قبل الإستراتيجية الأمريكية و النظام العربي الحليف أمد في ليل العبودية و الاسترقاق المخيم على حياة الشعوب العربية منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها و حتى هذه الساعة عملياً.

تحرر "المعلومات" من القبضة الأمنية للأنظمة العربية التي كانت إلى وقت قريب ملكاً حصرياً لها، جعل الإنسان العربي يضع يده على رأسه و يعي أنه موجود، و جعلته يشعر بحقه في التعبير عن رأيه و الدفاع عن مصالحه، مدفوعاً بغير إرادته بالمعلومات الجديدة التي تدخل غرفة نومه صبح مساء بفعل ثورة الاتصالات التي ترسم لعصر جديد لم تتضح كافة معالمه بعد.
حرية المعلومات هذه أربكت النظام العربي و أفلتت زمام المبادرة من يده، و من يد الآخر الأمريكي بشكل نسبي، الذي لف حولها و دار و أخذ يظهر عجزه عن حماية النظام العربي الذي ساهم هو نفسه في توطيد أركانه و عمل على استمراريته، و ركب موجة التغيير و نصب نفسه حامياً لحقوق الإنسان المنتهكة في هذه المنطقة و مدافعاً عن حرية التعبير و الرأي و اعترف بخطئه التاريخي الذي ارتكبه في دعم هذه الأنظمة، و بحق الشعوب العربية في أن تحيا حياة حرية وازدهار بعيداً عن العبودية و الاستبداد. إذا صح ما يقوله فإن النظام العربي يكون قد تعرض لأقسى صدمة في تاريخه ستجعله يتخبط خبط عشواء في المجهول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تنظر الحكومة الإسرائيلية لانتهاء مفاوضات القاهرة دون اتف


.. نتانياهو: إسرائيل مستعدة -للوقوف وحدها- بعد تعهد واشنطن وقف




.. إطلاق مشروع المدرسة الإلكترونية في العراق للتقليل من الاعتما


.. نتنياهو: خسرنا مئات الجنود بغزة.. وآمل تجاوز الخلاف مع بايدن




.. طلاب إسبان يدعمون غزة خلال مظاهرات في غرناطة