الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارا أو مديح الجحيم

أحمد القنديلي

2020 / 4 / 17
الادب والفن


بارا أو مديح الجحيم


" لقد تحققت هزيمتي على يد ظلّي"
نيكانور بارا (1)
من قصيدة " لن أتراجع عن كل ما قلت"










نسيان


لكأنكِ كنتِ هنا
أستنشق في هذه اللحظة الحرّى
ريحا مثل ريح الحبَق
تلك ريحك أيتها اللحظة الهاربه
منحنىً يمحو أثري في هذا الهنا
لكأنكِ كنتِ هنا
كيف لي أن أقاوم وحدي
هذا الفراغ القتيل؟

تذكر

لا تغادر هذا المكان
دخّنْ
ربما تتلهّى أو تُلْهي مقتفي أثرك.
قبل أن يرتدّ إليك الطّرف
سآتيك يا هدهدي
إنني في الطريق إلى تلك المدن الهاربه
سأُنَكّر أسقفها.
قدماه
ذاك العبد الكريم
تمشيان الآن هنا
بخطىً واثقه.
هل أنا أهذي؟
أثر يقفو أثرا
إنني لأرى ريحا مثل ريح الحبق
مثل ريح الريف
تهب على جسدي المشويّ
مرارا
وتكرارا.

أفق

الآن أرى أفقا جائعا
نابُه اليُمنى تعدو صوبي
تستبيح صداي
لا تُبّانَ يسترني
لا حائط يُسندني
لا ظلمة تخفي لي سوأتي
الأمام فراغ
الوراء فراغ

نيكانور بارا

سانتياغو تغادر بهجتها
فجأة يتواضع ذاك الظلّ العنيد
يتزحلق تحت الهواء و تحت التراب و تحت الحجر
كالعهن يصير.

بارا الآن
جسد
شبْه رخو
فاتر كالحياة
بارد كالعدم
بارد كالحياة
فاتر كالعدم.
بارا يتطاير مثل وُريْقات الأقحوان
أواخر أيام فصل الربيع.
بارا
وقح
ووديع
هارب من مجازات الآخرين
ذاهب نحو الهاويه
ساخر من وجهي
و من وجهه
ساخر
من ضحكة تلك الفتاة
ومن ناب ذاك الليل الصدئ.
هل جننت؟
أجب يا نيكانور بارا
اخرج الآن من قبرك الملكيّ
ضاحكا
واستهزئ من الموتى
بشظايا الشعر المضاد
يا صديقي القصيّ هناك
فلتنم هادئا
مثل ريح الصبا البارده
ناقما من قصائدنا الصامته.

جرادة

خبز يتفحّم كي يتلقفه حلقي
حلقي يتيبّس وسْط الماء
تسودّ اليد اليسرى كي تسترق الخبز الأسود
مثلما يسرق الليل أوجاع اليتامى
هولاكو الغبيّ
يُهرّب قمحي الطريّ
يدحوه بعيدا عن شفتي
هولاكو مجرد لص صديق.
والآن،
لا أرى غير غنبازة ثكلى
تتهيأ للانتحار.
أفٍّ لك يا هولاكو الغبي
اغرس بابن ال...
ما تراه الأنسب في أذني
أو في ...
لن تستلّ منّي خيطا ترفو منه الذي تشتهيهْ
من حكايات ذاك المكان.
فأنا حجر مشتق من حجر
فحمي يستوقد نارا
تبول على نار
تتخوف من نهبك القاسي
فلنذهب معا صوب ذاك الجحيم.


جوع


أفق جائع
يرفو أمشاجا
تلهب أحشائي.
شوق يدحوني إليكِ
هناك
هناكْ
يتها اللحظة البلقاء
هل أهتف وحدي
منذ الآنْ؟
الآنْ
أستضيف الحبق
أستضيف طيوري
لكي تزهو حولي.
لي وحدي
هذا المكان
لي وحدي
هذا الفراغ.

نأي

حينما يمتد الوقت قليلا
نحو الغسوق
يمعن الماء في النأي عن زغب الأرض
كي لا تبتل الجذور
كي يصّاعد الصهد
من أخمص القدمين
إلى أعلى الوجنتين.
حينما يمتد الليل قليلا
نحو الغسوق
تشرع الأقحوانة في خلع أوراقها
تتهيأ لي
غير أني هنا
وأقيم هناك
فلتخلع أوراقها بهدوء
وسيم
جريح.

احتراق

والآن
هل أقول احترقت؟
ناري تتشبث بالسِّدر والدِّفلى
تتناثر في كل ناحية سكرى
لا تبقي من أحد يمشي
أو لا يمشي
فلتأت قيامتكَ الآن
أو فليأت القبر المحفور على عجل
يتفتت في زمن لا يرنّ
يتفتت في برزخ يهمي كالماء
يتفتت في ما وراء المكان.

(1) ـ نيكانور بارا (1914 / 2018) واحد من أعظم شعراء التشيلي في عصرنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري