الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف في زمن الحجر

هاجر خنفير

2020 / 4 / 17
ملف يوم المرأة العالمي 2021: التصاعد المرعب في جرائم العنف الأسري في ظل تداعيات وباء كورونا وسبل مواجهتها


راسلني أحد أصدقائي مستنكرا ما ورد في إحدى المنشورات الفايسبوكية لما تضمّنته من تهجّم على كلّ النساء اللّواتي وصفهنّ بأنهنّ غير مستورات أو غير "متديّنات" ويقصد محجّبات.وكان هاجسي وصديقي متعلّقا بمسارات تبليغ الجهات المسؤولة عن صاحب هذه التدوينة العنيفة نظرا إلى ما ورد فيها من تحريض على الاغتصاب والقتل غير أنّ الردّ الأمثل لا يحتمل انتظار إجراءات قانونية قد تطول في هذه الظروف ولا يتوقّف على تناول إجرائي مضيّق النطاق بل يستدعي معالجة ثقافة العنف.
لقد رأى صاحب هذا المنشور أنّ سماح التي تمّ اغتصابها مذنبة لأنّها لم تستر نفسها وبتعبير أدقّ ليست محجّبة وبذلك يكون اغتصابها واجبا مع ضرورة قتلها. تلك المبرّرات تكرّرت بصيغ متنوّعة في هذا الفضاء السيبرني وأحدثت جدلا اعتقدنا أنّه صار بلا مشروعيّة في هذه الآونة ولكنّ الجديد أنّه اصطبغ في قضيّة الحال بخصوصيّة الظرف الذي نعيشه عالميّا. اغتصاب في زمن الحجر وفي فترة حظر الجولان لا يمكن إلّا أن يخلق صدمة للرأي العام ولكنّ دوافع الصدمة تختلف من محجور إلى آخر فبعضهم ممّن اقتنع بجدوى الحجر بات يرى الخارج مرتع الفيروسات البشرية واللابشرية فأنكر على الفتاة تواجدها خارج البيت في ذاك الوقت (الرابعة بعد الزوال) وآخرون كرهوا الحجر وخافوا الخرق فانساقوا في مسارات الحيل النفسية بتقمّص دور صاحب السلطة "اللي يخرج يستاهل". أمّا الشريحة الأخطر في الساحة الافتراضيّة فيمثّلها أولئك الذين حوّلوا حدث الاغتصاب إلى مصدر استيهامات جنسيّة عنيفة تواصل فعل الاغتصاب بتكثيف الفحش في القول،وهم من خلال ذلك أيضا يسعون لتحقيق هدفين:
أمّا الهدف الأوّل فيتمثّل في خرق حاجز الحجر الذي جعلهم يفقدون كينونتهم وهم يقاسمون النساء مجالهنّ الخاصّ (البيت) حسب الهندسة الجندريّة للفضاء في المجتمعات الذكوريّة. وما دعوة صاحبنا إلى الستر والحجب إلاّ تعبير عن رغبة في الحجر على حرية الضحيّة التي تجرأت على التنقّل في مجال ليس متاحا لها وفي غيبة أصحابه.
وأمّا الهدف الثاني فيتعلّق بتلك التمثّلات الاجتماعية التي سعت القوانين وحقوق الإنسان وثقافة المواطنة إلى تغييرها منذ عقود ولكنها ما فتئت تكشف عن رسوخها وتحكّمها في بنية العلاقات الجندريّة عموما وبين الجنسين خصوصا وتتجسّد تلك التمثّلات في صورة المرأة المكروهة التي توجّه عمليّة الشّطب لكلّ النّساء في خطاب العنف السيبرني. فالشتم واللعن والإهانة هي أفعال عنف تبين عن ذاك الخوف من المرأة التي سعى المجتمع الذكوري إلى الحدّ من مجال ظهورها مكانيا وأثوابيا ودينيّا وأخلاقيّا.لكن فترة الحجر أعادت كثيرا من الرجال إلى حرم النساء ودفعتهم إلى وضع شبيه بالوضع الذي كانت عليه النساء في المجال العام. فللفضاء الخاص قوانينه أيضا وربات البيوت هنّ من يشرفن على تطبيقها، وبالتالي فإنّ الحجر على الرجال مضاعف وعجزه عن الإنتاج كلّي حتّى أنّ البعض عبّر عن ذلك متندّرا: ألا تكون الكورونا اختراعا نسائيّا بما أنّهنّ المستفيدات الوحيدات من الحجر.
لقد أدت محنة الحجر إلى تعرية محنة الفحولة ودفعت إلى تصاعد وتيرة العنف في رد فعل غير مباشر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والصحي الجديد الذي زعزع الثوابت الجندريّة وهدّد ما تبقّى من امتيازات ذكوريّة وأصاب مقولة الفصل بين الجنسين في الصميم، فالكورونا سوّت بينهما وجمعتهما معا وفرضت قوانينها المربكة للنظام الاجتماعي السائد.وليست مبرّرات الستر والحجاب إلّا علامات على رغبة في إنعاش علامات التمييز الجنسي، وما الدعوة إلى الاغتصاب والتطبيع معه إلّا انتهاك من باتت فحولته منتهكة للقوانين المستجدّة.
الجندري في هذا الفضاء السيبرني نفسه وفي هذه الفترة التي صارت فيها كل القوى الفاعلة هشة وصار خطاب الفضح اقوى أمام ضعف سيكولوجيا الإنكار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي