الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آكل النمل الحرشفي و تهتُّك القادة

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


من نافلة القول أن الجائحة التي يحيق بنا خطرها حاليا لا تمثل مسألة صحية وحسب و أنما اجتماعية و سياسية أيضا تتعدى حدود الأوطان . ألم تصدح أبواق الدعاية الرأسمالية المتوغلة في شؤون الشعوب المعيشية و عاداتها و مصائرها ، بأن الولايات المتحدة الأميركية و الدول الغربية التابعة تسعى جميعها إلى إرساء نظام معولم يضمن "للإنسان " العيش في حرية " مطلقة " بما هي شرط ضروري لإفساح المجال امام الأقدر و الأكفإ و الأكثر أهلية ، فلهذا الأفضلية على غيره بحسب مدّاحي النظام الرأسمالي كونه مبدع و مجدد في أساليب تحويل المادة إلى سلعة استهلاكية أو وسيلة خِدْمية يمكن الحصول عليها بأهون الطرق و أقل كلفة .
تزداد في هذه الأثناء حملة شيطنة الصين زخما .عندما كانت الإصابات بوباء الكورونا كبيرة في مقاطعة هيباي ، عاصمتها يوان ، ( 60 مليون نسمة تقريبا ) جرى الحديث عن عادات الصينيين الغذائية " العجيبة و المقززة " ، كان مضمّنا أن كل صيني يمثل خطرا على الآخرين ."فالصينيون يأكلون الكلاب و الخفافيش و الزواحف و البنغوليات ، خاصة آكل النمل الحرشفي ، و هذه هي على الأرجح في ظروف الخلل البيئي ، مصدر الفيروسات القاتلة التي ظهر منها عدد في السنوات الأخيرة . من أين يأتي إذاً الفيروس ، من العادات الغذائية أم اضطراب التوازن البيئي ؟.
دحض الصينيون هذه الفرضيات ، بأخرى مفادها أنه لا يستبعد أن يكون الفيروس كورونا قد انتقل إلى الصين عن طريق العدوى بمناسبة استقبال الصين لفريق رياضي أميركي ، وبالتالي من المحتمل أن يكون الفيروس جاء من الولايات المتحدة الأميركية . فقامت الدنيا الأميركية الغربية و لم تقعد . لا سيما أنه جرى التلميح من جانب الصين إلى أن فيروس الأنفلونزا تسبب هذا العام في الولايات المتحدة الأميركية بوفيات أكثر من الأعوام الماضية ، في إشارة إلى ان مرد بعض هذه الوفيات ربما يكون إلى فايروس قيد التصنيع في إحدى المختبرات الأميركية . هنا استدعت و سائل الإعلام في البلدان الغربية اختصاصيين في علوم الفيروسات الذين أفهموا الناس أن فيروس الكورونا المنتشر حاليا ، هو فيروس طبيعي من المحتمل انه تحول لدى مروره في جسم حيواني ، و بالتالي هو ليس مخلقا في مختبر
أدت هذه الشروحات إلى إخماد ..التخيلات عن المؤامرة التي بدأت تنتشر بنفس سرعة انتشار الفايروس ، أو هكذا بدت " الحقيقة " التي اراد الإعلام أن تكون فكانت .ولكن الفايروس وصل أخيرا إلى الولايات المتحدة الأميركية و ضرب استنادا إلى ما يتناهى ، بقوة الفئات الفقيرة ، مسببا حتى الآن عشرات الآلاف من الوفيات و لكنه بالإضافة إلى المأساة ، فضح جهازا صحيا متداعيا نتيجة نظام رأسمالي هابط انسانيا وسياسيا ، بالإضافة إلى أنه مسخر الرئيس الأميركي إلى درجة كبيرة . فما أوحت به وسائل الإعلام الغربية هو أن الرجل ليس عاقلا .
الغريب في هذا الأمر أن هذه الوسائل لم تحد عن سلوكها المعتاد . فها هي الآن تخرج نظرية المؤامرة من جديد بعد أن بادر إلى افتراضها الرئيس الأميركي المسخرة نفسه . تناست هذه الوسائل أعمال القرصنة التي أمر بطرحها هذه الرجل المسكون بهتلرٍ و غيره كثيرون ، كما يقول شاعر المرتنيك أيميه سيزير ، ، حيث عاد إلى اتهام الصين ليس بأكل البنغول الحرشفي هذه المرة و لكن بتخليق الفيروس في مختبرات ( السلاح البيولوجي) لا تتوافر فيها شروط الحيطة .
ومن المنتظر أن يأخذ بهذا القول قادة الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة . مجمل القول .أن الاحتقان يزداد درجة . و لكن ليس معروفا بعد ما إذا كان الهدف هو محاربة الشعوب الغربية المغتاظة من حكوماتها ام محاربة الصين مثلما حوربت أفغانستان والعراق و غير هذين البلدين ، بعد 11 أيلول ، إشعارا يعكس و قاحة و خلاعة ، بأن "التاريخ أنتهى " !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو