الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعركة

عدنان العريدي

2020 / 4 / 17
الادب والفن


وهو الديوان الثاني لمعين بسيسو والذي لا أظنه الأول كما قيل، لما مثله من نقلة مرحلية في الواقع المنعكس على صفحة الشاعر، جاء فيه عشر قصائد صادرة من حنجرة ثورية ضاجة بمرارة الجراح، من مآل الأحداث الجسام، حيث نرى تلمس الجرح الذي رغم عمقه نجد أن هناك دعوة من قبل الشاعر الشاب الثائر، بعدم الاستكانة والسكون، حيث بدأ مشحونا بإصرار وعزيمة، تلم الجراح، تستنهض المقاومة، والذي جاء مع بداية النكبة والذي أتى متطابقا مع التغيرات الطارئة في ظل نشوء وضع ثوري جديد وتحديدا الدور الذي لعبه عبد الناصر والمد القومي، ورؤيا خاصة لمعين بمسؤولية القيادات التقليدية التي مع الأسف، نجد مجتمعاتنا شابة تقودها عقليات هرمة بعكس مسيرة الأمم الثائرة التي نالت حرياتها بقياداتها الشابة ولذا نجد الأسلوب المباشر في الحديث، قد أتى بشكل عاطفي، باعث على الحماسة، لاستنهاض الشعوب والقراء، إن بساطة الألفاظ النابع من دقة الاختيار، التي أتت للتناسب مواضيع الحدث، فد امتدت لتخلق زخما ثوري، يخدم المرحلة.
وتمثل ذلك بقصيدة المعركة فاتحة الديوان والتي أتت كدعوة وانتقاد لاذع لأسباب الهزيمة، داعمة بفكر جديد يؤدي للخروج من حالة يأس لعدم صحة الاتجاه الصحيح لقيادات فشلت في تحقيق أبسط متطلبات المرحلة في الحفاظ على الأرض والإنسان، ويظهر ذلك جليا من خلال حركة الأفعال، التي أتت مترابطة ما بين الماضي والأمر المرتبط بوجوب التنفيذ حالا، بلا انزعاج والحالي المنفي والحالي المثبت جاءت متناغمة مع الصور الشعرية الداعمة للفكرة المستجدة، وواقع الأسماء والصفات المتناغم والوقع الصوتي للأربع قوافي "كفاح سلاح رياح صباح جراح" كأنها تروي ضرورة الكفاح الذي يحتاج لحمل السلاح لمقاومة الرياح ليظهر الصباح ويضمد الجراح.

أنا إن سقطْتُ فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاحْ
واحمل سلاحي لا يخفكَ دمي يسـيل مـن السلاحْ
وانظر إلى شفتيّ أطبقتـا عـلى هـوج الريـاحْ
وانظر إلى عينيَّ أغمضتا عـلى نـور الصـبـاحْ
أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراحْ
كذلك نلحظ طواعية أفعال الأمر والنهي المفيد للأمر في بعض الأحيان، للتخفيف من وقع الأمر وعدم الضجر منه، حيث نجد المتلقي يستقبله بترحاب، لعدة أسباب أهمها بساطة المعاني وكبر حجمها في المكان، فبساطتها تشكل عاملا بلاغيا قابل للتوصيل والتقبل، طبيعة ما سابقها من تركيب للمعاني الشارحة لأسباب الأمر ودواعيه، فالبداية أنا أناضل وأتمنى الشهادة فإن حدث واستشهدت فلا تدع سلاحي ورايتي بلا ساعد يحملهما وهنا جاء الأمر خذ مكاني وسد ثغرتي ولا تخاف الموت.

فاحملْ سلاحك يا رفيقـي واتجه نحـو القتـالْ
واقـرع طبـولك يستجـبْ لك كلّ شعبك للقتـالْ
وارعدْ بصوتك يا عبيـدَ الأرض هـبّوا للنضـالْ
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد المـوت زالْ
ولتحملوا البركان تقذفه لنا حُمـر الجـبـالْ
حينما يكون الشاعر لسان حال المقاتل يشكل سلاحا رافدا من أجل أهداف مشتركة يسعى الكل لتحقيقها، فالشاعر يشكل لسان حال القائد والجندي والشعب، بل الوعي العام لأهداف المرحلة،وهنا نلمس تداخل العوامل الخاصة في العامة، للتركيز على أن للنضال معان وأهداف إنسانية، تشكل رافدا وداعما لوجود عوامل مشتركة بين الشعوب الساعية للتحرر والمدعومة من قوى التحرر، فكما قوى الاستعمار موحدة، يجب أن تكون قوى التحرر موحدة، فلا داع للسكوت وعهد السكوت على الحق زال.

هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الحياة
للثورة الكبرى على الغيلان أعداء الحياة
فإذا سقطنا يا رفيقي فـي جحـيـم المعركة
فانظر تجدْ علمًا يرفرف فـوق نـار المعركة
ما زال يحمله رفـاقك يـا رفـيـق المعركة

وما أكثرهم أعداء الحياة، ويكمن الانسجام التام ما بين اللفظ والمعنى، من خلال دور الحركات والإشارات الموجهة، فرغم تكالب الأعداء القساة، فإن مستقبل بلادنا بأجيالها تستحق هذا اليوم "الثورة الكبرى" حيث نجد متطلبات المرحلة تقتضي الوضوح والمباشرة في الحديث والتوجه، "فهذا هو" إشارة للتوجه والهدف "اليوم" الذي يجب أن نخوض فيه"الثورة الكبرى" تيمنا بثورات كبرى خاضتها الشعوب من أجل الحياة الطبيعية التي ينشدها البشر والشعوب، وفي التراث الذين يسقطون لا يموتون ما دام هناك من يحمل أهدافهم وراياتهم وأعلامهم، وللبعد عن التعمية والرمزية نجد الشاعر يعرف الأدوات والأسماء ويكثر من إخبار الجمل لزيادة التأكيد على قيمة الأهداف لتتناسب مع أسباب التضحيات، فلا شيء يعدل الروح سوى الوطن والأهداف السامية،"هذا هو اليوم"، الحياة الثورة الكبرى الغيلان الذين يؤدون " للسقوط" نكرة ولذا يكرر "الحياة" معرفة لأسباب التأكيد كنتيجة تقابل السقوط والتضحيات. كما نجد في هذه القصيدة لأهمية موضوعها قد نالت عناية الشاعر حيث نوع قوافيها على نهج لزوميات المعري بواقع فلسفي بسيط المعاني والبناء للبعد عن التكلف والمباشرة ووحدة الموضوع وترابطه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا