الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواسم ) صدام ... هل تحسم ( البعث ) في الشام ؟

داود البصري

2003 / 4 / 15
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


  ( حواسم ) صدام ... هل تحسم ( البعث ) في الشام ؟                                                               
 

 
النهاية الكارثية التي لاتختلف عن المآسي الإغريقية القديمة التي إنتهى إليها نظام البعث العراقي ممثلا بصيغته الصدامية لاتستحق التأمل وأخذ العبرة فقط حول كيفية مصارع الطغاة ونهاياتهم المتشابهة في كل زمان ومكان ؟ بل أنها تستحق أن تكون وبجدارة بمثابة النموذج الجاهز الذي ينبغي أن يكون مشهرا أمام كل النماذج القليلة الباقية من الطغاة الذين باتوا يتحسسون رقابهم الطويلة بجدية وتوجس وخوف مما تخبئه الأيام القادمة من مفاجآت ومتغيرات باتت أقرب إلينا من حبل الوريد ؟ وكما قيل سابقا فكل الإحتمالات قائمة ؟ وكل الطرق باتت مهيأة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي ستتبع التغيير الكبير الذي تم في العراق ؟ .
وسيظل إنهيار البعث العراقي برغم إنفراده في الهيمنة على الحياة السياسية واحدا من أهم المفاجأت التي أسفرت عنها حرب تحرير العراق وهو الهدف الذي تحقق بسرعة قياسية لم يكن يتوقعها أكثر الناس تفاؤلا ؟ فتضخم الجسم البعثي العراقي بعضوية ملايين الأعضاء لم يكن يعبر عن حالة صحية بقدر مايعبر عن تورم خبيث أدى لإستئصال النظام بالكامل والذي إستطاع أن يحول حزب البعث من حزب سياسي قومي ذو اهداف وحدوية وإشتراكية وبما ينسجم مع الأوضاع التي سادت العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية ، إلى عصابة للقتلة وخط دفاع عن نظام عشائري وشمولي لم يحقق سوى إشتراكية الفقر ، ولم يؤسس سوى للتمزق الوطني والتناحر الداخلي ولتدمير الأمة العربية وتكسيحها من الداخل ؟ وهو الهدف الذي حققه النظام البعثي العراقي بإمتياز فاق الخيال ؟ فبسبب وجود النظام الصدامي وحروبه المشبوهة الفاشلة تحطم النظام الأمني والإقليمي العربي وخضعت بغداد لإحتلال عسكري مباشر لتكون ثالث عاصمة عريبة تخضع للإحتلال بعد القدس وبيروت .. ومن ثم بغداد التي تنتظرها أيام عصيبة من البناء ومن محاولة تجاوز حالة الإنتكاس المؤقتة ، إضافة إلى التخلص من التركة الصدامية الثقيلة والمؤلمة وهي عملية ليست باليسيرة ، فكل شيء في العراق الحالي بحاجة لإعادة نظر من البشر وحتى الحجر ؟ إضافة إلى مأزق الوصول لصيغة توافق وطني من شأنها إختصار مدة الإحتلال المباشر ، والمباشرة ببناء العراق الجديد الذي ظل قرابة النصف قرن بدءا من إنقلاب 1958 يعاني حالة تعويق سياسي وإنقلابات عسكرية فاشلة وهيمنة حزبية وعشائرية متخلفة جعلت المسيرة العراقية متخلفة كثيرا عما يدور في العالم وأدخلت العراق في بازار السياسة الدولية كنموذج للدولة المتمردة رغم أن الشعب العراقي يعاني منذ عقود من هيمنة روح العسكرتاريا والتي لم تستطع أن تجعل الجيش العراقي العريق إلا أداة في حروب زمرة من القادة المتخلفين زجوا الجيش ودمروا إمكانياته في مغامرات مهلكة في شمال الوطن ضد الإخوة الأكراد وفي حروب إقليمية مدفوعة الثمن كما حصل مع إيران ؟ وفي تمزيق العالم العربي كما حصل في إستباحة أشقاؤنا في الكويت ؟ وهي مهام لاتشرف أحدا ولاتضيف رصيدا تاريخيا للمؤسسة العسكرية العراقية والتي تحتاج اليوم لإعادة نظر شاملة في كل تجارب الماضي والمباشرة ببناء برنامج وطني لجيش قوي لايلتهم الحياة المدنية ولايكون سوى أمينا للحياة الدستورية ولحرية الشعب ورفاهيته وهي معادلة معقدة وصعبة في ضوء الجروح والشروخ النفسية العميقة التي أحدثها نظام صدام المهزوم البائد في الجسد الوطني العراقي المثخن بالجراح ؟.
ولعل إنتكاسة البعث في العراق قد عبر عنها خير تعبير حالة الهروب الجماعية للضفة الأخرى من البعث في دمشق لينهي ذلك الهروب أربع حقب سوداء من العداء المتبادل بين النظامين اللدودين في دمشق وبغداد  وهو عداء تاريخي إستمر منذ إنشقاق الحزب البعثي في فبراير/ شباط 1966 ثم إزداد حدة مع السنوات اللاحقة لتشهد الثمانينيات مجازر جماعية متبادلة بين رفاق المسيرة العربية البعثية الخالدة توجها موقف البعث السوري بالوقوف العلني والصريح إلى جانب إيران الإسلامية ضد النظام العراقي البعثي وفي مخالفة واضحة وصريحة لميثاق الحزب ؟ ! كما وقف النظام البعثي السوري مع التحالف الدولي العامل لطرد صدام من الكويت بعد غزوها عام 1990 وشكل غطاءا عربيا لتحرير الكويت من الضم والإلحاق البعثي العراقي ! ، واليوم يبدو أن مصيبة إنهيار الرفاق في بغداد وفشلهم في حواسمهم قد بدد كل مخاوف النظام في سوريا ووحدت غريزة البقاء الموقف بين الحزبين حتى أضحت دمشق موئلا ومحطا للقادة البعثيين الهاربين من الحساب الشعبي العراقي ومن الجرائم التي إقترفوها طيلة ثلاثة عقود ونيف من هيمنة الحزب الواحد والتي توجت بالهروب الكبير وترك الشعب العراقي لمصيره ؟ وهو أبشع موقف إنتهازي وذليل وقفه حزب في التاريخ المعاصر ؟ فحتى النازيون تحملوا برجولة مسؤوليتهم عن الدمار الذي سببوه للشعب الألماني أما البعثيون العراقيون فقد هربوا بإقتدار كبير وتبخروا وكأنهم لم يكونوا في يوم ما يحملون أدنى مسؤولية عما وصل إليه حال العراقيين ؟.
النظام السوري يعي جيدا أن تصفية البعث العراقي يعني مضامين كثيرة لعل أيسرها محاسبة النظام السوري على إيوائه للقيادات العراقية البعثية الهاربة ولايملك فاروق الشرع أن ينكر صحة ذلك الفعل فالقرائن والأدلة موجودة ونعلمها جميعا ؟ ولكن هل يتعنت السوريون كما فعل نظراؤهم في بغداد ليصنعوا حواسمهم الخاصة بهم ؟ أم أنهم سيضطرون لتسليم الهاربين ولو بطرق خاصة ليتجنبوا مصيرا تبدو كل المؤشرات من أن لامناص من تحققه ، طال الزمن أم قصر ؟ فعنوان المرحلة بوضوح يقول :
باي باي حزب البعث العربي الإشتراكي ؟ .
 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ