الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس واهان، وتغيرات المناخ، والأوبئة في المستقبل

ثائر البياتي

2020 / 4 / 19
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


بقلم جاستن ورلاند
ترجمة: ثائر البياتي
18 نيسان/ابريل 2020
كتب المحرر الصحفي جاستن ورلاند، بتاريخ 6 فبراير 2020 في مجلة تايم الأمريكية TIME مقالاً تحت عنوان: فيروس واهان، وتغيرات المناخ، والأوبئة في المستقبل. أنقل اليكم ترجمة المقال الى اللغة العربية. أدناه، الرابط الإليكتروني للمقال:
https://time.com/5779156/wuhan-coronavirus-climate-change/
هيمنتْ سلالة غير معروفة سابقاً من فيروس كورونا على عناوين الصحف في الأسابيع الأخيرة، وأذهلتْ مسؤولي الصحة العالمية بانتشارها السريع وطبيعتها الخبيثة. لكن الأمر ليس غريباً على العلماء الذين يدرسون الفيروسات والأمراض المعدية: انها مجرد واحدة من العديد من مسببات الأمراض التي لديها القدرة الكافية للوصول الى حالة كارثية.
رغم انني لا أملك الدليل القاطع على أن ارتفاع درجة حرارة كوكبنا، تجعل فيروس كورونا المستجد، ان ينتقل من الحيوانات إلى البشر، أو قد يساعده على الإنتشار السريع، لكن من الواضح أن التغييرات المناخية، التي كثر الكلام عنها في العقدين الأخيرين، ستؤدي مستقبلاً إلى زيادة الأوبئة الناجمة عن الفيروسات وغيرها من مسببات الأمراض. كما وان تلك التغييرات ستجعل جهازنا المناعي الطبيعي أقل فاعلية.
أجسامنا تمتلك آليات مذهلة لمقاومة الأمراض، واحدة من تلك الآليات، ارتفاع درجة حرارة اجسامنا، التي يمكنها مقاومة الكائنات الغريبة اذا غزتنا، كالفيروسات والبكتريا المؤذية. فبإرتفاع الحمى في الجسم، لا تتمكن الفيروسات او البكتريا من مزاولة نشاطاتها أو البقاء على قيد الحياة.
كلما تتعرض مسببات الأمراض، كالفيروسات مثلاً، لدفئ أكثر في العالم الخارجي، سيكون أمامها طريقان أما التكيَف والبقاء على قيد الحياة، أو الموت. فتلك التي تتمكن من التكيّف، تكون قد ألفتْ العيش في أوساط أكثر دفئاً، فعند دخولها أجسامنا، سوف لا يعيق نشاطها التخريبي أي ارتفاع في درجة حرارتنا. يقول أرتورو كاساديفال، أستاذ علم الأحياء المجهرية وعلم المناعة في كلية بلومبرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز: في كل مرة ترتفع درجة الحرارة كثيراً، سوف يكون لدينا حدثاً جديداً، تتكيـَّف فيه، بعض مسببات الأمراض، وتتمكن من البقاء والأستمرار، تتكاثر وتتعايش مع درجات حرارة أعلى، مما يجعلها ان تكون خطرة، اذا ما دخلتْ أجسامنا، فمناعتنا سوف لن تتمكن من مقاومة مسبب المرض. ان فاعلية إحدى آليات الدفاع الرئيسية لأجسامنا تكون قد تضاءلتْ.
قام الباحث كاساديفال Casadevall وزملاؤه في السنة الماضية، بتوثيق انتشار نوع من الفطريات الجديدة، تسمى C.Auris (تدخل مجرى الدم، تسبب أمراضاً مختلفة، لا علاج لها)، نشر البحث في مجلة mBio ، وثق فيه اصابة عدد من المرضى بهذه الفطريات، في وقت واحد، في ثلاثة أماكن مختلفة من العالم - جنوب آسيا وفنزويلا وجنوب أفريقيا – في الأعوام 2012 - 2015. أن الظروف المناخية المماثلة لهذه الأماكن الثلاثة، التي تعرضتْ لتغيرات المناخ على الأرض، تـُرجح أن تكون قد ساعدتْ على تطور متزامن لهذه الفطريات في هذه المناطق الثلاثة بالتحديد. انتقلتْ هذه الفطريات مع المسافرين، لتصل الى عدد كبير من دول العالم التي سجلتْ اصابات بأعداد مختلفة. يقول كاساديفال: من الصعب التكهن، بكيفية وسرعة إنتشار هذه الفطريات في العالم. لكن، بالتأكيد ان ذلك الإنتشار سوف لن يقتصر على فطريات C.Auris وحدها.
تختلف سلالة كورونا فيروس عن الفطريات Auris C. لأسباب عديدة، أهمها ناقلتها الحيوانية المحتملة - الخفافيش – تقدم مثالاً مثيراً للاهتمام، عن كيفية إرتباط درجات الحرارة بإنتشار الفيروس. الخفافيش مثل البشر، من نوع الثدييات، تحافظ على درجة حرارة أجسامها كي تحميها من الأمراض. ان مناعتها العالية يجعلها تحمل مجموعة من الفيروسات دون معاناة. بينما تكون درجة حرارة أجسامنا حوالي 98.6 درجة فهرنهايتية، وترتفع بضع درجات عندما نكون مرضى، تحافظ أجسام الخفافيش على درجة حرارة 100 فهرنهايتية، لتصل إلى 105 درجة فهرنهايتية. ستظل الخفافيش محمية بحرارة جسمها، مع ارتفاع درجة حرارة الأرض في المستقبل القريب، في حين أن بعض الفيروسات التي تحملها، ستكون أكثر قدرة على إلحاق الضرر، فيما لو انتقلت الينا. لا يتوقف الأمر على تكيـّف بعض الفيروسات المرضية، كفيروس كورونا، مع أرتفاع درجة حرارة الأرض، بل يؤكد العلماء، ان مشاكل صحية أخرى ستظهر، ربما ستكون الأسوأ، في مواجهة البشرية .
لاحظ العلماء لعشرات السنين الماضية، ان التغيرات المناخية ستؤدي الى سلسلة مشاكل صحية في المجتمعات. فعلى سبيل المثال، أشار تقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم في عام 1992 إلى عدد من الوسائل التي يمكن أن يؤدي بها تغير المناخ إلى انتشار الأمراض المعدية، ووصف تقصير الجهات المعنية بدراسة التأثيرات المناخية على الأمراض بــ "المقلقة" . بعد أربع سنوات، حذرتْ ورقة انتشرتْ بشكل واسع في مجلة الجمعية الطبية الأمريكيةJAMA ، من أن التغيرات المناخية، ستزيد من انتشار كل شيء، من سوء التغذية الى الملاريا، ودعتْ إلى إجراء دراسة منسقة بين الأطباء وعلماء المناخ وعلماء الاجتماع لبحث هذه المشاكل التي تهدد مستقبل البشرية. وفي العام نفسه، نشرتْ منظمة الصحة العالمية تقريراً موسعاً من 300 صفحة حول الموضوع ذاته، حددتْ فيه الكثير من العلاقات بين المناخ والصحة، وأقرتْ في نفس الوقت، تداخل وتعقد تلك الروابط المتعددة .
بلا شك، ان معارفنا اليوم أكثر مما سبق، لكن هناك الكثير الذي نجهله. ماذا سيحدث لو ذاب الجليد الدائم في القطب الشمالي؟ ماهي مسببات الأمراض المدفونة في طيات الجليد لآلاف السنين، التي ستنطلق الى الغلاف الجوي- وهل بإمكاننا مقاومتها؟ ماذا ستكون آثار وانعكاسات فقدان مجتمعات بإكملها وبلدان وأساليب حياة بأجمعها على المجتمع البشري؟ الى أي بـُعد سينتشر البعوض الحامل للأمراض، المعزول حالياً في المناطق المدارية، حال تحول مداه؟
يحرص العلماء والباحثون الحصول على أجوبة لهذه الأسئلة المختلفة، ولكن بالتأكيد ستبقى مجاهيل كثيرة غير معروفة، وهذا ما أجده أكثر رعباً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طهران تزيد قدراتها على تخصيب اليورانيوم وفرنسا وألمانيا وبري


.. معركة رفح.. تقديرات بأن تنتهي العملية العسكرية خلال أسبوعين|




.. مظاهرة في تل أبيب تطالب بوقف إطلاق النار في غزة


.. حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي جمرة العقبة في يوم




.. أهالي قطاع غزة يحيون عيد الأضحى وسط قصف الاحتلال المستمر منذ