الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوا العلوم و السياسة و التخصص لأهلها .

يوسف حمك

2020 / 4 / 20
الادب والفن


استوقفتني عبارةٌ طريفةٌ متداولةٌ في بلاد الغرب تقول : " توقفوا عن جعل الحمقى مشاهيراً " .
لست من دعاة الشهرة ، ولا من هواة النجومية و التفاخر ، أو ممن يجوب الآفاق و يستبدل حزباً بآخر ليكون ذائع الصيت ، ولا من عشاق الظهور على الشاشات لأخطف الأضواء و أكون نجماً لامعاً .
كما لست من دعاة وضع القيود على مواهب المبدعين أو احتجاز نبوغهم الفطريِّ ، ولا تكبيل براعتهم في الابتكار و الاختلاق ، أو إقصاء مختصين مشهودٌ لهم بالكفاءة و جعلهم على الهامش .
بل إطلاق العنان للفطرة بالتدفق للإنشاء و الإبداع و البناء

لكنني أقف بالضد لمعتوهٍ اعتلى منصباً لا يناسبه ، أو جاهلٍ أبلهٍ تبوَّأ مركزاً لا يلائمه ، أو ثعلبٍ ماكرٍ يلبس ثوب النصح و الرشد فيتولى أمر الناس .
أو مسؤولٍ لا يفك أبجدية السياسة فيحتل مكاناً مرموقاً ، يجترئ ألفاظاً لا عهد له بها ، و يطلق شعاراتٍ مضللةٍ ، و يحرز فشلاً تلو الآخر .
أو بهلولٍ مغفلٍ ينقصه كل شيءٍ ، ويعمل في مجالٍ ليس فيه شيءٌ ولا أهل له ..... الخ
أمثال هؤلاء تنطبق عليهم حكمة القدماء و تعبيرهم الجميل : " من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب "

من سمات عصرنا المشؤوم تسلط المغفلين و المعتوهين و المهرجين على زمام الأمور ، و شغلهم لمناصب رفيعةٍ ليس بالكفاءة و الجدارة .
بل بالمحسوبية لمتربعٍ على عرش السلطة ، و بالتصفيق للسلطان و التستر على جرائم الطغاة و مساندتهم في النهب و السلب .

مشهدٌ سوداويٌّ لمجتمعات الشرق البائس ، يبعث على الاكتئاب و القلق لتنحية الجهود الجدية و الانحدار الفكريِّ ، و اختطاف الطاقات المبدعة ، و السعي الحثيث للعبث بالوطن و إذلال المواطن ، من خلال منح القيمة لمن لاقيمة له .

إعلامٌ فاسدٌ لتلميع الوجوه القبيحة و تجميل صورة الحاكم الجائر .
و اختيار القلم الرخيص ، و مناصرة اللسان الماجور لاختلاق الأخبار الكاذبة و المبالغة في التصريحات المثيرة للفتن .
وصمة عارٍ على مهنة المتاعب حينما تحل ضيفاً رخيصاً ذليلاً على موائد الطغاة ، فتستمد حصانتها بتمجيد أصحاب النفوذ ، تشرعن الفساد و السلب و النهب ، و تثير النعرات ، و ترتزق على الطائفية البغيضة .....
يا للخزيِّ !! بدلاً من وفاء المبادئ وحماية القيم الأصيلة ، و توثيق الصلة بين الجماهير و السلطة ، تجعل الحق باطلاً و الباطل حقاً .
ألم يقل أرسطو عن القلم : " هو العلة الفاعلة ، و أن عقول الرجال تحت سن أقلامهم ؟ "
أقلامٌ بهذا السوء يجب مواجهتها بالنعال و كسرها بالأحذية .

و دكتاتورٌ يقدم نفسه على أنه نصير الشعب و حامي الوطن ، مع أنه ميكيافيليٌّ بطبعه ، يجر البلاد و العباد إلى هلاكٍ محتمٍ .
وسياسيٌّ يعزف على وتر الوطنية رغم انتهاكه حرمة الوطن و فضَّ عذريته ، و يسعى جاهداً للإجهاز على ما تبقى من نبضه ، ولا يهمه سوى المال و الجاه ، و بسط النفوذ لإرضاء القوى الداعمة له خارج الحدود .
فكم من ساذجٍ مأفونٍ لا يؤدي سوى دور الكوارس ، كجمل الظعينة يقاد حيث يصار به ، فيظن نفسه سياسياً محنكاً من الطراز الأول .

إدعاءٌ كاذبٌ يستند إليه بعض المتسلقين ممن اختارهم أصحاب النفوذ - على مقاسهم - كي يظهروا أمام الملأ بأنهم ينتمون للشعر و الخطابة و الثقافة ،و يستكثرون بما ليس لديهم .
سلوكياتهم تكشف الغطاء المزيف الذي يحيط بهم ، مهاراتهم زائفةٌ تسقط أقنعتهم على الفور لأنها بلا جذورٍ ، يقحمون أنفسهم فيما لا علم لهم به ، فتنكشف عوراتهم لأنهم بلا تخصصٍ ، ظناً منهم أنهم أتقنوا صنوف العلم ، فيدلون بدلوهم بما ليس فيهم ، يتطرقون لمصطلحاتٍ لا يفقهون فحواها ، فتأتي النتائج عكسيةً كارثيةً .
ألم يقولوا : " فاقد الشيء لا يعطي ؟ "
يتكلمون بجهلٍ ، و يتفوهون بغير علمٍ ، و يفعلون بلا تخصصٍ ، كأنهم شيوخ العلم و مشاهير الثقافة ، مصيبون بحمى وهم الشهرة ، و كل ذلك في محاولةٍ يائسةٍ لمن يقفون خلفهم لتحويل الجهلة إلى مشاهير .
و ماذا قدموا غير خراب البلاد ، أو أنجزوا غير هلاك العباد ؟!

ماكينةٌ هدامةٌ ، و منظومةٌ فاسدةٌ مبرمجةٌ ، و منهجٌ هابطٌ إلى حد التقزز .
قلة احترام المهنة ، و تدمير التخصص ، و إذلال العلم ، و الحط من شأن الثقافة .
الأوطان تُهدم ، و البلدان تُدمر ، و الشعوب تُقتل و تُشرد .
و الناس يُجرون للأوهام القاتلة ، و العقول بجهلها تتبع المشعوذين و الدجالين ، و المجتمعات في تفككٍ واضحٍ ، و الفضائيات تعج ببرامج الهرج و المرج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب