الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكواكبي يصارع الأفعى مرتين

بدر الدين شنن

2006 / 6 / 14
الادب والفن


مرة أخرى يصارع عبد الرحمن الكواكبي الأفعى .. ومرة أخرى يسقط شهيداً من أجل الحرية . في المرة الأولى كانت الأفعى الاستبداد العثماني .. وفي المرة الثانية كانت الاستبداد السوري . اللافت في الحالتين ، أنه كان إلى جانب الكواكبي عام 1902 رفيق المنفى الصديق والكاتب الكبير محمد كرد علي ، الذي كان يخاف عليه من " مصارعة الأفعى " الاستبداد ، فقضى وهو متبصر بعواقب ما يقدم عليه ، وعزاؤه أنه ترك للأجيال القادمة .. إرثاً .. زاداً ثقافياً ثورياً لمتابعة معركة الحرية ضد الاستبداد ، بينما في الحالة الثانية عام 2006 كانت الأفعى الاستبداد السوري .. ولم يكن " الصديق " المشرفون على احتفالية حلب كعاصمة للثقافة الإسلامية إلى جانبه ، بل وغض الطرف عن ا ستباحة الأفعى لدمه ، فقضى وهو يتألم ، لأن غرسه قيم النضال ضد الاستبداد ، منذ أكثر من قرن ، لم يثمر بعد ثقافة حرية . ومازالت بلاد الشام وحبيبته الشهباء رازحة تحت نير الاستبداد

ومن مفارقات الزمن أنه في ا ستشهاده الأول صلى عليه الشيخ الجليل محمد عبده .. دفن في المنفى بين الأشقاء .. وفي ا ستشهاده الثاني .. لم يصل عليه أحد .. دفن في مدينته بين الغرباء . ذلك أن أفكاره التي صاغها عقله وقلبه ولسانه قد رأت النور في أرض الكنانة .. وفي سوريا بمناسبة ثقافية عالمية .. قد عتم عليها .. لم يصدح بأفكاره أحد على منابر الاحتفالية .. لم يردد أقواله الحكيمة المأثورة أحد كقوله مثلاً
من أين جاء فقهاء الاستبداد بتقديس الحكام عن المسؤولية ، حتى أوجبوا الحمد إذا عدلوا ، وأوجبوا الصبر عليهم إذا ظلموا ، وعدوا كل معارضة لهم بغياً يبيح دماء المعارضين ؟
أو
الاستبداد لو كان رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال : أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر وخالي النذل وبنتي البطالة ، وعشيرتي الجهالة ووطني الخراب . أما ديني وشرفي وحياتي فالمال .. المال .. المال
أو
لايخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد المختصة ما بين الإنسان وربه لإعتقاده أنها لاترفع غباوة ولاتزيل غشاوة . بل ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية ، والفلسفة العقلية ، وحقوق وطبائع الاجتماع والسياسة المدنية ، والتاريخ المفصل ، والخطابة الأدبية ، ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النفوس وتوسع العقول ، وتعرف الإنسان ماهي حقوقه ، وكم هو مغبون فيها ، وكيف الطلب ، وكيف النوال ، وكيف الحفظ ، وأخوف ما يخاف المستبد من أصحاب هذه العلوم المندفعين منهم لتعليم الناس بالخطابة والكتابة
أو
الاستبداد أصل كل بلاء

لم يرتل أحد آيات كرهه للاستبداد وعشقه للحرية .. وإذا كانت الصدفة قد أتاحت معرفة قبره المغمور بالتراب في مصر الشقيقة .. فإنه في سوريا لاقبر له
لم يهتم أي عهد من العهود التي مرت على سوريا أن ينقل رفاته إلى مسقط رأسه .. إلى حبيبته حلب في بلاد الشام . وكأنه محكوم بالنفي الأبدي .. حياً أو ميتاً

قد يسوق البعض للمشرفين على احتفالية الشهباء عذراً لعدم إضاءة أفكار الكواكبي النارية ضد الاستبداد باعتبارهم يعملون تحت سقف الاستبداد ، وتتوالى أمام أعينهم الاعتقالات التعسفية للمثقفين وحملة الرأي وإخضاعهم لمحاكمات كيدية .. لكن هذا العذر ، على وجاهته ، لايجانبهم المسؤولية ، إذا تم تناول هذه الاحتفالية من حيث القيمة الثقافية والأخلاقية والتاريخية .. إذ أية قيمة ثقافية للاحتفالية التي تجوف أو تقصي الأفكار النابذة للاستبداد .. أوليست الثقافة كإبداع فعل حرية ؟
وأية قيمة أخلاقية للاحتفالية التي تقام في ظروف الاستبداد إن لم تكرس للدفاع عن الحرية ؟
وأية قيمة تاريخية للاحتفالية التي تجانب اللحظة التاريخية واستحقاقاتها ؟

يعز علينا .. أيها الأستاذ العظيم .. أن تظل مغدوراً على أيدي ذوي القربى مؤخراً .. مثلما كنت مغدوراً على أيدي الأجنبي سابقاً

ستبقى شعلة الحرية .. التي رفعتها بفدائية نادرة .. في أحلك الظروف .. ستبقى عالية .. متقدة .. حتى يتبدد ظلام الاستبداد إلى الأبد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو اكثر شيء يزعج نوال الزغبي ؟??


.. -احذر من صعود المتطرفين-.. الفنان فضيل يتحدث عن الانتخابات ا




.. الفنان فضيل يغني في صباح العربية مقطعا من أحدث أغانيه -مونيك


.. مشروع فني قريب بين الفنان فضيل وديانا حداد وجيبسي كينغ




.. أغنية -عبد القادر- بصوت الفنان فضيل في صباح العربية