الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف ضد النساء زمن الكورونا: فعلٌ فُرض حجبهُ ؟

حازم الشيخاوي

2020 / 4 / 20
ملف يوم المرأة العالمي 2021: التصاعد المرعب في جرائم العنف الأسري في ظل تداعيات وباء كورونا وسبل مواجهتها


يبدو أن كلّ أفعالنا تشهد تغيرًا رهيبًا، حيث أصبح من البين أن الإحداثيات الاعتيادية التي كان يُبنى عليها اليومي التونسي [وفي العالم بأسره] قد تغيرت بشكلٍ جذري، حيث أمكننا إنهاء الأعمال التي تطلب تنقلاً من خلال الاتصال الرقمي وأمكننا أن نلعب أدوارًا مختلفة، أي أن نشغل نفس الوظيفة، لكن من غرفة الجلوس، وأن نحذق تدريس الأبناء دون الحضور في قاعات الدرس... أي أن نجعل من الفضاء الخارجي المعقد و الخاضع لتشابك عديد التفاصيل مجرد أحداثٍ موجزة داخل فضاء مضبوط بتقسيم هندسي، حيث رمزيته تتجلى في الأدوار الموكلة إليه. وبناء على ذلك وجب التفطن إلى أن الحدث التاريخي المهم ’’كورونا‘‘ لا يطال فقط مجال البحوث العلمية والجرثومية، بل ينسحب على كل الميادين ذات الأبعاد السياسية، الاقتصادية والاجتماعية. فنحن إزاء إعادة فهم الممارسة، لكن من وجهة نظر الأدوار، رمزيتها و النتائج المترتبة عنها.
لكن لماذا نتطرق لهذه الإشكالية ؟ ببساطة لأننا عندما نطالع الجرائد المحلية والعالمية، نجد تقريبًا تواترًا لنفس العنواين التي تتمحور حول ازدياد وتيرة العنف داخل الفضاءات الميكرو-اجتماعية و المفتوحة. ويمكن أن نرجع ذلك إلى ضيق المساحة التي ربما تجعل بعض الأفراد بالضرورة أعداءً للآخرين، وذلك ما يشبه تمامًا الشكل الإخراجي لمسرحية ’’الغرفة المغلقة‘‘ [Huis clos] لجون بول سارتر، أين ترد فيها عبارته الشهيرة فيها ’’الآخرون هم الجحيم‘‘. لكن ما يثير الحيرة: هل الأدوار الاجتماعية هي التي تُثير الصراع خاصة إذا كانت مساحة الالتقاء محدودةً ؟ و هل يتيح فراغ الفضاء العام للبعض ممارسة الجرائم دون هوادة ؟
إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن الفضاء الخارجي، هو مسرح كلّ الأحداث، أين نجد تراتبية صارخة للأدوار الجندرية، حيث تعمل كلّ الميكانيزمات الثقافية، التاريخية والاجتماعية على حفظ غلبة المذكر على المؤنث، وعلى الهيمنة عليه، مقابل إخضاع المؤنث في المجال الخاص الذي يتميز بالتستر و الاختفاء. لكن مع تغير فضاءات الأداء، تغيرت طرق الإقبال على تعامل الفاعلين فيه. ففي الأيام الأولى غزت التدوينات ذات الطابع الميزوجيني مساحات التواصل الاجتماعي، لتكشف عن صفاقة وجه الذكورية، وعن التباين بين أعمال التعاطي مع الحياة اليومية، فكأنما الذكورة تُعبر ههنا عن أن مجال فعلها هو الفضاء العام، الذي يتميز بالصراع و القدرة على التواصل و الاشتباك و المواجهة العنيفة، و أن الرجال ببساطة حملوا تلك التمثلات إلى داخل الفضاء الضيق [الذي لا يتسع لها]، و أعادوا إنتاجها، وهو ما أدى إلى ازدياد وتيرة العنف الموجه ضد النساء في الفضاءين: العام والخاص.
إنَّ العنف ليس فقط وليد عدم القدرة على التأقلم مع الأدوار الجندرية التي لم تقدمها لنا التنشئة الاجتماعية، بل بالأساس هو النتيجة الحتمية للتصورات التي قام الأفراد باستبطانها و بإعادة إنتاجها بشكل ميكانيكي لا يخضع لأي تمعن، و ذلك ما يدفعنا للقول إنّ الفضاء المنزلي ليس المحيط الصحي للتمعن في ذواتنا، بقدر ما هو مكان للعيش، أي هو مرآة للحقيقة [و التي تريد أن تحجبها البنى الخاضعة للهيمنة الذكورية] التي تتمثل في التسامح مع أفعال الاعتداء على الأجساد، و انتهاك حرمتها، واعتبار النساء حلقة ضعيفة داخل المجتمع. إن هذه الكلمات على شدة بشاعتها، إنما هي في الحقيقة تكشف لنا واقع المجتمع كما هو، حيث تَبين لنا أن التراتبية الجندرية المقيتة هي التي تؤدي في حقيقة الأمر، إلى ضربٍ من ممارسة مطلقة للعنف. ومن المهم الإشارة إلى أننا اليوم أصبحنا في نوع من الحرب الرمزية والفعلية مع فظاعة مخلفات المجتمع الذكوري، أين أصبح التطبيع مع فعل الاغتصاب انتقالا من زلة اللسان إلى عادة يكاد أن يقول البعض أنها محمودة. وبناءً على ذلك وَجبَ مواجهة العنف، مهما كان مأتاه وبكلّ الآليات الممكنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت