الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحصل عندما تقود الحملان الأسود؟؟!

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2020 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا يحصل عندما تقود الحملان الأسود؟!
واقعنا السياسي والثقافي والإعلامي اليوم... أشبه بقارة جغرافية غير مستكشفة وما قبل التاريخ... عالمنا العربي تخطى التخوم المعقولة التي تسمح بتقبل ما نحن عليه... حجم التخلف بلغ مداه... الخرافة هي العقيدة السائدة. تم الاستغناء عن العقل وحلّ مكانهُ قطيع يتغذى وجبات سياسة وثقافية وإعلامية مسممة ويمضي يلتهمها ثم ينتفخ ويتهرأ فيما العالم من حولنا قطع أشواطاً في المعرفة أساسها العقل بينما ما زلنا نحرق كتب جبران خليل جبران في الكويت رغم أن جبران ليس هو نتشه ولا سارتر في وقت أصبح فيه سارتر ونتشه جزء من مقرر يدرس في مدارس ثانوية وحتى اعدادية بالعالم المتمدن...
منذ سنوات كتبت أقول إن التخلف في القارة الجغرافية العربية بلغ مداه... أما اليوم فقد تعدى مداه ويكاد يبلغ نقطة الانقراض...أرى أمامي الآن في الشوارع العربية لوحات عملاقة على الطرق بصور نساء محجبات وقد كتبت بعبارة مثل حجابكِ تحرركِ!!! يا للهول! تحرركِ من ماذا سيدتي المرأة العربية؟؟ هل صار الحجاب أداة تحرر في اللغة العربية بعد قرن من دعوة شبلي شميل وسلامة موسى وقاسم أمين...بعد كلّ هذا التاريخ نعود للوراء...
ألم يحنّ الوقت لثورة نسائية تحررية؟ وفي عصر الغيت فيه وسائل الإعلام من كلّ دول العالم... تضاعفت وزرات الاعلام العربية... واستمرت في انتهاك تحرر المرأة...
هناك قصة ملخصها أن جنرال الماني قام بالتعليق خلال الحرب العالمية الثانية على شجاعة الجنود البريطانيين مقابل تخاذل بعض ضباطهم حينما قال هذا الجنرال ممتدحاً الجنود الانكليز: لقد رأيتُ أسوداً في الميدان تقودها حملان!
هنا تكمنُ حكمة العبارة ومصداقيتها وانطباقها على الكثير من الأوضاع في الوقت الحاضر وليس فحسب في ميدان الحرب ولكن في الحياة العامة وفي السياسة والعلاقات العامة والثقافة وكل مرافق الحياة، فحينما تقود الحملان الأسود فلاشك ان هناك خلل في التوازن الطبيعي للحياة وخطأ جسيم يستوجب التعديل لسلامة الحياة وانتظام قوانين الصراع والتطور ، فما لا يواكب قوانين التطور الطبيعي، وما يتم فرضه بالمزاج والقرار الخاطئ وعدم العودة عن الخطأ كل ذلك يدفع بالجنود رغم شجاعتهم الى احداث خلل في نظام الحياة والنظام العام كلية.
ماذا يحدث إن اختل النظام العام في الحياة؟
تحدث الفوضى وتصبح الدنيا بلا نظام وعندئذ تتحول المجتمعات الى غابات ونعرف جميعاً قوانين الغاب التي تحكمها القوة ولا يحكمها القانون، وحتى هذه القوانين الخاصة بالغابة عندما تتحول كما قال الجنرال الالماني ممتدحاً شجاعة الجنود الانكليز إلى قوانين عكس طبيعتها... نرى حملاناً تقود الأسود، فذلك يصطدم بحقيقة الحياة وقوانين التطور فيها.
ولأكون صادقاً ولن يعرف جوهر ما أقول إلا من يسمك بالجمر بين يديه ويرى الأمور مقلوبة ويحاول هنا وهناك ترقيع وترميم ما في وسعه من دون أمل كما يبدو للوهلة الأولى، إلا أنه دائماً هناك أملاً في العمل والسعي والمحاولة، حتى لو بدا ان اليد الواحدة لا تصفق لكنها على الاقل تحرض على العمل وعلى المحاولة.
اليوم ونحن في خضم هذا الانفعال والعاطفة التي تهيمن على جغرافيتنا العربية والتي أثمرت في بعض وجوهها الفوضى أينما ذهبنا نرى للأسف الشديد الاحداث تجري من حولنا ونحن أشبه بالترس المختلف الذي وضع في الآلة التي لا يناسبها، صحيح ان هذا الاجتهاد الذي جعل الميكانيكي يضع ترساً في آلة لا يناسبها، وصحيح ان الآلة بعد ذلك تحركت لكن هل تعمل بالشكل الصحيح؟
اننا اليوم أمام معضلة تتمثل بوضع آليات وبوضع برامج وبسن قوانين وبتعيين أشخاص وبتحريك مواقع ولكن رغم عمل هذه الآليات، هل نرى الأمر يسير بحسب قوانين التطور؟ وهل النتائج والتداعيات التي تحدث تتلاءم مع الخطط والبرامج؟
هناك منا من يفتح عينيه مع بداية كل صباح ليفاجئ بصور ومشاهد تحدث معه غصة في المريء، حيث لا يستطيع ان يبلع هذا الأمر ولا يحتمله ومع ذلك تجري الأمور لعل وعسى أن تكون هناك نتائج مختلفة، ولكن هل يكمن أن نتخيل ان من يزرع تمراً يجني منه رزاً؟ ومع ذلك نقبل بالفوضى شرط ان تكون منظمة، ويمكن معالجة تداعياتها ولكن الفوضى تبلغ ذروتها حينما لا تنتظم مع قوانين الحياة وتشهد على ان ثمة اختلالاً صعباً جداً معالجته بالكلمات وإنما بالأفعال، ومشكلة الافعال قليلة ونادرة في حياتنا اليوم. سواء أدركنا او لم ندرك حجم الفوضى وسواء انتبهنا او لم ننتبه لما يجري من حولنا، فان السفينة تبحر ونحن اليوم في عصر السفن التي تبحر بالطاقة النووية وليس بالأشرعة والهواء حتى نقول تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فالسفن تجري هنا وهناك...وسفينتنا تجري حالها كحال السفن الأخرى في هذا البحر الهائل بالأمواج العاتية، ولكن الى أين؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام والسنوات والعقود القادمة على ضوء العلاقة بين الأسود والحملان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 59.39%.. نسبة المشاركة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: لماذا الإقبال -القياسي- على ص




.. الانتخابات التشريعية في فرنسا.. ما دور الجمعية العامة؟


.. أميركا.. بايدن يجتمع مع عائلته اليوم لمناقشة مستقبل حملته ال




.. 3 قتلى من حزب الله في قصف إسرائيلي على بلدة -حولا- جنوبي لبن