الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الشّباب وتحمّل أعباء السّياسين المُنتقدين المُراوغين -

ازهر عبدالله طوالبه

2020 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ذاتَ يومٍ عَصيب مرَّ على وطنِنا الضّعيف، كانَ هُناكَ مجموعةً من الأشخاصِ يجلسونَ على مائدةٍ نقاشيّة مليئةً بالأطباقِ السّياسيّة والإقتصادية . فكانوا يتبادلونَ الأحاديث حول آخر المستجدّات المُتعلّقة بالجانبينِ السّياسي والإقتصادي اللذان قَد أصّعفَا الوطَن، وجعلاهُ فريسةً سهلةً لأعدائه بعدَ أن كانَ قويّّا وعصيًّا على كُلّ مَن حاولَ الإقتراب منه . كانَ مِن ضمنِ هؤلاء الأشخاص، شابّينِ مُثقّفينِ، مُطّلعينِ - بجُهدٍ شخصي- على ما استطاعا أن يطّلعا عليهِ مِن الخلطات التي جُهِزت في مطّبخِ السياسة لإعداد جميع الأطباقِ التي وضِعَت على هذه المائدة .

وبعدَ حديثٍ مطوّل لأحدِ الأشخاص الكِبار، حول قيامِ بعض رؤساء الحُكومات السّابقين ببيّع مُقدّراتِ الوطن بما فيها " الفوسفات، البوتاس، الميناء، وشركات الإتصال "، والتعرّج - قليلا- على بعض التعديلات الدستورية وإدخال عددا لا بأس فيه من الهيئات الخاصة على الساحة السياسية، وإشراك بعضها في مراكزِ صُنعِ القرار، قامَ أحد الشّابّينِ على قدميّهِ، وطلبَ مِن شيف الجلّسة " المُقرِّر" أن يتحدّث بحُريةٍ تامّة عَن رأيه، وأن يُسمَح لهُ بمُناقشةِ من يجلسَ معهم، وهُم يعتبرونَ أنفُسِهم من أهمّ السّاسةِ في هذا الوطَن ..

وقفَ الشّاب، بعدَ أن أذنَ له بالحديث، فقال :
قرأنا عنكُم كثيرا، وسمِعنا أحاديثكم وحفظّنا حركات أيديكم وتعابير وجوهِكم، كُل هذا كانَ مِن خلال مُتابعتنا للمُقابلات الصحفية معكُم، لكن، لم تسّنَح لنا الفُرصة للقاء بكُم، سوى اليوم ولأوّل مرّة، وأتمنّى ألا تكون الأخيرة . لذا أودُّ أن أسألكُم سؤالاً واحدا فقط، ألا وهو " أنتُم من السّاسة الذينَ كُنتُم تتحدّثونَ كثيراً عن أخطاء الإدارةِ الحكوميّة قبّلَ هذه الجائحة، والكثير منّكُم كان يُقدِّم أُطروحات ترّتقي بوطنٍ كوطننا، وللأسف بأنَّ هؤلاء قَد فقدناهم لأسباب يعلمها بعضنا . فهَل بإمكانِ بعضكُم أن يُجيبني على سؤالي هذا " لماذا إلى الآن ما زلتُم غيرَ قادرينَ على أن تُغيّروا مِن واقعِ هذا الوطن المريض والذي باتَ يُسقِط الأجيال واحداً تلوَ الآخر ؟! "

إستجّمعَ زعيمُ الجماعةِ قِواه، وضربَ بصوتٍ بسيط أعلى حلّقه ؛ ليُخفي حالة الإرباك التي تعرّضَ لها بسببِ سؤال هذا الشّاب، وتنفّسَ بنفسٍ عميق، ومِن ثمَّ بدأ بالكلام ردّاً على الشّاب، حيث قال :
" أشّكركَ على هذا السّؤال، مَع أنّني تمنيتُ لو أنّهُ كانَ سؤالا آخرا غيره، لكانَ أفضل لنا جميعاً ؛ لأنّني بسبب هذه الجائحة، لا أستطيع أن أُجيبَ عليه، فهذه الجائحة هي بمثابةِ حَرب علينا، والكلام والقَرار كلّه لأصحابِ الحقائبِ الوزاريّة الذين مِن الواجبِ علينا أن نقِف معهم في التصدّي لهذه الجائحة، وسترى بأنّ بعد هذه الجائحة سيتغيّر الحَال كثيراً، وسنتكاتَف مع بعضِنا حتى نُعيد ما فاتنا في أشهُرٍ بَل في سنوات ماضية وقفَت بها البلاد بشكل كامِل، وسنُعلِِن عن نهضةٍ حقيقيّة في وقتٍ قياسي "

ذهولٌ واستغرابٌ قَد أصابَ الشّاب بعد أن سمع إجابةَ هذا الزّعيم، أو مَن يدّعي الزعامة لهذه الجماعة . فوقفَ وشيءٌ مِن الغضب قَد بدأ يظهَر على وجّهه، وقال :
" أعلمُ أنّكَ قَد تهرّبتَ من الإجابةِ على سؤالي بإسلوبٍ سَلِس، وأنا لا أُريدُ أن تُجيبني على سؤالي هذا مُجدّداً، ولكن، ما أُريدهُ منكَ الآن الإجابةُ على سؤالٍ آخر، ولا أدري إن كانَ دهاءكم غباء أم دهاء فعلاً !! .. ولماذا لَم تقُل إيقاف بدلاً من وقفت ؟! تتلاعبونَ بالمُفرداتِ كما تشاؤون، دونَ أن تفكّروا بمَن يُقابِلكُم .."

إحمرّ وجّهُ الزعيم، و وضعَ كفّيهِ ببَعض - حركة الدّفاع عند الحديث- ليحمي نفسه من الطلقةِ التي وجّهها لهُ الشّاب، فقال :
لَم أُوفّق بإيصالِ ما أُفكّر فيه لك، وهذا لا ينفي أنّني قَد أخطأت في إختيار الوصفِ الصحيح، فنحن اليوم لسّنا إلا عالقينَ وكُل من يُصِف ما نحن فيه بغيرِ هذا الوَصف فهو كاذِب "
إبتسمَ الشّاب وقال: " لا أجدُ حرجاً لكَ أمامي، فنحنُ هُنا قلّة قليلة، لكن، ما الذي كنت ستتعرّض لهُ لو صرّحت بهذا التصريح أمام ملايين من المواطنين ؟! "

أُصيبَ الزّعيم بعجزٍ عن الحديث، وتوقّفَ كالأبلهِ أمام جراءة هذا الشّاب، وأعلنَ إنتهاء الجلّسة .
عند الخُروج، وقفَ الشّابُ أمامهم جميعًا وطلبَ منّهم أن يسّمعوه لآخرِ مرّة، فقال :
ما زِلتُم تُراوغونَ على حسابِ الوطَن، وما زِلتُم لا تصدقونَ إلا في ما طُلبَ منكُم أن تكونوا صادقينَ فيه، فهناكَ فرقٌ كببر بينَ " وقفَت وإيقاف " وبينَ " العالقين والمُعلّقين " .
ولأنّني لَن أعُد ألتقي بكُم مِن جديد، فأُريدُ أن أبيّنَ لكُم أنّ مُشكِلة الوطَن، هي أنّ الكثير ممّن يُدافعونَ عنهُ، يتّبعونَ نهجَ المُراوغةِ الذي يتّبعهُ زعيمكم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ