الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا والذعر المالى العالمى

على زايد عبد الله

2020 / 4 / 23
دراسات وابحاث قانونية


مع انتشار جائحة كورونا إلى دول العالم، إنطلاقاً من مدينة ووهان الصينية إلى كل أرجاء العالم، وإصابة أكثر من اثنين مليون ومائتان وخمسون ألف شخص حول العالم بهذا الفيروس اللعين حتى الآن، ووصول عدد الوفيات إلى أكثر من 160 ألف شخص حول العالم، وحتى الآن لم يُعرف السبب الحقيقى لتفشى هذا الفيروس، وتتبادل الاتهامات بين الصين والولايات المتحدة الامريكية وتحميل كل دولة للآخرى مسئولية انتشار الفيروس، الأمر الذى وصل بالرئيس الامريكى دونالد ترامب إلى وصف هذا الفيروس بمسمى الفيروس الصينى نسبة إلى دولة الصين وأنها هى المتسبب الرئيسى فى انتشار هذه الجائحة وأنه تم تخليقه وتسريبه من معمل مدينة ووهان الصينية. وهنا يثار عدة أسئلة: هل نحن امام حرب بيولوجية بين الصين والولايات المتحدة فى سبيل إظهار كل دولة لامكانياتها وتفوقها على الآخرى ويكون الضحية هنا كل دول العالم وإصابة ملايين الاشخاص ووفاة الالآف جراء ذلك ؟ أم نحن امام فيروس كغيره من الفيروسات التى تظهر على فترات ببعض دول العالم ويستمر لفترة معينة ويختفى مرة أخرى ؟ والمثير للدهشة والتساؤل أن فيروس كورونا نسبة انتشاره سريعة جداً ووتيرة الاصابات اليومية تتزايد بشكل مخيف ومرعب وأصبح هو حديث الساعة بكافة دول العالم وحديث كافة القنوات الاخبارية والمواقع الالكترونية إلى حد أن كل النشرات والاخبار لا تتناول أيه أمور سياسية لاى دولة إلى جانب الحديث عن إصابات ووفيات كورونا فأخباره هى المستحوذة على كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وفى سبيل مواجهة دول العالم لتفشى الفيروس أتخذت الدول حزمة إجراءات اقتصادية لتتمكن من خلالها من دعم المنظومة الصحية داخل الدولة لمواجهة آثار الاصابة بالفيروس وتوفير كافة المستلزمات الطبية والوقائية سواء للمصابين أو للأطقم الطبية الساهرة على العناية بالحالات المصابة وضمان توفير الاحتياجات والمستلزمات الطبية بأعداد كبيرة ومتوفرة وأمنة فى نفس الوقت، وإن كانت بعض الدول قد عانت من نقص هذه المستلزمات ، إلى أن وصل الأمر ببعض الدول إلى الاستيلاء عنوه على بعض المستلزمات الطبية المقدمة على سبيل المساعدة من بعض الدول إلى دول أخرى تزايدت فيها اعداد الاصابة بشكل كبير، على سبيل المثال استيلاء تركيا على أجهزة تنفس صناعى مرسلة إلى دولة اسبانيا وكذلك استيلاء الولايات المتحدة الامريكية على بعض المستلزمات الطبية المقدمة لمساعدة الدول التى تفشى بها الفيروس، وقد ترتب على تفشى فيروس كورونا العديد من الآثار السلبية التى ما زالت تضرب بجذورها فى اقتصاديات الدول وعلى مستوى الأفراد، كما ترتب على تفشى الفيروس توقف حركة النشاط التجارى داخل الدول مما عرض الاقتصاديات العالمية لهزات عنيفة، وكذلك تعطل وتوقف حركة الأفراد التجارية سواء ممن يعملون فى صناعات يدوية أو مهن تجارية أو أعمال يومية يجنون منها الربح اليومى، كما طالت الآثار السلبية أصحاب الاعمال الخاصة ومؤسسات رجال الاعمال وقيامهم بتسريح بعض العمالة داخل منشأتهم وتقليل العمالة بقدر ما يتماشى مع حركة العمل اليومية. فقد أحدث فيروس كورونا ذعراً مالياً عالمياً سواء على مستوى الفرد الواحد ( التأثير على احتياجات الأسرة الاساسية وكيفية تدبيرها) والخوف مما هو قادم من الحياة فى ظل هذه الظروف، أو على مستوى المؤسسات (مؤسسات رجال الاعمال) والمحاولات الدؤوبة منها لاتخاذ الاجراءات التى تمكنهم من الوقوف فى مواجهة التداعيات الاقتصادية والحفاظ على رؤوس أموالهم، أو حتى على مستوى الدولة وتأثر الاقتصاد الوطنى بهذه الجائحة وقيام كل دولة باتخاذ اجراءات تحفيزية للاقتصاد فى مواجهة التداعيات السلبية للفيروس. فحتى على مستوى الشركات العالمية العاملة فى مجالات صناعية وانتاجية معينة ومتخصصة نتيجة الذعر المالى الذى أحدثه فيروس كورونا ، فقد حولت بعض من هذه الشركات جزء من انشطتها لصناعة وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس سواء الكمامات أو أجهزة التنفس الصناعى أو البدل الخاصة بالأطقم الطبية فى المستشفيات التى تستقبل حالات المصابين بكورونا، وهذا التوجه من قبل هذه الشركات - وهى شركات رأس مالها مليارات الدولارات – يرجع إلى سببين: أولهما: الاستثمار المؤقت فى هذه المستلزمات الطبية التى تحتاج إليها الدول وعلى الاخص الدول التى تتزايد فيها اعداد الاصابات اليومية و بهدف تعويض الخسائر المالية جراء توقف أنشطتها الاساسية، وهذا هو السبب الرئيسى وراء تحول جزء من نشاط هذه الشركات لتصنيع وتوفير هذه المستلزمات، ثانيها: يتمثل السبب الثانى فى سد العجز فى سوق هذه المستلزمات، وهذا الذعر المالى من قبل هذه الشركات هو الذى يمكن أن نطلق عليه الذعر المالى نحو تحقيق ارباح كبيرة واستغلال هذه الازمة العالمية عوضاً لها عن توقف أنشطتها الرئيسية جراء الوباء، ومن صور الذعر المالى العالمى أيضاً بسبب تفشى كورونا ما أعلنه الرئيس الامريكى منذ اسابيع بشأن المراجعة والتهديد بتعليق المساعدات المالية التى تقدمها الولايات المتحدة الامريكية لمنظمة الصحة العالمية وذلك نتيجة ممارساتها وارتكابها أخطاء فى مواجهة كورونا أدت إلى وفاة الآف الاشخاص على مستوى العالم- على حد تعبير الرئيس الامريكى – وهذا المسلك من قبل الولايات المتحدة شجبته ورفضته وأدانته العديد من الدول الاروبية، ففى هذه الظروف لا يمكن أن نتحدث بهذه اللغة وهذه الطريقة، فالرئيس الامريكى يستخدم سلاح التمويل لترويع وتهديد وإحداث ذعر للموارد المالية لمنظمة الصحة العالمية فى وقت مطلوب فيه أن تتكاتف جميع دول العالم لمواجهة وباء كورونا والذى هز عرش الاقتصاديات العالمية فلم يفرق بين دولة غنية ودولة فقيرة أو اقتصاد قوى واقتصاد ضعيف، ولكن هذه هى لغة الولايات المتحدة التى تتحدث بها وتفرضها على كل دول العالم، وهذا التوجه من ترامب تجاه منظمة الصحة العالمية فى رأيي يرجع إلى أنه منذ أن اقحم دونالد ترامب نفسه فى أزمة وجود دواء لعلاج كورونا وخروجه يومياً فى مؤتمرات صحفية والدعاية لعدد من الادوية اللى احساسه قالوه إنها هتجيب نتائج سريعة " على حد قول ترامب" ومع اعتراض منظمة الصحة العالمية على كل ذلك وشددت على عدم إيهام الناس بأدوية معينة لمعالجة كورونا من هنا بدأت الحرب على المنظمة من قبل الولايات المتحدة قائدة الراسمالية فى العالم ولسان حالها نحن الولايات المتحدة وصوتنا لابد أن يسمع ورأينا لابد أن يطاع ويركن إليه الجميع. فمن هنا يمكن أن نقول آن الآوان بعد هذه الموجه أن تتفتت قواعد الرأسمالية الامريكية التى افقرت بها دول العالم وخاصة دول العالم الثالث ونهبت ثرواتها وتحكمها فى قواعد النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى بهذه الدول، وكذلك تأجيج الصراعات المسلحة داخل بعض الدول بهدف زعزعة الاستقرار الداخلى من خلال صناعة جماعات ارهابية تقاتل فقط من أجل المال وخدمة مصالح الولايات المتحدة الامريكية. فقد آن الآوان أن يُعيد العالم نظامه من جديد فى ظل ظهور فاعلين جدد قدموا أنفسهم بشكل قوى للعالم وعلى رأسهم المارد الصينى ومن ورائهم روسيا. فلابد من تكوين نظام عالمى جديد قائم فقط على المصلحة المشتركة وليس المصلحة الفردية وخدمة المصالح الخاصة لدولة على حساب أخرى وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة التى جثمت على صدور دول العالم أكثر من أربعين عاماً منذ نهاية الحرب الباردة فى تسعينات القرن الماضى، وهى بداية النظام العالمى الذى وضعته الولايات المتحدة للسيطرة على العالم من خلال تعزيز قواعد الرأسمالية من خلال إنشاء الصندوق الدولى والبنك الدولى لإقراض الدول الفقيرة وفرض سياستها الإقراضية عليها. فجائحة كورونا سوف تًعيد بكل تأكيد رسم شكل النظام العالمى الحالى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقف الأونروا عن تقديم خدماتها يفاقم معاناة الفلسطينيين في ق


.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت




.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل