الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوليفونية التفكير.. منى مرعي إنموذجاً

عمر مصلح

2020 / 4 / 23
الادب والفن


شعرنة المآسي لونياً قضية كبيرة ومسؤولية خطيرة، إذ يتوجب على الفنان اختزال القضايا بطرحها على خامة اللوحة كنص إشاري، وهنا أستعير مقولة جان بول سارتر: "ليست غاية الشعراء استطلاع الحقائق أو عرضها، ولا تسمية المعاني بالألفاظ" والرسم إشارات ورسائل تبث من خلال لغة رمزية حلمية لتحديد حجم الأزمة تلميحا لا تصريحاً.. وهذا ديدن الفنانة منى مرعي، حيث تلتقط المفردات الحياتية، وتترجمها إلى مواضيع، لتكون شاهد عصر على قضايا الإنسان، وما ألم به من جور الحياة بمعزوفة صامتة.
ولو تأملنا لوحاتها لاتضح لنا جلياً قصديتها بانتخاب اللون، فالأصفر والأحمر والأخضر والأزرق هي المتسيدة في مشهد قضاياها، ولو أمعنا النظر قليلاً لتأكدنا من انها ألوان صريحة ومباشرة بلا تدرجات.. وغالباً نجد الكرة.. إذاً ليست هناك مصادفة أو عشوائية أو عفوية.. بل هي قصدية مع سبق الإصرار والتأمل.
ولا يحتاج المتابع إلى جهد كبير لتشخيص المربعات أو الصلبان الطاغية على أغلب منجزها الإبداعي.
أما الصرخات القابعة في ثنايا لوحاتها فتكاد تُسمع بلا أدنى جهد، كونها تعي تماماً عدم قدرة الصمت على إسكات هذا العويل.. وعوداً على ما أسلفنا فإن المربعات هي قضبان المآسي التي أجبرتنا الحياة على التخندق خلفها، كون السجن أرحم من حرية الحياة المخادعة.
فباحت بهذا السر الفنانة مرعي صراحة بلون صريح.
أما الشعوب التي ترزح تحت هذا الجور، فهي موزعة على كل بقاع اللوحة، وهذه إشارة واضحة ــ بوعي متجاوزــ إلى عدم الإكتراث المعلن والمغلف بالصمت الماكر.
إذاً.. نحن أزاء فلسفة من طراز خاص، أدواتها الفكر والخيال الخصب والشعور بالمسؤولية.
حقيقة جلبت انتباهي وإعجابي لوحة من لوحاتها المتعددة الأصوات والنغمات.. تلك اللوحة الجامعة للونين متضادين من حيث السخونة والبرودة.. ألأحمر والأزرق، وموزعة بشكل يراه الرائي غريباً، لكن القصدية واضحة جداً.. ففي أعلى اللوحة لون أحمر يحتوي علة معين أزرق غير صريح، يجاوره لون أزرق يحتوي على معين بلون أحمر غير صريح، وفي الأسفل تنعكس المسألة.. فيصبح الأزرق تحت الأحمر والأحمر تحت الأزرق، لكن الدائرة هنا حلًت محل المعين، وصارتا بألوان صريحة.. وهناك ثمة معين في الأعلى على خامة الأحمر بلون أسود غير صريح.
إذاً علينا فك هذه المغاليق وبمفتاح واحد.. فالمعين هو المُعين أو المُخَلِّص، وما هو إلا اللجوء إلى الثمالة باحتساء مايذهب العقل، وحين ينتقل مخيالاً إلى منطقة البرودة والراحة الزرقاء تتثور فيه كل مدركات العقل المتأثرة حسياً بالأزمة فيتحول الهدوء إلى ثورة عارمة حمراء.. لكنها غير صريحة.
فتهبط التساؤلات الدائرة في الروح إلى منطقة الهدوء المعلن والصارخ المبطن، وهنا يتوجب على مفكرة كبيرة كالفنانة منى مرعي أن تجعلها كرة حمراء صريحة.. فتعود منطقة الثورة والهيجان وتتكور الإنسانية في كرة يقمطها السواد، كإشارة للإحباط.. وتنحدر السكينة الزرقاء أسفل اللوحة.
والمثير أكثر من هذا هو رسم معين أسود غير صريح في أعلى يمين اللوحة، وهذا باعتقادي إشارة للدساتير المؤقتة والسياسات التيوقراطية المخادعة.
ومما يؤكد قراءتي واستنتاجي هو ذلك الخيط الرابط بين الأحمر والأزرق في أعلى اللوحة.
هنا بات عليَّ أن أعترف بأن الفنانة مرعي بولوفونية التفكير إذ تشترك عندها كل الحواس وتعلو كل الأصوات في نصوصها اللونية المنغَّمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس