الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادئ امرأة أمام تقاليد مجتمع _شعر_

سعيدة لاشكر

2006 / 6 / 15
الادب والفن


استيقظت من نومها فقامت عن سريرها تزيح الستائر البيضاء, فتظهر أشعة شمس صافية تنفض عن كل شخص ما بقي من آثار النوم ومن آثار الكسل عن عينيه ووجهه وكل ملامحه. شعرت بنشاط غير اعتيادي راحت ترتب سريرها وهي تدندن بأغنية من الأغاني المحببة لديها ثم ارتدت ملابسها وسوت شعرها بعد أن عقصته وأرخته على كتفيها واتجهت توا إلى الأشغال الشاقة التي تغرق فيها نفسها أولا لتؤدي عملا مكلفة به وثانيا لتنسى سوء حظها وتعترها في الحياة الذي آل بها إلى هده الحالة.

دخلت المطبخ وجهزت القهوة والفطور لأشقائها الصغار أقضتهن وبعد الفطور أرسلتهن للمدرسة فبقيت وحدها إنما ليست في وحدة خالصة فالشغل يؤنسها تكنس تمسح تجلي وتطبخ هدا هو يومها الآن حياتها كلها تسير في هدا الاتجاه.
رجعت بها الذاكرة إلى قريب حيت كانت إحدى أنجب التلميذات في فصلها مند أن وعت إلى الدنيا وحلم حياتها أن تدرس وأن تتفوق وأن تعمل فتتبن ذاتها أمام نفسها وأمام هدا المجتمع المحافظ الذي يضن على الفتاة بحق من حقوقها ألا وهو الدراسة والشغل, يحرم حقوق الله التي أوجبها ويجزم أن الفتاة ليس لها مكان في الدراسة, الفتاة يجب أن تظل في البيت تقوم بالأعمال المنزلية’ لكن من قال أن هده الأعمال تخص المرأة وحدها من قال أن واجبها أن تكنس وتجلي وتطبخ هده ليست إلا شيء أشياء اتفقت عليها جماعة من الجماعات فأصبحت تقليدا متوارثا, وليس التقليد شيئا ذا بال فقد أتبت الزمن أن التقاليد مصيرها الاضمحلال كما اضمحلت واختفت تقاليد عديدة من الوجود.ارتاحت إلى هدا التفكير الذي أبعدها عن الرتابة والملل الدين يتزايدا كلما تزايدت الأيام, تم عادت مجددا لتفكيرها تساءلت هل فعلا تحقق المرأة تقدما بعد مرور السنون, هل تضيف أو بالأصح تسترد حقا من حقوقها المغتصبة, هل تتمتع بها, هل تصونها, وكيف يمكن أن تطالب امرأة بحق من حقوقها, تتشجع, تتمرد, تعلن إضرابا, أسئلة كثيرة دارت بخلدها فأعياها التفكير وأتعبها التساؤل عن أشياء لا تملك لها جوابا, مادا تفعل هي بهده الحياة الغريبة عنها, الغريبة عن طموحاتها وآمالها, مادا يمكن أن تفعله لتعود لحياتها السابقة حياة التلميذة المجدة الآملة بالمستقبل الواعد والطامحة لبلوغ أحلام كثيرة وعلى من ستتمرد ادا لاحت لها بوادر التمرد.

ثم تذكرت كيف أخرجها والدها بالقوة من المدرسة عندما توفيت والدتها, كيف أن بعض أساتذتها وأفراد من عائلتها رجونه ليبقيها في التعليم لكنه رفض واستمر في عناده وقوله بأنها كبرت ولم تعد صغيرة لتتعلم وأنها لم تعد أمية فيكفي أنه أبقاها إلى أن تعلمت القراءة والكتابة.

عند هدا الحد تذكرت أمها حاميتها الوحيدة والتي لولاها ما تمكنت من بلوغ دلك المستوى من التعليم تذكرت كيف كانت تتحايل وتلح على والدها ليتركها لتعليمها كيف كانت ترجوه وتقول له أتركها تتعلم فغدا عندما تحصل على شهادة وتتوظف تفخر بها أمام كل الناس فيوافق على مضض اد أن أمها الوحيدة القادرة على تليين عناده وقسا وته لكنها توفيت الآن ولم يعد لها حامي يحميها من جهل أبيها وصلابة رأيه ولم يعد لها صدر يحميها من عاصفة المجتمع, صدر تنسى الوجود وكل الوجود وهي متكئة عليه يغمرها حبا وحنانا, لكنها عندها لم تستسلم قاومت والتجأت لأفراد عائلتها وواجهت والدها مرات عديدة واجهته بتعليمها وما يمكن أن يمنحها من قيم ومبادئ, سخر من مبادئها وثقافتها, لكنها وقفت له ودافعت عن حقوقها عن مبادئها, عن أن المرأة لا يمكن أن تختبئ في البيت ليقول الناس أنها محترمة لا يمكن أن تختبئ من وجوههم ومن مواجهتهم ليقولوا أنها تتمتع بالفضيلة, وأن خروج المرأة لطلب العلم ليس معناه أنها غير محافظة أو غير محتشمة بل هي الآن مثلها مثل الرجل يجب أن تبحث وتنقب عن مستقبلها لا أن تنتظر إلى أن يأتي صاحب النصيب فيتزوجها وان حصل العكس فيفوتها القطار وتضل عانسا إلى آخر العمر, المجتمع تغير وغدا الانفتاح بغية الجميع, لكنه قاطع سيلها الجارف وضرب كل كلمة نطقت بها عرض الحائط وحلف أنها لن تطأ تلك المدرسة بعد اليوم وخرج وصفق الباب خلفه. فتركها غارقة في حزنها,في خيبة أملها وفي حسرتها على المستقبل والحاضر معا, ولمت شتات نفسها المبعثرة في الوجود ودخلت حجرتها لتتجرع المرارة وتلوكها يوما بعد آخر ومازالت إلى الآن وستضل كذلك إلى الأبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل