الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل الديكتاتورية الاسلامية بديل عن انظمة الاستبداد الراهن؟
طريف سردست
2006 / 7 / 1ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
تمر المجتمعات العربية في مخاض الخروج من أزمة المجتمعات الديكتاتورية والانتقال الى مجتمعات توافقية مدنية في سبيل الوصول الى تبادل للسلطة يرضي جميع القوى المؤثرة في المجتمع. وفي سبيل ذلك تعمل قوى المعارضة ، ذو التوجهات الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والاصلاحية المتنورة، على اختيار الاساليب والاستراتيجيات من اجل رص الصفوف وتصعيد الضغط على القوى الحاكمة لارغامها على االقبول بالتغيير نحو التوافق الاجتماعي ومجتمع الحقوق.
ومن الواضح ان هذا التصعيد يصبح اكثر تأثيرا وفعالية إذا تمكنت القوى ذات المصلحة من إقامة تحالف قائم على الاحترام المتبادل والثقة ومصلحة الهدف المشترك.
وليس جديدا ان القوى السياسية الدينية اصبحت ذات وزن على ارض الصراع السياسي، بحيث ان إشراكها والتحالف معها سيختصر كثيرا زمن التحولات، ولكن يبقى السؤال: الى اي درجة يمكن لكلا الطرفين الوثوق ببعضهما البعض؟
يقول ياسين الحاج صالح: دون نظام الثقة التعاقدي لايبقى غير حق الجميع بالتشكيك في الجميع، دون ان يكون من حق احد احتكار منح صكوك الصدق والإخلاص للآخرين او منعها عنهم، ودون ان يكون من حق احد التفضل على البعض بالوطنية او حجبها عن الاخرين. فغياب تواثق مواطني الوطن الواحد يعني حجب الثقة عن الجميع على قدم المساواة. يعني ايضا انه ليس هناك احد في موقع منح الشرعيات والثقة لغيره.
هذا الطرح قد يفهم على انه لااحد لديه الحق بالتشكيك او الاقصاء. منذ زمن ليس بالقصير تعرضت الجماعات الاسلامية السياسية، الى جانب الديمقراطيين والعلمانيين والشيوعيين والليبراليين، الى الاضطهاد والملاحقة من قبل قوى شمولية مسيطرة على السلطة السياسية في اكثر البلدان العربية والاسلامية، الامر الذي يجعل الاسلاميين ايضا على نفس المستوى مع الاخرين في الحقوق، ولربما يبرر حق الاسلاميين في النظر بريبة الى مشاريع الاخرين السياسية، غير ان السؤال يبقى: اين تنتهي حقوق الجماعات ليبدأ حقوق الوطن؟
اليس من حق الوطن مطالبة الجميع بالجلوس الى طاولة المفاوضات للوصول الى حل توافقي القائم على الاحترام للخصوصية والفكر، والكف عن التخطيط لاقامة المجازر؟
إن استمرار حالة الشك والتشرذم والاقصاء والتفرد والنرجسية السياسية يؤدي لامحالة الى إلى انتهاك حقوق الامة والوطن والفرد مما يعمق الازمة. ومن الواضح ان مثل هذا التتطور للاحداث ليس مطلبا علمانيا او ليبراليا او ديمقراطيا، فمن يدفع بهذا الاتجاه؟
يرفض بعض العلمانيين والليبراليين والديمقراطيين الجلوس الى جانب الاسلاميين للحوار، متهمينهم بالتمسك بقيم تدعو الى الاقصاء والتفرد وتصفية الاخر فكريا وجسديا باسم الله، الامر الذي يجعل برنامجهم لايختلف عن البرنامج الديكتاتوري الذي يسعى الديمقراطيون الى اسقاطه، مما يجعل التساؤل التالي شرعيا، هل الهدف تنصيب ديكتاتورية اسلامية عوضا عن الديكتاتورية الشمولية؟
من جهة اخرى لايجعل الاسلامييون االامر اكثر سهولة، إذ ان اغلب الحركات الاسلامية السياسية لاتملك برامجا واضحة تزيل الشبهات عن نواياها او تضع قواعد للتعاون النزيه. لقد كان اول ماأعلنته جبهة الانقاذ الجزائرية بعد نجاحها بالانتخابات الجزائرية، هو نيتها بألغاء الديمقراطية التي استخدمتها للوصول الى السلطة، ضاربة عرض الحائط برغبات القوى الاخرى ، الامر الذي اثار حفيظة الجيش، وأساء الى وحدة القوى الوطنية في النضال ضد الديكتاتورية العسكرية. هذا الحدث بالذات يعقد إمكانية الثقة بالدستور كضمان لاستمرار التبادل السلمي للسلطة مع القوى الاسلامية. إن الاحتكام الى الدستور لايشكل سندا امينا في ظل الطرح الاسلامي الساعي الى إلغاء الدستور والعودة الى فرض الشريعة الدينية دستورا وحيدا ليكونوا هم بالذات حراسه ومنظريه. لتصبح الشريعة دستورا وهميا في ايد المؤسسة الدينية الحاكمة تفصلها على قياسها، باسم الله، ضاربين بعرض الحائط كل القيم والمعاهدات التي قد يتوصلوا اليها مع المعارضة.
تتدعي الاحزاب الاسلامية انها الى جانب التعاون للوصول الى مجتمع موحد قائم على " ثوابت الامة"، غير ان الوصول الى السلطة يظهر ان هذه " الثوابت" ستفصلها الاحزاب الاسلامية بالذات حسب حاجاتها حسب ماأظهرت التجربة العراقية. وتزداد خطورة وجدية الامر كون مجتمعاتنا لم تتدخل مرحلة المؤسساتية واحترام الفرد وقيم حقوق الانسان، ولازالت في طور مجتمع العشيرة والقبيلة والمذهب والشيخ والملالي والطائفة ، وافكار الغلمان والجواري والنطع بالسيف.
تنطلق الاحزاب الاسلامية من كونها تمثل " الاسلام الصحيح" التي تدعي انه الحل، وبالتالي تضع كافة القوى الاخرى خارجه بصورة روتينية، لتصبح "التكفيرية" ممارسة إرهابية واقعية. يعطينا المثال العراقي صورة عن مدى التمزق التي يقدمه النموذج الديني لبناء المجتمعات، إذ ان الحزب الديني السياسي هو مشروع طائفي بشكل اساسي، مما يجعل تصعيد الطائفية وتشديدها امر لامفر منه. إن الحزب الاسلامي السياسي هو مشروع اضطهاد الاقليات الدينية، وهم ليسوا على استعداد للاعتراف بحقوق المواطنة عندما تتعارض مع الحقوق الدينية التي يمثلوها لدين الاكثرية. فكيف سيتم الحوار في هذا المجال؟
إن مجتمعاتنا التي عانت طويلا من الديكتاتورية، تسعى بصبر وحزم لتحرير نفسها والحصول على حريتها، فهل يمكن المساعدة على القضاء على الديكتاتورية الحالية لتعويضها بديكتاتورية الاحزاب الدينية؟ إن التحالفات بين القوى المناضلة ضد الديكتاتورية يجب ان تكون بين القوى التي تضمن احترام المؤسساتية والتعدد وحقوق المواطنة والانسان ومنع الاضطهاد القائم على التمييز الديني او العرقي او الطائفي او الجنسي. إن استراتيجية القوى الساعية للوصول الى المجتمع المدني الحر يجب ان تنسجم مع اهدافها، وان لاتقيم تحالفات تتعارض مع الهدف الرئيسي، مهما كان الامر مغريا.
وإذا كانت القوى العلمانية تقبل بالاحزاب الاسلامية فهل تقبل الاحزاب الاسلامية بالقوى العلمانية،على اساس حرية المواطن وحقوق الانسان؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز