الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المثقف

نضال العبود

2006 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية



يمتلك المثقف مهمة حضارية، و دوراً ريادياً في سيرورة التغيرات و التحولات البنيوية التي يتعرض لها مجتمعه، متسلحاً بفكر تنويري طلائعي و قناعات مبدئية تستهدف الواقع و تحالفاته السائدة، قاصداً تغيير ملامحه السوداوية من ظلم وفقر و تخلف و جهل.
و المثقف العضوي كما يراه غرامشي ليس ذلك الشخص الحامل لثقافة معينة أو حمولة معرفية في مجال ما، بقدر ما هو ذلك الشخص المتشبع بفكر التنوير و القيم الإنسانية و يمتلك الوعي الجماهيري بأكثر القضايا حساسية و مصيرية.
ينطلق هذا الوعي من رفضه لكافة أشكال الاستبداد و الاستلاب الواقعة على كاهل الجماهير و يهدف إلى تحريرها من كافة الإكراهات و إلى تحقيق سعادتها في مجتمع تنتفي فيه جميع أنواع الاضطهاد و الاستغلال الذي تمارسه السلطة الاستبدادية، فالمثقف هو الأكثر حساسية لقضايا مجتمعه و مشاكله، يتصدى بوعيه و فكره ضد الأنظمة المستبدة و يعمل على كشف زيفها و ادعاءاتها الباطلة، فتتصدى له بدورها قمعاً و قسوةً، و تقصيه أو تعمد إلى شرائه و استخدامه بوقاً لها. فالأنظمة المستبدة تعمل على إفراغ عقول الناس و تضعف إرادتهم و تمنعهم من التفكير بمستقبلهم للحفاظ على دوام سلطتها. لكنها غير قادرة على ممارسة قمعها و قسرها دون إيناسها الانصياع و الخضوع من رعاياها، فيتحمل المجتمع بذلك قدراً من المسؤولية في إدامة السلطة المستبدة عندما يستجيب لها دون ردة فعل مواز يجبرها على إعادة التفكير في ممارساتها السلطوية القمعية (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و (كما تكونوا يولى عليكم).

و ليس هناك أبرع من المثقف في التحريض الإيجابي و تنظيم رد الفعل هذا، و حث المجتمع على رفض إجراءات القمع و الاستئصال الموجهة ضده.

تلعب الموارد المالية دوراً أساسياً في علاقة الحاكم المستبد بالمحكوم.، فاحتكار السلطة للموارد المالية دون مراقبة أو محاسبة يدفعها أكثر نحو التسلط و الاستبداد.

الوجه المقابل للمثقف العضوي هو مثقف السلطة، الذي لم يستطيع الصمود أمام المغريات المادية التي يبذلها النظام لكسبه و تنحيته عن طريقها و شراء ذمته، و هؤلاء تموت ثقافتهم عندما تستيقظ الجماهير و تعي مصلحتها و تهب للدفاع عنها في وجه الطغاة المستبدين. لهذا فالمثقف مطالب أكثر من غيره في السمو على نزعاته الشخصية و الترفع على الخلافات الجانبية مع أقرانه من المثقفين، التي غالباً ما تكون للسلطة المستبدة دوراً محورياً فيها، ليمارس دوره الطليعي في توعية الجماهير و الذود عن أهدافها في مقاومة الظلم و الفساد و عدم المساومة على القيم و المبادئ العليا.

يتعاظم دور المثقف في ظروف الاستبداد و التخلف و الجهل و يرتقي ليصبح ضميراً للمجتمع، فلا ينتظر من أحد أن يسمح له بممارسة دوره في إنتاج الوعي و التحريض عليه، بل عليه أن ينتزع هذا الحق بنفسه حتى مع غياب شرط الحرية، فالمثقف هو المحرر، فهل يحتاج إلى من يحرره حتى يحرر الآخرين فيما بعد.
المثقف يمتلك القدرة على طرح الأسئلة بموازاة قدرته على تقديم الأجوبة، فهو صاحب أفكار جديدة ، و الأفكار لا بد لها من قوى مجتمعية فاعلة تتلقاها و تنقلها إلى حيز الواقع، و إلا بقيت مهما كانت تنويرية و ثورية، حبيسة الرؤوس و المقاهي.
مكان عمل المثقف هو الشارع و في أوساط الجماهير، لأن السلطات القمعية الاستبدادية و في قمة الانفتاح الذي تقدم عليه، تدع المثقفين يصرخون و تحولهم إلى ظاهرة صوتية، و تطبق مبدأها:
" دعهم يقولون ما يريدون، و دعنا نفعل ما نريد".












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس