الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشويه الجمعي

عبدالكريم قيس عبدالكريم

2020 / 4 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كل عمل يعد يسبقه مقدمات اساسية وتكون تلك المقدمات هي الارتكاز الذي ينطلق منه ذلك العمل ، ومقدمات العمل السياسي او التغيير السياسي في ضل العالم المعاصر التي تحكم توجهاته الماكينات الاعلامية التي بترويجها المنظم تغير مسارات السلوك الجمعي وفق ما يرتضيه ذلك العمل
الواقع العراقي بغياب المنهجية الموحدة جعل من تلك الفوضى بيئة خصبة الى العديد من المشاريع ، لذلك نجد بين فترة واخرى تبرز على الواقع اشاعات او ترويج ممنهج بدقة عالية يستند في شرعيته على حقائق مأخوذة من زاوية ضيقة جدا ، وذلك هو ناتج بسب الشبكة العنكبوتية والتوسع في استخدام وسائل التواصل الجمعي الجديدة وتكنولوجيا المعلومات الحديثة، والعراق جزء من العالم الذي يشهد تغييرات جذريّة في تعاطيه مع تلك ألاحداث
وعلى سبيل المثال هنالك فكرة تداول في المجتمع العراقي بصورة ممنهجة تنص على ان (الشيعة حرامية فاسدين لايصلحون لحكم بلد )
من حيث الظاهر هنالك احقية ومبرر لتلك الفكرة ، ان الطبقة الحاكمة التي تسنمت اوضاع العراق بعد عام 2003م كان نصيب الشيعة يمثل جزء اساس في العملية السياسية ، وبالفعل ان غالبية الحكام الذين ينتمون الطائفة الشيعية حققوا رقما قياسيا في الفساد ، ولكن من حيث الباطن ذلك لايعني ان الطائفة الشيعة بذلك المقياس ، ولا يمثل ذلك المسؤل الفاسد الطائفة الشيعية ، وأنما يمثل سلوكة الذاتي ، وذلك خلاف المنطق الطائفة الشيعية غنية بالعلماء و بالطاقات والعقليات والكفائات في مختلف الاختصاصات ، باطن الطائفة الشيعية الحقيقي بعد عام 2003 اخرج العراق من ازمات وصراعات دموية كبيرة جدا بزعامة المرجع (علي السيستاني) التي كادت ان تؤدي الى نتائج كارثية الذي وقف مع كل الاحداث على مسافة واحدة.
تقع تلك الظاهرة التي تصور الطائفة الشيعية بذلك المنظار، تحت نظرية (وهم الحقيقة ) وترتكزتلك النظرية على اساس المخالطة بين الحقيقة والوهم ، ويكون ذلك عبر سرديات تنطوي على بعض اوجه الحقيقة وتكون مبعثرة في اطار من أكاذيب تشوه الواقع الملموس، وتضلل الرأي العام، وتجعله عاجزاً عن تحليل الواقع ومعطياته تحليلاً علمياً أو منطقياً، وبالتالي يسهل توجيهه نحو أهداف معينة.
و المراد من ذلك هو تصوير الطائفة الشيعية بأنهم عبيد ذو ثقافة محدودة مجردة من التفكير ولا تمتلك القدرة على ادارة الدولة ، وذلك التصور سوف يسهل بدرجة كبيرة الى هشاشة تلك الطائفة وتجريدها من حقوقها الاساسية ووفق تلك الذرائع يكون بصورة سهلة تبني اي عمل المراد منه هو تذليل واضعاف تلك الطائفة سياسية واجتماعيا ،الذي يستند على حملة التشويه الجمعي .
وان جل اهتمام صانع الوهم هو تغييب العقل وذلك من خلال (بروباغندا) اعلامية او نشر الاشاعات والاكاذيب التي تخفي الحقيقة عن الناس لاستمالتهم وتشويه الوقائع لدرجة تدفعهم الى تبني مواقف محددة ومجهزة مسبقا وقابلة للتغيير مع تغيير اهداف صانع الوهم وهذا هو التلاعب بالعقول الذي يفصل الناس عن واقعهم ويشوه رؤيتهم لقضاياهم وهذا في النتيجة تزييف الوعي الجمعي .
بالمقابل من ذلك جمهور الشيعة وقع ايضا تحت حيف فساد الحكام الذين حسبوا انفسهم على تلك الطائفة الذين استندو على نظرية المؤامرة التي تستمد منها الطبقة السياسية المحملة بالفساد قوتها . والجانب العلمي لنظرية (المؤامرة) فهي تستعمل في الغالب الاعم لتفسير ظواهر مجتمعية يكتنفها الغموض او احداث مأساوية او مواقف ضارة قد تحمل في كنفها دلالة على وجود تامر يدحض جميع البراهين والتفسيرات المحيطة بتلك الاحداث ، ويعتمد محتوى تلك النظرية على عواطف او قناعات تكون مسبقة حتى وان كان بعضها صحيح او قريب من الصحة ، وذلك كون لعبة المصالح تقتضي بعض الصفقات فهو لا يكفي ليكون سندا حقيقيا او منطقيا ، وانتشار تلك النظرية في الفترات التي تكون مصحوبة بالاضطرابات كما هو الحال خلال الحروب والثورات والاحتجاجات السياسية والازمات الاقتصادية ...الخ . ويمكن ان تكون تلك الاظطرابات هي مصطنعة او مدعومة من قبل اطراف اصحاب النظرية من اجل استمداد قوتهم ونتيجة الى فشلهم على ارض الواقع .
القضية الاخرى التي ايضا وقعت ضحيتها الطائفة الشيعية على المستوى السياسي من قبل تلك الموجات الاعلامية ، هو تناسيها طبيعة الحكم في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 ، من المعلوم ان النظام السياسي العراقي استند في حكمه على المبدأ التوافقي في ادارة الدولة وذلك يعني مشاركة كل الطوائف الرئيسة في صنع القرار والكل معني وذلك ما ادى الى تاسيس مايسمى منهج (المحاصصة) في ادارة الدولة وبدأ ذلك المنهج من الرئاسات الثلاث وانتهائا الى ادارة المدرسة ، وذلك يعني ان الكل يتحمل الفشل والفساد في ادارة الدولة كل حسب حجمه ، ولكن الموجات الاعلامية صورت على ان ذلك الفشل محصور بالشيعة .
تلك المسألة من المسائل التي تشكل نقطة خطر كبيرة على مستويات مختلفة سواء على المستوى التاريخي والفكري والسياسي ولها توابع مستقبلية ، لذلك يتطلب ان تكون هنالك نهظة فكرية على درجة من الوعي والادراك لتصحيح المفاهيم والمسارات ، لكي لاتكون عواقب الى المستقبل والى الاجيال الاخرى قبل ان تكون قضية انصاف ومنع مصادرة حقوق النواة الحقيقية لتلك الطائفة .
علما ان ذلك العمل الاعلامي الممنهج ليس يقتصر على الطائفة الشيعية فقط وانما على باقي الطوائف والقوميات الاخرى في العراق وكل جهة من تلك الجهات يصور لها تصور خاص بها كما بيناه اعلاه على الطائفة الشيعية ، وذلك العمل الممنهج هو بحد ذاته هو شق الوحدة الوطنية ، ومن أجل مواجهة ذلك التحدي وتحقيق زيادة نسبة الانسجام والوحدة الوطنية هو عن طريق التيار المعتدل بين مختلف المكونات ، الذي يأخذ دوره على صعيد التوعية المجتمعية وفصل الفكر العقائدي عن العمل السياسي ، ومراقبة النظام السياسي وفق منهج موحد ومعطيات واقعية ، .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال يطلق برنامجه الانتخابي ويتعهد بإحداث تغيير يتوق ا


.. ماذا يريده الأغنياء من العالم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. مفاوضات -صعبة- بين أحزاب اليسار الفرنسي للاتفاق على اللوائح


.. انتخابات تشريعية في فرنسا: من سيتولى منصب رئيس الوزراء في حا




.. بين -فوضى- اليمين وتحالف اليسار.. من الأوفر حظا في الوصول إل