الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعوم تشومسكي: العالم يتغير، وهذه مهمتنا، فهل نحن مستعدون؟

محمد محروس

2020 / 4 / 26
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية



أجرى تلفزيون الاشتراكي حوارًا مع الفيلسوف والمؤرخ وعالم اللغة نعوم تشومسكي ضمن فعاليات برنامج لقاءات الاشتراكي، وتطرق الحوار إلى شكل العالم المتوقع بعد كورونا، والربيع العربي، والإمبريالية، وأفق الديمقراطية في المنطقة، والتغير المناخي، وصفقة القرن، والصين، ومستقبل اليسار الأمريكي بعد انسحاب برني ساندرز.

العالم بعد فيروس كورونا
بدأ الحديث مع المفكر وعالم اللغة نعوم تشومسكي بسؤاله عن شكل العالم بعد زوال الوباء، وأجاب قائلًا أن هذا متوقف علينا، وإلى أي مدى نحن مستعدون لذلك؟ إذ يعمل من يسمون أنفسهم بسادة الكون، جاهدين، لتحويل الأزمة إلى صالحهم، هل يمكن لقوى أخرى أن تعبئ نفسها لتواجه ذلك وتنتصر عليه؟ وتابع: في الولايات المتحدة أطلق ترامب أكبر حزمة للتيسير النقدي في تاريخ البشرية، ورغم بعض جوانبها الإيجابية لكنها موجهة في معظمها لتلبية احتياجات الشركات ورجال الأموال، بينما يُجبر الناس على أن يكونوا وحدهم الضحايا. وتحدث كذلك عن عن دور أباطرة البترول كما أسماهم على استخلاص أكبر ربح قبل أن يدمروا العالم الذي سنشهده في المستقبل القريب نتيجة التغير المناخي، وهؤلاء يطالبون بالمزيد من التمويل والتسهيلات التشريعية، التي يتم منحهم إياها بواسطة إدارة ترامب الإجرامية. وانتهى إلى أن هذا يحدث أمام أعيننا في كل مكان في الكوكب، لكن هذه فرصة ليفكر الناس في أي عالم نريد، هل نعود إلى الماضي أم نتجاوزه إلى المستقبل؟ وإذ تختلف المشكلات في الولايات المتحدة عنها في مصر، يظل هناك في كل مكان طرق لتجاوز مآسي الماضي وإجرامه، إلا أنه لا يكفي معرفة أنه أمر ممكن، إنما من الضروري أن نشمر عن سواعدنا ونعمل من أجل تحقيقه.

الربيع العربي والتدخل الأمريكي
وعن الربيع العربي، يخبرنا المؤرخ الأمريكي أن الولايات المتحدة اتبعت سياستها المعتادة عند وقوع ديكتاتوريين مفضلين في المشاكل، مثل سوموزا وماركوس ودوفالييه وآخرين. النمط المعتاد هو دعم الديكتاتور طالما كان ذلك ممكنًا، وعندما يصبح مستحيلًا ربما ينقلب الجيش وطبقة رجال الأعمال ضده ومن ثم فما يفعلونه هو ادعاء أنهم كانوا دومًا ضده، ثم نفيه إلى مكان ما، ثم يحاولون إعادة تأسيس نفس النظام بقدر الإمكان، دائمًا.

يرى تشومسكي أن المشاكل في مصر كانت خطيرة، وانتهت إلى ديكتاتورية شرسة هي الأسوأ في تاريخ مصر، مدعومة بقوة من الولايات المتحدة ومن عالم الأعمال الذين يتدفقون إلى مصر لعقد المؤتمرات الاقتصادية لحساب ما يمكنهم جنيه من أموال الشعب المصري المسروقة في أشد لحظاته يأسًا. ثم يسأل: هل بإمكاننا أن نتوقع وجود وسائل لمواجهة كل هذا؟ واستطرد مجيبًا أنها موجودة وممكنة. في الولايات المتحدة وفي مصر كذلك.

الإمبريالية الأمريكية اليوم: حلفاء وأعداء
ينتقل تشومسكي بعد ذلك متحدثًا عن أن الفوضى في بيت ترامب الأبيض تصعب مهمة إيجاد استراتيجية متماسكة تحكمه. لكن ما يُلاحظ بشكل جلي، هو الجهد المبذول لخلق أممية تضم أكثر الدول رجعية واستخدامها لتكون أساس المرحلة لتحقيق المصالح الإمبريالية الأمريكية، فيشير إلى الشرق الأوسط الذي نجد منه مصر السيسي والديكتاتوريات العائلية في الخليج وإسرائيل في قلب الموضوع حيث يتعاونون جميعًا الآن بشكل شبه علني، ثم يذكر مودي في الهند وخلقه لديكتاتورية هندوسية عنصرية شرسة تحاول أن تدمر الأقلية المسلمة الضخمة وأن تفكك الديمقراطية العلمانية الهندية. وإلى أوروبا حيث توجد دول مثل المجر بقيادة أوربان متجهة نحو الفاشية وسالفيني في إيطاليا حيث يبني شيئًا يشبه الفاشية الإيطالية القديمة. وانتهاءً بأمريكا اللاتينية ومثالها الأهم الرئيس البرازيلي بولسونارو الذي ينافس ترامب على من سيكون الشخصية الأكثر شرًا في العالم الحديث.

وبعد الحلفاء، ينتقل تشومسكي للحديث عن الأعداء المحددين للولايات المتحدة، حيث تمثل إيران عدوها الرئيسي. ويشرح سبب ذلك محيلًا إلى تقارير الاستخبارات الأمريكية للكونجرس، بأن نفقات إيران العسكرية منخفضة للغاية بمقاييس الشرق الأوسط، فسياستها الاستراتيجية تجاه الولايات المتحدة هي الردع، والتفكير في تطوير أسلحة نووية – الذي قد يكون حقيقة أو لا – هو جزء من هذه السياسة. لكنه يتساءل من قد يقف ضد وجود سياسة الردع سوى الدول المارقة التي ترغب في احتكار القدرة على استخدام القوة بدون عوائق؟ ومن غير إسرائيل والولايات المتحدة الذين لا يمكنهم احتمال وجود رادع؟ ثم يذكر أن إمكانية الحديث عن هذا الأمر في مصر أكبر منها في الولايات المتحدة.

بذكر إيران يذكرنا تشومسكي بحل مطروح لمشكلة الشرق الأوسط الملتهب والخطر الذي قد تمثله إيران بسبب أسلحتها. هذا الحل البسيط طرحته مصر منذ تسعينيات القرن الماضي بإعلان منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط. وهو ما تم بالفعل في الاتفاق الأخير مع إيران، والذي مزقه ترامب بينما كان الاتفاق يسير بشكل جيد ومراقب بشدة.

الديمقراطية في الشرق الأوسط: صراع مستمر
ينقلنا الحديث إلى الشرق الأوسط، ويتعجب تشومسكي من الذين يدعون أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، ويرد على ذلك بأنه تفكير معيب، يتجاهل تفاصيل العنصرية الموجهة إلى نصف السكان داخل حدود دولة الاحتلال، حيث يعاني العرب وغيرهم من اضطهاد دائم وطبقات عديدة من المواطنة، لا تشبه إلا سجن كبير. وفي العالم العربي، يقول المؤرخ، حدثت أول انتخابات ديمقراطية في فلسطين عام 2006، والتي تمت مراقبتها والاعتراف بها كانتخابات عادلة وحرة، لكنها جاءت بما لا تشتهي الولايات المتحدة، فبدأت فورًا في تنظيم الانقلاب العسكري، وزادت إسرائيل من نشاطها الإرهابي ضد غزة فضلًا عن حصارها الاقتصادي، وانساق الاتحاد الأوروبي، لعاره، وراءها. تصبح الانتخابات عادلة ومقبولة فقط إذا فاز مرشحك. هكذا يفكر الأقوياء، ولتسقط كل النتائج الأخرى. تحدث كذلك عن لبنان التي لديها انتخابات شبه حرة بنظام المحاصصة الطائفية الذي تركه الاستعمار الفرنسي، والذي، في الحقيقة، يعطل نمو ديمقراطية حقيقية. ثم هناك ملامح محدودة لديمقراطيات مثل الكويت. في الغالب تهيمن الديكتاتوريات على أنظمة الحكم العربية.

لا يظن تشومسكي أن الربيع العربي قد مات، بل يعتقد أنه كان سيغير الوضع كثيرًا، وأن ما حدث دفعه إلى التقهقر، ورغم ذلك تظل القوى التي شكلته موجودة، وستنهض مرة أخرى في عملية طويلة. يحيل نعوم تشومسكي إلى جلبير الأشقر الباحث اللبناني في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، والذي قال مبكرًا أثناء الربيع العربي أنها خطوة مهمة لكنها فقط الخطوة الأولى في سيرورة ممتدة لتحطيم المؤسسلات الاستبدادية وثقافة الاستعباد. يذكرنا كذلك بما حدث في مصر من تظاهرات محدودة منذ أشهر كدليل على الإمكانية، والنشاط العمالي كدليل آخر. وحتى في الديكتاتوريات العائلية يمكننا أن نرى ذلك، عندما يدفع الشباب السعودي أثمان غالية للمضي نحو إنهاء أسوأ التعاليم المفروضة عليهم من القيادة الدينية الوهابية، ويحرزون بعض التقدم، وهي عملية يمكن أن تستمر.

البشرية في عصر فيروس كورونا والتغير المناخي
ينتقل الكلام عن البيئة، ويحذر تشومسكي أن العالم لم يعد يملك الكثير من الوقت لتفادي الكارثة البيئية التي تحدق بحياتنا. ويعود إلى أرامكو كمثال على استهتار الشركات الكبرى بالبيئة الذي سيؤدي إلى تسميمها، ما لم تتخذ الدول المسؤولة عن ذلك خطوات جادة. وعن الفيروس، يحذر تشومسكي من أنه لم يظهر مداه الحقيقي لأنه لم يضرب الدول الفقيرة بعد، حيث سيصبح الأمر كارثة في العشوائيات الأكثر فقرًا في مصر مثلًا. وتتجلى الأنانية في متابعة أزمة نقص أجهزة التنفس الصناعي حول العالم، إذ تحاول كل الدول الحصول على نسبة ما، لكن الدول الغنية تحتكر إمكانية الإنفاق، وفي هذه اللحظة الصعبة قد يموت الملايين في أماكن فقيرة، بسبب سلوك سادي ومعادٍ للإنسانية، وفي ظل بيئة تنافسية لا تفصح إلا عن عالم مريض، يزداد ضيقًا.

ويسأل أين “الاتحاد” الأوروبي في سيطرة ألمانيا على الفيروس، بينما يعاني ويموت آلاف الناس على بُعد أميال في شمال إيطاليا؟ ويجيب عن ذلك بأن الاتحاد هو ما فعلته كوبا حين طلبت إيطاليا العون من وراء المحيط الأطلنطي، فجاءها الأطباء الكوبيون، كما ذهبوا إلى الصين الأكثر إصابة، وذهبوا قبل سنوات لإغاثة السكان بعد زلزال باكستان الذي خلف قرى تدمر وناس تموت. ويشرح لنا كيف خرج مانديلا من السجن فكان أول ما فعله مدح كاسترو بسبب مساهمة كوبا في حركات التحرر في إفريقا، في تحرير ناميبيا وإضعاف نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. الإنسانية والتضامن الأممي غير مستحيلان، وسيكون من الضروري الارتقاء إلى مستوى حضارة وثقافة الدول التي تمارسهما.

على النقيض من كوبا وعلى الناحية الأخرى من البحر، نجد ترامب يلغي بالكامل المعونة الموجهة لمستشفيات منظمة الأونروا بفلسطين، وشرح أسباب ذلك بأن الفلسطينيين لا يحترمونه بما فيه الكفاية. هكذا يريد ترامب للجميع إما أن يمسحوا حذاءه ليعطيهم بعد العملات أو يعارضونه فيخنقهم. هذه هي أمريكا ترامب، وتلك هي كوبا التي تخضع لعقوبات أمريكا القاسية منذ استقلالها.

صفقة القرن
يسميها تشومسكي صفقة قرن كوشنر-نتنياهو، إذ أن نتنياهو هو من حركها في البيت الأبيض لتبدو كأنها فكرة الولايات المتحدة. لكنه يخبرنا أن رد الفعل المناسب هو الضحك بعد إلقائه بعيدًا، فهو لا يستحق حتى ذلك، ويتعجب لماذا يعطيها الناس أي اهتمام. ثم يعلق قائلًأ: إن أردت أن تعرف ما هي صفقة القرن في الواقع انظر إلى الجناح اليميني للخارجية الإسرائيلية. وتابع: إن واقع السياسة الأمريكية مؤيد لإسرائيل على أي حال، الجديد أن ترامب كشف لنا سياستهم بقبحها وساديتها، وهو ما يليق بشخصيته ونظرته للعالم، والآن هي مكشوفة للجميع. أما دولة الاحتلال، فسياستها هي الأكثر وضوحًا، وهي خلق إسرائيل العظمى بضم المزيد من الأراضِ المحتلة وإقامة المستوطنات والبنى التحتية في المناطق ذات الأهمية. أما المناطق الأخرى فتتركها لملايين الفلسطينيين، حيث يُستبعد العرب من “الدولة اليهودية الديمقراطية” فلا تزيد أعدادهم داخل الحدود.

ويعيش ما يتبقى من الشعب الفلسطيني في مئات من المناطق الصغيرة الغير صالحة للحياة، حيث ينتزع الفلاحين من أراضيهم وتتوزع الكمائن في كل مكان، فتصبح الحياة مستحيلة، ويصبح الأمل الوحيد هو رحيل الفلسطينيين بشكل ما في أحد الأيام. كانت هذه ومازالت سياسة كل الحكومات الإسرائيلية، حتى المسالمين المزعومين مثل شيمون بيريز والذي كان مسؤولًا عن توسيع الاستيطان ليتعمق داخل الضفة الغربية في المناطق التي تسميها إسرائيل يهودا والسامرة. قبلت الولايات المتحدة بذلك. في العلن قالت أنها لا تحب ذلك وترجو منهم ألا يفعلوه، لكنهم كانوا ولازالوا يمولونه على كل حال. في النهاية هذه الصفقات لا تستحق انتباه المعلقين ولو للحظة.

الرأسمالية والصين وأمريكا
وعن الصين، يرى تشومسكي أنها مجتمع متنامٍ لكنها تظل بلدًا فقيرًا بالنظر مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، فعلى مقياس صحة المجتمع مركز الصين حول 90 ومركز الهند حول 130. كل هذا الحديث عن سيطرة الصين والهند على العالم هو بارانويا خالصة. الولايات المتحدة فقط في العالم تمتلك إمكانية توقيع عقوبات. وهي لديها أكثر من 1000 قاعدة عسكرية في أنحاء العالم، ويمكنها تجاوز الإنفاق الكلي للعالم بإنفاقها العسكري فقط، ولديها مزايا استثنائية لا تشاركها فيها دولة أخرى مثل المساحة الشاسعة والموارد الضخمة. ثم ينتقل إلى تاريخ تكوين المجتمع الأمريكي الأول والثروة التي تراكمت بعد قدوم الأوروبيين وإبادة السكان الأصليين ثم إقامة الاقتصاد على العبودية.

يخبرنا تشومسكي هنا أن تاريخ اللامساواة والظلم لا يزال ممتدًا وإن بأشكال مختلفة، حيث يذكر تذيل الولايات المتحدة قائمة الدول الغنية للعدالة الاجتماعية حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهذا الأثر تركته إدارة قطاع الأعمال الاستثنائية على طبيعة المجتمع. ضمن هذه الآثار المدمرة يتكلم العالم الأمريكي عن النظام الصحي الكارثي الذي يكلف ضعف تكاليف الدول المماثلة ويخرج أسوأ النتائج. الآن يعاني هذا النظام بشدة لأنه في النظام النيوليبرالي يتم اتباع نموذج تجاري، لا يهدر مالًا لشراء سرير زائد، فما يسمونه الكفاءة يعني أن هناك فقط ما يكفي لتغطية الظروف العادية، ولكن كما نشهد الآن، في الظروف الخارجة عن الإطار الطبيعي، فيمكن للكوارث أن تحدث، عندما يضطر الأطباء والممرضون لاتخاذ قرارات مؤلمة حيال من سيُقتل اليوم، لأنه لا توجد أجهزة تنفس كافية للجميع.

يشير تشومسكي مرة أخرى إلى ترامب وقراراته، فلم يأخذ الأمر بجدية منذ يناير حين علم الجميع أن هناك جائحة شاملة قادمة. فماذا فعلت إدارة ترامب؟ يسأل، ويجيبنا بأنها كانت ترسل أجهزة التنفس والأقنعة والمعدات الطبية خارج الولايات المتحدة إلى الصين ودول أخرى، حتى جاء مارس وأدرك ترامب أن الأمر ليس نكتة، بدأوا في استيراد نفس الأجهزة والأقنعة، وكل هذه الأموال ذهبت وعادت لشركات الشحن والشركات الوسيطة. يشير في هذا الإطار إلى العقلية السائدة في واشنطن، عندما خرج ترامب بميزانية تنص على التخفيض المستمر للإنفاق على مركز مكافحة الأمراض وكل أجزاء الحكومة المرتبطة بالصحة. يفعل ذلك منذ بداية رئاسته، في الوقت الذي ينفق فيه على الإعانات الضخمة لصناعة الوقود الأحفوري وعلى الجيش. هذه هي عقلية العصابة الإجرامية في أقوى مرحلة من تاريخ العالم.

ويحكي في هذا السياق قصة تصف الحد المدهش الذي وصلت إليه الولايات المتحدة من إثارة الرهبة والكراهية حول العالم، ليس في الصحافة العربية فقط، فقد نشر على الإنترنت مقال يحتال اسمه ويدعي أن الولايات المتحدة بدأت فيروس كورونا حتى تقتل الناس وتسيطر على العالم. يحكي المفكر عن الرسائل التي جاءته من كل أنحاء العالم تشكره على قول الحقيقة أخيرًا، معبرًا كيف جعلت كراهية أمريكا الناس يصدقون أي شئ. وينتهي بأنه لا يمكن فعل شئ حيال كل ذلك حتى يتمكن شعب الولايات المتحدة نفسه من تفكيكها وتحويلها إلى مجتمع أكثر حرية.

صعود وهبوط ساندرز ومستقبل السياسة الأمريكية
انتهى الحديث مع نعوم تشومسكي بسؤاله عن رأيه في مسيرة ساندرز ومستقبل السياسة في أمريكا، فكان راضيًا عما وصل إليه ساندز وحملته، رغم اكتئاب الشباب الذين عملوا من أجل أن ينجح ذلك ويحملون أنفسهم مسؤولية الفشل. وأشار إلى ظاهرة غريبة في السياسة الأمريكية الحديثة وهي أن كل حركة سياسية تبدأ من الصفر، ومن الشباب في الغالب، ولكنها سرعان ما يتم إحباطها لتبدأ موجة بعدها من الصفر وهكذا دون تحقيق تراكم، واستشهد بالتراكم الذي حققته الحركات الاجتماعية مثل مناهضة العبودية وحقوق المرأة والربيع العربي، كلهم يتحركون إلى الأمام ويتعرضون للانتكاسات، لكنهم لا يستسلمون ولا ييأسون. وعن رضاه عما حدث، يشرح تشومسكي كيف حققت حملة ساندرز نجاحًا ساحقًا ومؤثرًا، إذ غير بالكامل ساحة النقاش وحتى تشكيل السياسات في الولايات المتحدة: من التأمين الصحي الشامل مرورًا بالتعليم العالي المجاني ووصولًا إلى حقوق العمال والأجور المناسبة، التي أصبحت كلها، أخيرًا، محط الأنظار.

ويشير كذلك أنه أظهر أنه يمكنك إدارة حملة سياسية بنجاح دون الاعتماد على الثروات الخاصة وسلطات الشركات، في قطيعة مع قرن من التاريخ السياسي الأمريكي. هذه النجاحات يرى أنه يمكننا البناء عليها، بدلًا من العودة للمنزل والبكاء.

ويختم تشومسكي حديثه بالإشارة إلى أن هذا الكلام ينطبق أيضًا على الربيع العربي، الذي حقق الكثير وجعل الناس يدركون أن هنالك ما يمكن فعله رغم قسوة الديكتاتورية. لقد أوضح ساندرز في خطاب انسحابه أنها ليست نهاية الحركة السياسية: الحملة الانتخابية ستنتهي، لكن الحركة ستستمر، ويقع على عاتق الشباب أن يعطوا بُعدًا ملموسًا لهذه الكلمات، أن يجعلوها حقيقة. ذلك ممكن، وإذا فعلوا ذلك سيكون عالمًا أفضل بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس