الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصخصة، وراسمالية مافيا، وكمبرادور في العرق تغيير في التركيب الطبقي

عادل سمارة

2003 / 4 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



رام الله المحتلة

بعيدا عن التشكي والتباكي على الضحايا من الشعب العراقي، وبعيداً عن  المزاعم بأن أحداً غير الولايات المتحدة سيكون له دور في العراق تحت الاستعمار، فإن الاستعمار الاميركي في العراق يتابع برنامجه المرسوم سلفاً. وقد لا  نبالغ بالقول ان ارشيفات الطبقة الراسمالية الحاكمة في الولايات المتحدة ستكشف ان احتلال العراق كان يتم العمل عليه منذ سقوط النظام الملكي هناك عام 1958. 

نؤكد هذا اذا وضعنا بالاعتبار معلومتين على الاقل وهما: ان الولايات المتحدة كانت منذ رئاسة ترومان 1949 قد وضعت خطة لتدمير آبار بترول الوطن العربي مخافة ان يضع السوفييت يدهم عليها، وأن العراق كان اول دولة في أوبك تقوم بتأميم النفط.

اما وقد تم احتلال العراق الآن فإن الاستعمار بمحتواه الجديد المعولم سوف يستعمر العراق بطريقة تجمع بين الاستعمار القديم والمعولم معاً. وهنا يكون للخصخصة موقعها في تغيير المبنى الاجتماعي/الطبقي للعراق. كانت الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة قد كشفت عن خطتها فيما يخص المسألة الطبقية في الوطن العربي قبل حوالي عشر سنوات، اي في اعقاب مؤتمر مدريد حيث قال وزير خارجيتها : " لا بد من توسيع شراكة الحكم في الوطن العربي  بحيث تشمل القطاع الخاص".

ان هذا امر غاية في الاهمية في هذه الفترة. فالولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالارتكاز  في الحكم على النخب الحاكمة (زمرة انقلابية، حزب مقلوب على رأسه، اسرة ذات سلالة...) بل تبحث في حقبة العولمة عن جزء من الطبقات الاجتماعية كي ترتكز عليها وتدافع عن مصالحها وهذا يتطلب قاعدة طبقية واسعة نسبياً. فلم تعد مصالح النخبة الحاكمة  كافية لاستمرار التبعية وتسهيل نهب الفائض من البلد حتى وإن كانت هذه النخبة محمية بجهاز بوليسي مبني على طريقة انكشارية متراكبة على فردية رأسمالية، لا يعرف اي انتماء مجتمعي. فحتى هذا الجهاز لم يصمد في ايران ونيكاراغوا، مما يجعل احتمال تفككه امام ثورة شعبية امراً ممكنا في حالة الوطن العربي، وعلى ضوء حراك الشارع العالمي ضد الحرب والعولمة.
وعليه، لم يكن العراق فرصة او ساحة لتجربة الاسلحة الاميركية الجديدة في القتل وحسب (حيث رافق الجيش المعتدي على العراق طواقم من شركات الاسلحة الاميركية لتجربة ما صنعته)، بل سيكون ساحة لتجربة سيناريوهات طبقية، بمعنى إعادة تركيب المبنى الطبقي للمجتمع العراقي على ضوء متطلبات مصالح العدو الراسمالي الاستعماري (الطبقة الحاكمة الاميركية) وهي مصالح تصاغ بتحديدات من:
- حقبة العولمة
- الارتباط بالراسمالية الاميريكية
-  الارتباط بالطبقة الحاكمة في شبه المركز الصهيوني.

من هنا بدأ الحديث عن خصخصة النفط العراقي. وهذا يعني إعادة بيع آبار النفط ومصافيه وشركاته...الخ باسعار زهيدة لشرائح من المجتمع العراقي جاهزة كي تلعب دوراً مركَّباً من (المافيا والكمبرادور). وهي شريحة لها ممثليها المعروفين مثل أحمد الجلبي المتهم بالتزوير واختلاس بنك انترا في الاردن والمحكوم غيابيا (21) سنة سجناً. لعل الفارق بين هذه المافيا والمافيا الروسية، ان الروسية اقل كمبرادورية لأن القاعدة الصناعية الموروثة عن الاتحاد السوفييتي اكثر تطورا واتساعاً من نظيرتها في العراق.

لعل الولايات المتحدة قد أعادت قراءة تجربة قناة السويس في مصر حيث كان للبريطانيين والفرنسيين حصصاً في ملكية القناة. اما اليوم في حقبة العولمة فسيتم الى جانب بناء طبقة مافيا/كمبرادور شراء حقول وآبار النفط  بالاشتراك مع الشركات الاميركية الكبرى. وذلك عبر تعاقد من الباطن بدرجات منها:
- ان تشترى هذه الموجودات باسهم لشركات امريكية وعراقية
- ان تكون هناك تعاقدات من الباطن تكون الشركات العراقية قد باعت حصصها للشركات الاميركية.
- أو ان هذه الشركات العراقية كانت في الاساس قد استدانت راسمال حصصها من الشركات الاميركية.

وقد يتم ما تم في روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، او الاسترشاد به، حيث بيع القطاع الصناعي الحكومي باسعار رخيصة الى مستوى خيالي. فقد بيع مصنع ذخيرة كان ينتج على مستوى عالمي بقيمة فرن خبز صغير في سويسرا. وبهذا تتمكن الراسمالية الاميركية والمافيا العراقية من امتلاك حصص في آبار النفط بقروش قليلة. وبعبارة اخرى يتم انتاج راسمالية راقية بدون رأسمال.

سوف تقترن هذه بتطورات سياسية نذكر منها في هذا الصدد الاستيطان الاقتصادي الصهيوني في العراق، بمعنى ان شركات صهيونية سوف تشتري موجودات عراقية، وهذا يعزز ما كتبناه مراراً بأن الكيان الصهيوني سوف يستفيد من احتلال العراق على مستويين:
الاندماج المهيمن اقتصاديا وعسكريا في المنطقة
وتصفية حق العودة.

لذا، ليس غريباً ان وزير المالية الصهيوني بنيامين نتنياهو يناشد راس المال الصهيوني الذي يستثمر في الجمهوريات السوفيييتة الاسلامية السابقة للاستثمار داخل فلسطين المحتلة. فهل طرأ تطور وازدهار الى هذا الحد في الكيان؟ ام ان الامر هو تجميع القوة المالية الصهيونية للاستيطان المالي في العراق!. ان مجرد طرح الخصخصة في العراق هو مقدمة "للتشريع" لفتح ابواب الاستثمار الاجنبي والبيع "الحر" لأي راسمال.
المهم في الامر، ان ملكية الحقول والآبار ستكون قد تحولت بمعظمها لمشترين امريكيين واسرائيليين بشكل اساسي. وهذا يعني بداية الاستيطان النفطي للكيان الصهيوني في العراق.

ولاستكمال الصورة، فقد بدأ الحديث عن دور للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهي مؤسسات مالية تقودها الولايات المتحدة بشكل واضح، وعليه، ستساعد هذه على الاستيطان المالي الصهيوني في العراق. ولتجذير الاستعمار الاميركي، لا شك ان البنك والصندوق سيقوما باقتراح دولرة العراق. وما دام النظام السياسي التابع مدولراً بشخوصه، فإن دولرة العملة ستحظى بتسهيلات كبيرة.

لم تكن الراسمالية قد أزيحت من عراق حزب البعث. ولكن بالمقابل، لم يكن لطبقة الكمبرادور ذلك الدور. وحتى الراسمالية المحلية لم يكن لها دور كبير. كانت هناك توجهات "انفتاحية" في العراق بعد عدوان 1991. لكنها لم تصل حد اعطاء دور للكمبرادور. والذي يبدو ان الخصخصة سوف تستبدل الطبقة البيروقراطية التي كانت تحكم العراق بطبقة خائنة وطنياً ومعادية قومياً. وعليه، فإن استغلالا مضاعفاً سيقع على الطبقة العاملة في العراق والتي سوف يزداد عددها بشكل هائل بعد ان تفكك الجهاز البيرقراطي والعسكري للدولة.

ان العراق مفتوح اليوم لحالة من النهب تبدأ من لص خارج من السجن الى اثنية موتورة ضد اثنية اخرى وصولا الى تنافس وتناحر دول/راسماليات المركز (امريكا، بريطانيا ، فرنسا، المانيا، وحتى روسيا) على تقاسم ثروات العراق المنهك.

صحيح ان هذه الضواري الراسمالية الامبريالية ليست بصدد الاحتراب على ثروة العراق، ولكن هذه التجربة في صراع التقاسم تحمل في طياتها احتمالات مها:
- هل تقوم راسماليات اخرى باقتناص اقطار اخرى في المحيط طالما ان الاحتلال المفتوح اصبح ممكناً؟
- او هل يتم تقاطب راسمالي امبريالي ضد الولايات المتحدة؟

في حالة حصول هذا او ذاك او كليهما، يظل مستقبل المحيط وخاصة الوطن العربي عرضة لاستعمار منفرد او متعدد.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها