الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن الخاضع: كيف يُستنزف العمل الفني تحت وطأة رأس المال

أحمد عبد الفتاح

2020 / 4 / 26
الادب والفن


("ضد مجهول" : قصة أغرب وأسهل سرقة من وسط القاهرة.)
بهذا العنوان نشرت صحيفه اليوم السابع مقالا لتذكرنا بمرور عشرة سنوات علي سرقة لوحه زهرة الخشاش، للفنان العالمي فان جوخ، من متحف محمد محمود خليل، بوسط القاهرة، اللوحه الذي يقدر ثمنها ب٥٥ مليون دولار امريكي!

كثيراً ما تحدث حالات سرقه مشابهه، للوحات عالميه، لفنانين أجانب ومصريين وتسجل تحت ذلك العنوان التعسفي "ضد مجهول".

لا يصدّق البعض أن عدد الأعمال الفنية المسروقة في العالم قد بلغ " 180.000 " عملاً فنياً موزعاً بين اللوحة الزيتية، والمائية، والرسم التخطيطي، والطباعي وما الى ذلك. وربما تزداد غرابة القارئ حينما يعلم بأن عدد لوحات بيكاسو المسروقة قد بلغت " 487 " وقائع

اعمال فنيه بمبالغ طائلة تُنهب كل عام من المتاحف العامه، التي هي ملك الشعب، لتحرم المواطن العادي من التمتع بفن فنانيه، ولكن هل هذه الأحداث التي يرجعها البعض الي الخلل في النظم الأمنيه للمتاحف وانعدام الضمير عند بعض المسؤلين، أقول هل هذه هي الأسباب الحقيقية لتلك الظاهرة؟ ذلك ما سنوضحه الآن.

الثلاثاء، 31 مارس 2020 04:30 م
كتبت نفس الصحيفة المشار اليها أنفا، "فى ظل انشغال العالم بمتابعة آخر المستجدات التى تجد حول فيروس كورونا الوبائى، أعلن متحف "سينجر لارين" في هولندا، عن قيام مجموعة بسرقة لوحة "دير نونن في الربيع"،  مساء أمس، وكان فان جوخ قد رسمها في عام  1884 أثناء إقامته بمنزل والده، وتسببت عملية سرقة اللوحة فى حزن هولندا على ضياع ثرواتها الفنية التى لا تقدر بثمن فى هذا الوقت، ولكن من الممكن عودة اللوحة من جديد للمتحف والقبض على اللصوص."

وتلك الواقعة التي تعرض لها ذلك المتحف وتلك الفنان هي الثالثه، وهناك من وقائع سرقة اللوحات الفنية ما لا حصر له، بداية من العالم الأول، ونهاية بالعالم الثالث، لنجد أنفسنا أمام واقع، لا يمكن تفاديه، وهو أن تلك الظاهرة ليس لها علاقه بوجود خلل ما أو فساد إداري في بلد نامي وان كان هذا صحيح، لسبب واضح بشكل جليِ وهو ان تلك الحوادث تحدث في قلب بلدان العالم الأول التي تستخدم أنظمه حماية متطورة وصارمه.

حادث سرقة لوحه فنيه، كأي حادث سرقة، هو ليس إلا نتاج نظام اقتصادي إجتماعي أدي إلي وجود بعض المقدمات التي تدفع بعض الأفراد الي ارتكاب عمليات السرقة هذه.

فإذا كان هناك بعض الأفراد، يسوقهم الواقع المتهالك إلي البحث عن الثراء السريع، من خلال السرقة فهذا ليس نتاج خلل ضمائرهم (وإذا انساق بعض الناس الي هذه النتيجه فهم كأنهم يحيلون تلك الوقائع إلي شبخ خفي يدعم تلك العمليه ويجعلها تستمر وتدوم لانهم لا يمسكون بسبب مادي يجعلهم قادرون علي انهاء تلك الافعال الغير إنسانية) ، وانما نتاج النظام الذي ساقهم ودفعهم من البدايه الي تلك الافعال، وهو أيضا نفس النظام الذي ذهب إلي تسليع الفن بدايه من عمليه دراسته وإنتهاء بالعمل الفني.

ما الذي يجعل عمل فني ملك حضارة انسانيه لشعب ما، عمل لا يقدر بثمن إلي تثمينه بمبالغ بهاظة سوي قانون من قوانين النظام الاقتصادي الاجتماعي لذلك المجتمع، أي قانون العرض والطلب، ماذا يعني خضوع كل شئ في المجتمع الي سلطة المال سوي أنهم يقولوا بشكل صريح لبعض المسؤلين عن حمايه تلك الأعمال أو بعض اللصوص "هيا اسرقوها الثراء في انتظارك" .

ولكن، هل رغبه الرأسماليين في اقتناء الأعمال الفنية بسبب فقط حبهم للاستمتاع الفردي بالأعمال الفنيه؟ وهل رجال الأعمال جديرون بالمحافظة علي تلك الأعمال الفنيه؟

"يقول أدريانو بيسيناتي دي تورسيلو، المنسق المالي في شركة ديلويت للفن، إن اللوحات الفنية تعد أيضا استثمارات جذابة لأنه يكون من الواضح تماما ما يشتريه المستثمر.

وأشار تقرير لديلويت عن هذا القطاع أنه بعد انخفاض في سوق الفن العالمي طوال عام 2016، شهدت مبيعات المزادات تعافيا في الأشهر الستة الأولى من عام 2017.

ويقول السيد بسيناتي دي تورتشيلو إن هذا الانتعاش يعود جزئيا إلى رغبة المستثمرين في الحصول على "أصول حقيقية".

موضحا أن العديد من المستثمرين فقدوا المال خلال الأزمة المالية بسبب الاستثمار في منتجات لم يفهموها، لذلك فقد قرروا العودة إلى الأشياء الواضحة والمعروفة مثل الاستثمار في الفن."

ليس هذا وفقط، فقد تعد الاعمال الفنيه أداة لحفظ رأس المال مع الحصول علي عوائد علي ذلك رأس المال دون دفع ضرائب عنها فقد " أشار موقع (فوكس) الأميركي؛ إلى أن الأشخاص الذين يحتفظون بهذه الأعمال الفنية، باهظة الثمن، ويكافحون من أجل إمتلاكها، لا يدفعون الضرائب الكافية ويُعتبر مدى استخدام المقتنيات الفنية، للتهرب من دفع الضرائب، غير معروف، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تعقيدات “قانون الضرائب الدولي” والآليات المعقدة التي يستخدمها الأثرياء لحماية ثروتهم من السلطات الضريبية. في عام 2017، كجزء من تحقيق وثائق “أوراق الجنة” السرية، وجد “الكونسورتيوم الدولي للصحافيين التحقيقيين” أن الأثرياء في “أوروبا” غالبًا ما يستعينون بالمحاسبين ومديري الثروة؛ لمساعدتهم على تجنب دفع ضريبة القيمة المضافة الإجبارية على المشتريات الفاخرة.

والآن، نجد أنفسنا أمام السؤال التالي: هل يفني الفنانين حياتهم، من أجل أن ينتجون وسيلة تكون مجرد أداه استثمارية، ضمن أدوات استثمارية كثير لتلك الطبقة المخمليه! في حين ان الكثير من الفنانين كانوا يعيشون حياة بائسة ويستطعون توفير الحد الادني من احتياجاتهم المعيشية وادواتهم الفنية بعد عناء، وخير مثال الفنان المذكور أعلي المقال والذي تتعرض لوحاته بين الحين والآخر مرة لعمليه سرقة واخري لعمليه تشوية نظرا لارتفاع ثمنها في حين انها كانت لا تساوي إلا قدرا قليل جدا من المال ولا تجد مشتريا عندما كان علي قيد الحياة.

ونختم بالإجابه علي السؤال الاخير. هل الراسماليين خير طبقة جديرة بالحفاظ علي الاعمال الفنيه؟

"وفقًا لتقرير جديد صادر عن صحيفة (الغارديان) البريطانية.
قام أطفال ملياردير بتدمير لوحة للفنان الأميركي، “جان باسكيات”، من خلال رمي رقائق الذرة عليها، وزاد أفراد الطاقم من الطين بلة عندما حاولوا مسح آثار تلك الحبوب.. وشهد يخت آخر حادث مؤسف؛ بعدما طار فلين زجاجة شامبانيا على لوحة بملايين الدولارات. ومن ناحية أخرى، أدى شجار بالوسائد بين أفراد طاقم أحد اليخوت إلى كسر مصباح قيمته 75 ألف جنيه
إسترليني دون قصد!"

والان أعتقد في تقديري، أن الفاعل الحقيقي والوحيد لكل عمليه سرقة لعمل فني في أي مكان كان، لم يعد مجهول مثلما ذكرت الصحيفة في أعلي المقال، وأن سرقة الأعمال الفنية من متاحف الشعب، وتركزها عموما في حوزة قله قليله من الرأسماليين، ليس إلا نتاج تركز رأس المال في أيديهم. وسيستمر تدمير شاهد هام علي حضارة الأنسان مثل التراث الفني، طالما بقي التسليع، أقول طالما بقي النظام الاقتصادي الإجتماعي القائم، طالما بقيت الرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو


.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع




.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا